Strong>تراجع الرئيس الفلسطيني محمود عباس عن تهديده بالانسحاب من المفاوضات في حال استئناف البناء الاستيطاني في الضفة الغربية، معلناً موقفاً آخر قوامه: «لا أستطيع القول إنني سأترك المفاوضات، لكن سيكون من الصعب بالنسبة إليّ متابعة المفاوضات في حال استئناف البناء»ذكرت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية أمس، أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس، لمّح خلال عشاء مع عدد من قادة اليهود في نيويورك أول من أمس، إلى أنه «لن يترك المفاوضات حتى لو لم تمدّد إسرائيل تجميد البناء الاستيطاني، ما لم يعلن رئيس الحكومة الإسرائيلية (بنيامين نتنياهو) عن مشاريع بناء جديدة». ونقلت الصحيفة عن أحد المشاركين قوله إن «عباس حاول إبداء مرونة كبيرة قدر الإمكان، وإقناع القادة اليهود بجدية نواياه ورغبته بالسلام مع إسرائيل». وفي بداية حديثه، تطرق إلى قضية تجميد البناء الاستيطاني. وخلافاً لتصريحات سابقة، لم يهدد بترك المفاوضات بعد انتهاء مدة التجميد، وإنما عرض موقفاً أكثر اعتدالاً يترك مجالاً لمواصلة المفاوضات.
وأضاف المصدر نفسه إن عباس «عرض ترسيم الحدود منذ الآن وخلال فترة قصيرة حتى يعرف الإسرائيليون أين يستطيعون البناء، على أن يجمّد الاستيطان في هذه الفترة». وقال إن عباس «لم يهاجم نتنياهو أو ينتقده، بل امتدحه، مشيراً إلى أنه: شريكي للتوصل إلى السلام».
ولدى سؤاله عن الاعتراف بيهودية إسرائيل، قال أبو مازن «إن الوجود اليهودي في المنطقة قبل آلاف السنين هو حقيقة، واليهود ووجودهم في المنطقة مذكور في ثلث القرآن، لكن يجب ألا تتحول عملية السلام إلى نقاش تاريخي وديني». وأضاف إن «منظمة التحرير اعترفت بحق إسرائيل في الوجود في عام 1993، في إطار اتفاقية أوسلو.
بعد ذلك، طلب منا تغيير الميثاق الوطني الفلسطيني وفعلنا ذلك. وبعد سنتين، وعند صعود نتنياهو إلى السلطة للمرة الأولى، طلب منا مرة أخرى تغيير الميثاق، كما طلبت الولايات المتحدة ذلك، وأجرينا التغيير. لا يمكن تكرار هذا الطلب كل بضع سنوات. لم يكن ذلك قائماً في اتفاق السلام مع الأردن أو مصر، ولن يكون قائماً مع سوريا أو لبنان». وأوضح أن «السلطة الفلسطينية تعترف بإسرائيل بحسب اسمها في الأمم المتحدة».
كذلك تطرق عباس إلى قضية الترتيبات الأمنية ومطالب نتنياهو بإبقاء قوات الاحتلال في الضفة الغربية لعدة سنوات. وقال إن «السلطة لا تعارض نشر قوات دولية في الضفة الغربية، ضمنها قوات أميركية أو قوات من حلف شمالي الأطلسي، لكن الفلسطينيين لن يوافقوا على وجود جنود إسرائيليين».
من جهتها، قالت الإذاعة الإسرائيلية «ريشيت بيت»، إن عباس أعلن «لا أستطيع القول إنني سأترك المفاوضات، لكن يصعب عليّ استئناف المحادثات إذا كان نتنياهو يعلن أنه سيواصل نشاطه في الضفة الغربية والقدس». وأضافت نقلاً عن مصادر في مكتب نتنياهو، إنهم «لا يتوقعون أن يوقف عباس المفاوضات في حال قرار مواصلة البناء الاستيطاني».
أما صحيفة «يديعوت أحرونوت»، فكتبت أنه في ظل المخاوف من تفجر المفاوضات، فإن عباس لم يكن قاطعاً في موقفه من مواصلة البناء الاستيطاني أمام عدد من قادة اليهود في الولايات المتحدة، وبدا «ليناً نسبياً».
وفي السياق، مدّد الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز مكوثه في نيويورك أربعة أيام أخرى، بعدما كان مقرراً أن يعود إلى إسرائيل أمس، بهدف محاولة منع تفجر المفاوضات. وأشارت مصادر إسرائيلية إلى أن بيريز «معني بإجراء اتصالات سياسية مع مسؤولين رفيعي المستوى في السلطة الفلسطينية في نيويورك».
وقال الناطق بلسان الخارجية الأميركية، فيليب كراولي، إن المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط، جورج ميتشل، أجرى عدة لقاءات مع مسؤولين إسرائيليين وفلسطينيين في نيويورك، وإن لقاءً واحداً على الأقل جمع الطرفين معاً.
في هذا الوقت، وبعدما بدا عباس كأنه رضخ للإصرار الإسرائيلي على استئناف البناء الاستيطاني، نشرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» تقريراً قالت فيه إن المستوطنين «يتوقعون أن يتمسك المجلس الوزاري بقراره بالعودة إلى البناء الحر في كل أنحاء الضفة الغربية»، مضيفاً إن «من المتوقع أن يبدأ بناء مئات الوحدات السكنية فور انتهائه». وتؤكد قيادة المستوطنين أن الحديث الذي دار أخيراً عن السماح ببناء 2000 وحدة سكنية فوراً هو صحيح، إلا أن العملية ستستغرق وقتاً.
وأوضح التقرير «من غير المتوقع أن تحرث البلدوزرات الضفة الغربية في السابع والعشرين من أيلول (الجاري) لبناء آلاف الوحدات السكنية، إلا أن من المتوقع أن يبدأ بناء مئات الوحدات في الأشهر التالية».
وبحسب التقرير، فإن 20 في المئة من الوحدات السكنية المخططة للبناء (2000 وحدة) هي في المستوطنات المنعزلة والصغيرة، فيما معظمها يتركز في الكتل الاستيطانية الكبيرة. وقال رئيس المجلس الاستيطاني (ييشاع)، داني ديان، «من الواضح أن إقامة 7 وحدات سكنية في مستوطنة صغيرة يعدّ احتفالاً للمستوطنين في المكان، إلا أن الكتلة الضخمة من الوحدات السكنية تنتظر التصديق عليها في أرييل وأفرات وبيت إيل وكريات أربع وبيتار عيليت وموديعين عيليت». وأضاف إن «الأمر منوط بالحكومة وبما تصادق عليه، وبالتعهدات التي قدمتها للولايات المتحدة. وفي حال منح السلطات المحلية في المستوطنات المقامة على أراضي الضفة الغربية، فإن عدد الوحدات التي يصدّق على بنائها سيرتفع على نحو ملموس، إذ يتوقع أن يرتفع إلى 3 آلاف وحدة سكنية قبل نهاية العام الجاري».
تجدر الإشارة إلى أن الرباعية الدولية كانت قد طالبت إسرائيل مجدداً بتمديد تجميد الاستيطان في الضفة الغربية. وقالت إن «المذكرة الإسرائيلية المهمة حول الاستيطان الصادرة في تشرين الثاني الماضي تركت أثراً إيجابياً وهي تدعو بشدة إلى تمديدها».
(الأخبار، أ ب)