علي حيدربعد حظر تام فرضته الرقابة العسكرية على القضية وما رافقها من خطوات، سمح لوسائل الإعلام الإسرائيلية بالكشف عن مفاوضات سرية أدارها وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان، مع السلطات الليبية، عبر رجل الأعمال النمسوي، مارتين شلاف، أثمرت إفراجاً عن الصحافي الإسرائيلي رفائيل حداد، الذي اعتقلته السلطات الليبية قبل نحو خمسة أشهر، في أعقاب دخوله الى ليبيا بجواز سفر تونسي. ووصل حداد، نحو الساعة الحادية عشرة تقريباً، من ظهر أمس، الى مطار فيينا على متن طائرة خاصة، حيث كان في استقباله وزير الخارجية الإسرائيلي.
وأعلن ليبرمان، بعد عودته إلى تل أبيب برفقة حداد، أنّ الدولة العبرية ستنفذ اتفاقاً مع ليبيا يقضي بتمويل الأخيرة أعمال بناء بيوت جديدة في قطاع غزة، في مقابل إطلاق السراح. ونقل موقع صحيفة «هآرتس» الإلكتروني عن ليبرمان قوله «إنّنا سننفذ كل ما تعهدنا به»، مضيفاً إنّ إطلاق سراح حداد كان «مفاجأة جيدة بكل تأكيد». ووصف ليبرمان المطالب الليبية في الشأن الفلسطيني بأنّها «مسؤولة»، وقال إنّ الليبيين «تصرفوا بمسؤولية ومطالبهم كانت معقولة ومنطقية، وأنا أحترمها». وأضاف إنه يريد تقديم الشكر إلى ليبيا وإنّه يعتقد أن التوصل إلى الاتفاق «لم يكن سهلاً».
وكان العضو العربي في الكنيست أحمد الطيبي قد كشف أمس عن أن مؤسسة صندوق القذافي التي يرأسها سيف الإسلام القذافي وقّعت اتفاقاً مع وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) للبدء في بناء 1250 بيتاً في قطاع غزة وفي المناطق التي دمّرت بيوت فيها خلال الحرب على غزة.
ووفقاً للرواية الإسرائيلية، بدأت القصة في شهر آذار الماضي، عندما توجه حداد الى ليبيا ضمن إطار وفد من قبل جمعية للحفاظ على التراث اليهودي في ليبيا، بهدف تصوير مبان تعود الى الجالية اليهودية في طرابلس. إلا أنّ الشرطة الليبية اعتقلته خلال تصويره أحد المباني، وجرى نقله الى أحد مقارّ الاستخبارات الليبية بتهمة التجسس. ومنذ ذلك الوقت فرضت الرقابة العسكرية حظراً على نشر أي معلومة عن هذه القضية.
وبحسب مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى، توافر لحداد اتصال بأقاربه في تونس، الذين أخبروا وزارة الخارجية الإسرائيلية عن اعتقاله من قبل السلطات الليبية. في أعقاب ذلك، بدأت إسرائيل اتصالاتها مع الولايات المتحدة وفرنسا وإيطاليا، التي كان لاستخباراتها الدور الأساسي في القضية، بحسب صحيفة «هآرتس»، بعد طلب توجه به رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لنظيره الإيطالي، سيلفيو برلوسكوني، إضافة إلى مطالبة منظمات يهودية في الولايات المتحدة.
إلا أنّ جميع المحاولات التي جرت عبر القنوات الرسمية باءت بالفشل، الأمر الذي دفع ليبرمان للتوجه الى رجل الأعمال النمسوي، مارتين شلاف، لكونه، بحسب التقارير الإسرائيلية، مقرباً من سيف الإسلام القذافي. وبعد اتصالات غير مباشرة، بين إسرائيل وليبيا، حاولت بموجبها الأخيرة عبر الوسيط النمسوي، ربط إطلاق سراح حداد بالسماح لسفينة المساعدات بالوصول الى قطاع غزة، وافقت السلطات الليبية على إطلاق سراح الصحافي الإسرائيلي.
في المقابل، ذكرت وكالة «يونايتد برس انترناشيونال» أنّ مصادر ليبية مطلعة أكدت أنّ طرابلس رحّلت «جاسوساً إسرائيلياً» إلى العاصمة النمسوية، فيينا، بعد تدخل وسيط أوروبي لم تحدده. وأكدت وكالة «ليبيا برس» الكثير من المعطيات التي أوردتها التقارير الإعلامية الإسرائيلية عن ظروف اعتقاله والفترة التي قضاها في ليبيا، وأنّه دخل الأراضي الليبية كتونسي.