دعم البرزاني رهن «الائتلاف الموحد» والصدر أبلغ السيستاني رفضه للمالكيإيلي شلهوب
عقم مفاوضات تأليف الحكومة العراقية يهدد بإثارة انتفاضة برلمانية يتوقع أن تظهر إرهاصاتها خلال الأيام القليلة المقبلة، فيما أحيا تسارع انسحاب قوات الاحتلال الضغوط الأميركية باتجاه تسوية ترضي نوري المالكي الذي يبدو دعم مسعود البرزاني له لا يزال رهن موقف الائتلاف الموحد حيث التيار الصدري يتمترس بعناده السلبي.
تخطط مجموعة من النواب المستقلين، ومعظمهم من النواب الجدد الذين ينتمون إلى القائمة العراقية، للاعتصام في مجلس النواب العراقي خلال الأيام المقبلة وإطلاق حملة تواقيع نيابية في ما يشبه الانتفاضة البرلمانية على كل من المالكي وإياد علاوي. وتؤكد مصادر معنية أن عدد أفراد هذه المجموعة تجاوز حتى يوم أمس 42 نائباً.
وتتحدث مصادر معنية عن تجدد الضغوط الأميركية في محاولة لتسريع تأليف الحكومة على وقع تسارع خطوات الانسحاب وتسليم القواعد العسكرية للقوات العراقية. وتقول إن «الأميركيين يخشون على ما يبدو أن يضعف تأثيرهم داخل العراق مع مغادرة الألوية القتالية وتقلص وجودهم العسكري في العراق. هم أصلاً لم يتمكنوا من تحقيق الكثير بوجود أكثر من 150 ألف جندي، فكيف الحال بعد انسحابهم، حتى ولو ضاعفوا عدد القنصليات؟». وتوضح أن «الأميركيين يعملون على سيناريوين: أن يتولى المالكي رئاسة الجمهورية ومعها الملف الأمني في مقابل تولي علاوي رئاسة الحكومة. أو أن تتحالف دولة القانون مع النواب السُّنة في العراقية بمعنى إخراج علاوي والنواب الشيعة فيها من المعادلة في مقابل تولي المالكي رئاسة الحكومة. ميزة هذين السيناريوين أن سوريا لا تمانع أياً منهما».
مصادر على اطلاع على أجواء دمشق تؤكد أن «السوريين لم يحركوا هذا الملف من أسبوع أو أكثر. هم لا يزالون يعملون على تعبيد طريق طهران لأياد علاوي، وقد أبلغوا الملك (السعودي) عبد الله بذلك في خلال زيارته الأخيرة لدمشق، علماً بأنهم أيضاً ملّوا من قصص العراقيين».
وفي السياق، أكد مستشار مرشد الثورة الإسلامية، علي أكبر ولايتي، أمس أنه «لا وجود لأي تباين» مع سوريا حيال العراق، مشيراً إلى أن «المواقف السورية متناغمة ومتناسقة مع المواقف الإيرانية». وقال ولايتي، الذي التقى نائب الرئيس السوري فاروق الشرع ووزير الخارجية وليد المعلم، إن «إيران وسوريا تحترمان أي قرار يتخذه الشعب العراقي بهذا الشأن، ونحن على ثقة بأن الشعب العراقي سيتوصل إلى تفاهم عما قريب بشأن تأليف الحكومة العراقية المرتقبة». ونفى ولايتي، من دمشق التي يزورها وزير الخارجية الإيراني منوشهر متكي اليوم، دعم إيران لأي «مجموعة خاصة (عراقية) على حساب مجموعة أخرى».
