اتهم باراك والجيش باتخاذ القرار... وتهرّب من الإجابة عن 6 أسئلةمهدي السيّد
أدلى رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، أمس، بشهادته أمام «لجنة تيركل» الحكومية لتقصي الحقائق في الأحداث التي رافقت الهجوم على أسطول الحرية. وما كاد نتنياهو ينتهي من الإدلاء بشهادته، التي حمّل خلالها وزير الدفاع إيهود باراك والجيش الإسرائيلي المسؤولية عن هذه الأحداث، حتى سارع مكتبه إلى نشر بيان صادر عن نتنياهو، رد فيه على الانتقادات في حقه، ومؤكداً أنه يتحمل المسؤولية الكاملة عن هذه الأحداث.
وكان نتنياهو قد قال خلال شهادته أمام «لجنة تيركل» إنه أصدر تعليمات لباراك تقضي بأن يركز الاستعدادات في إسرائيل لمواجهة الأسطول، وإن «وزير الدفاع هو العنوان الوحيد في هذا الموضوع»، وإن الجيش الإسرائيلي هو الذي قرر شكل مواجهة الأسطول والسيطرة على سفنه. وأضاف إنه قبل 5 أيام من مهاجمة السفينة «مرمرة»، أي في 26 أيار الماضي بحثت هيئة «السباعية» الوزارية في الجانب الإعلامي للعملية العسكرية الإسرائيلية ضد الأسطول، وأن هذه الهيئة لم تبحث في تفاصيل العملية ولا في انعكاساتها السياسية على إسرائيل.
وقد رأى العديد من وسائل الإعلام الإسرائيلية كلام نتنياهو هذا بمثابة إبعاد لكرة المسؤولية عن ملعبه ورميها في ملعب اللاعبين الآخرين، فيما وجه حزب «كديما» المعارض وقياديون في حزب «العمل» الشريك في التحالف الحكومي انتقادات شديدة لنتنياهو في أعقاب شهادته هذه، ما دفع نتنياهو إلى إعادة تصويب كلامه في البيان الذي أصدره في أعقاب تلك الانتقادات.
وقال نتنياهو، في بيانه إنه «كرئيس للحكومة فإن المسؤولية الكاملة تقع على كاهله دائماً، سواء وجدت في البلاد أو في خارجها، وهكذا سيكون في هذه الحالة أيضاً».
وجاء في البيان أيضا أن ما تناقلته وسائل الإعلام ليس دقيقاً وأن «وزراء السباعية استمعوا في ذلك الاجتماع إلى تقرير استخباري قدمه رئيس قسم الدراسات في شعبة الاستخبارات العسكرية، وتقرير آخر قدمه المدير العام لوزارة الخارجية». وأضاف إنه «جرى التوضيح أن الجهود السياسية العديدة لم تنجح على ما يبدو في منع وصول قافلة السفن، وأن الجيش الإسرائيلي سيطبق الحصار البحري (على قطاع غزة)، ووزراء السباعية بحثوا في طرق مختلفة حول كيفية تقليص الثمن السياسي والإعلامي لتطبيق الحصار».
وفي أوضح وصف علني لنتنياهو للجهود الدبلوماسية التي جرت خلف الكواليس والتي فشلت في النهاية في منع المواجهة، أبلغ نتنياهو لجنة التحقيق أن تركيا تجاهلت تحذيرات ومناشدات «على أعلى مستوى» قبل عدة أيام من الهجوم على أسطول الحرية. وقال «ابتداءً من 14 أيار أجرى مكتبي اتصالات مع أعلى مستويات الحكومة التركية».
وبحسب نتنياهو «كان الهدف من هذه الاتصالات منع حدوث مواجهة مع أسطول مرمرة واستمرت (هذه الاتصالات) حتى عشية وصول القافلة قبالة شواطئ غزة». واستطرد «برغم جهودنا الدبلوماسية المستمرة، لم تمنع الحكومة التركية في نهاية المطاف المحاولة من جانب مرمرة لخرق الحصار البحري... يبدو أن تركيا لم تر أن إمكان حدوث اشتباك بين الناشطين الأتراك وإسرائيل شيء يتعارض مع مصالحها». وأشار نتنياهو خلال شهادته إلى العلاقات الآخذة بالنمو بين إيران وتركيا، وأن هذه العلاقات جعلت تركيا لا تحاول منع إبحار أسطول الحرية باتجاه شواطئ غزة.
وعن الاستعدادات الإسرائيلية لمواجهة أسطول الحرية، قال نتنياهو «لقد طلبت في جلسة 26 أيار طرح اقتراحات بشأن قضايا إعلامية، فقد أردنا الاستعداد من الناحيتين السياسية والإعلامية والقيام بعملية عصف أدمغة، وجميع الوزراء (في «السباعية») قالوا إنه على الرغم من الضرر الإعلامي، ينبغي تطبيق الحصار بسبب أهميته للأمن».
وأضاف «لأنه وفقاً لرأي جميع الجهات يجب أن تكون العملية العسكرية المنفذ الأخير، فإن التعليمات كانت أنه يجب تنفيذها بحيث يكون هناك الحد الأدنى من الاحتكاك (مع نشطاء الأسطول). وقد بحث الجيش الإسرائيلي بدائل عدة وفقاً للتعليمات التي أصدرتها، ولكن وفقاً للتعليمات التي أصدرها وزير الدفاع أيضاً».
وعندما سأله رئيس اللجنة، تيركل، «الجيش هو الذي قرر ما الذي ينبغي فعله إذاً؟»، أجاب نتنياهو «نعم، هذا ما يحدث دائماً... المستوى السياسي يقرر السياسة والمستوى العسكري ينفذ، والجيش قرر دائماً طرق العمل لتطبيق الحصار وهو يقوم بعمله بإخلاص».
وأشارت وسائل إعلام إسرائيلية إلى أن نتنياهو تهرب من الإجابة عن عدد من الأسئلة وطلب الرد عليها خلال القسم السري من شهادته.
ووفقاً لصحيفة «هآرتس»، تهرب نتنياهو من الإجابة ما لا يقل عن ست مرات، حيث رفض الكشف عن العناصر من مكتبه التي أدارت الاتصالات مع تركيا، كما رفض الإجابة عما إذا جرى بحث بدائل للحصار البحري على قطاع غزة. كما تهرب نتنياهو أيضاً من الإجابة عن «الغموض إزاء الاستعداد المصري للمساعدة بخصوص الأسطول».
ووجه حزب «كديما» المعارض وقياديون في حزب «العمل» انتقادات شديدة لنتنياهو في أعقاب شهادته. ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن بيان لكتلة حزب «كديما» أنه «في لحظة الحقيقة يقوم نتنياهو بتوزيع التهم على الآخرين». وأضاف إن «أقوال نتنياهو تثبت أن إسرائيل هي دولة بدون زعيم، وليس هناك قيادة في الحكومة، ونتنياهو يدهور وضع إسرائيل إلى الحضيض ويسمح بتحويل المؤسسة الأمنية إلى كيس للضربات ويدفع أموالاً طائلة وغير مسبوقة من أجل بقائه السياسي، وبالنسبة إليه فإنه لا يتحمل أي مسؤولية».