انطباع المرجعية هو أن أيّ تحالف بين المالكي والعراقية يعني تنازلات
وتؤكد مصادر وثيقة الاطلاع أن «زيارة المالكي لمسعود البرزاني جرت بنصيحة إيرانية، على قاعدة أن جلال الطالباني موقفه واضح، وهو مؤيد للتجديد لنوري المالكي»، مضيفة أن «ما أعلن في ختام الزيارة هو أنه لا خطوط حمراء لدى البرزاني لتولي المالكي رئاسة الحكومة. لكن أكثر من طرف راجع البرزاني في هذا التصريح حصل من الأخير على الجواب الآتي: هذا التصريح مجتزأ. أنا قلت لا خطوط حمراء، لكني أوضحت أن الأولوية بالنسبة إلينا هي للتحالفات التاريخية التي تجمعنا مع المجلس الأعلى. قلنا: اذهبوا وتحدثوا مع الائتلاف الوطني وكل ما يقبل به نوافق عليه». وتضيف المصادر نفسها أن «الائتلاف لم يستطع أن يقدم أي مرشح. حتى إبراهيم الجعفري، المرشح المضمر للتيار الصدري على ما كان يُروج، انكفأ عن الساحة منذ صدور بيان الائتلاف الموطني الذي أعلن في خلاله وقف التفاوض مع دولة القانون»، مشيرة إلى أنه «لا جواب حتى اللحظة لدى الصدريين على السؤال الآتي: من هو مرشحكم؟ أو حتى على سؤال: إلى متى سيستمر الوضع على ما هو عليه من العناد؟». أوساط المالكي تصف علاقة دولة القانون بالائتلاف الموحد بأنها «سيئة جداً، هم من سكّر الباب لا نحن. كيف يمكن أن تكون العلاقة مع طرف وقّع معك اتفاقاً مكتوباً ثم ضرب به عرض الحائط؟»، مشيرة إلى أن «المفاوضات مع العراقية تجري على قدم وساق. هناك ملفات كثيرة، كبيرة وصعبة، نعمل على حلحلتها».
وكانت مرجعيات قم قد مارست، أوائل الأسبوع الماضي، ضغوطاً على السيد مقتدى الصدر في محاولة لدفعه إلى الالتزام باتفاقه مع المالكي. غير أن الصدر تنصّل من هذا الاتفاق. كان جوابه، بحسب مصادر وثيقة الاطلاع، أن «الاتفاق كله ما عاد يعنيه، وأنه لن يرضح لأي ضغوط تحاول أن تلزمه به». كذلك بعث الصدر، يوم الخميس الماضي، بموفد إلى المرجع السيد علي السيستاني حمل إليه رسالة مكتوبة تؤكد أنه «خرج من الاتفاق نهائياً؛ لأن المالكي لم يلتزم بما تعهد به، بل هو أصلاً ما كان ليلتزم به»، على ما أكد أكثر من مصدر معني بهذا الملف.
وتقول مصادر عليمة بشؤون البيت الشيعي وشجونه إن «الانطباع المكون لدى المرجعية هو أن أي تحالف بين المالكي والعراقية يعني تنازلات»، مضيفة أن «بعض المراجع ما عاد لديهم مانع في تحالف الائتلاف الموحد مع القائمة العراقية، في ما لو اضطر لذلك، بل والتوصل معها إلى صيغة شراكة في الحكم بشروط ثلاثة: أن تتولى رئاسة الوزراء شخصية شيعية. لا مانع أن تكون من العراقية، لكن ليس علاوي. ألا تتعاطى العراقية بالملف الأمني، بمعنى ألا يتسلم أي من شخصياتها أي حقيبة أمنية». وتوضح مصادر من شركاء السر في مفاوضات تأليف الحكومة العراقية أن «الشرط الثاني لا معنى له، ذلك أن الشخصية الشيعية الوحيدة من القائمة العراقية المؤهلة لتولي رئاسة الوزراء، غير إياد علاوي، هي محمد علاوي الذي يرفض هذا المنصب. مشكلته في أنه نظيف الكف زيادة عن اللزوم». وتضيف أن «اجتماعاً عقد الأحد بين التيار الصدري والعراقية التي قالت لهم بوضوح: لنتحالف وخذوا الحصة التي تريدونها. كان جواب الصدريين: لو خيرنا بين علاوي والمالكي لاخترنا الأخير، إلا في حال كانت لديكم شخصية شيعية تستأهل هذا المنصب، وهو أمر غير متوافر».