تنظر الحركة الشعبية لتحرير السودان بريبة للتصريحات الصادرة عن أعضاء في مفوضية استفتاء جنوب السودان حول ضروة تأجيل الاستفتاء، ملمحةً إلى احتمال إعلان الانفصال من داخل برلمان الجنوب في حال تأجيله
جمانة فرحات
رفضت الحركة الشعبية لتحرير السودان أي احتمال لتأجيل موعد استفتاء جنوب السودان، بعد حديث عضو مفوضية استفتاء الجنوب، طارق عثمان الطاهر، خلال الأيام الماضية، عن ضرورة تأجيل «إجرائي» للاستفتاء المقرر في التاسع من شهر كانون الثاني المقبل.
وترى الحركة الشعبية أن أي تأخير في الموعد سينظر إليه على أنه خرق لاتفاقية نيفاشا ولمذكرة التفاهم الموقعة في القاهرة قبل أيام، حيث أكدت أهمية الالتزام بإجراء الاستفتاء في موعده، وذلك في رد على قول الطاهر إن التأجيل في حال حصوله، بعد موافقة من الشريكين، لن يستمر لأكثر من ستة أشهر.
وتوضح مصادر في الحركة الشعبية لـ«الأخبار» أن الفكرة الأساسية من عقد العديد من الاجتماعات في العواصم العربية والأفريقية مع حزب المؤتمر الوطني الحاكم تهدف إلى التوصل إلى إجراء الاستفتاء في موعده، وتأكيد احترام ما يتمخض عنه من نتائج مهما كانت. وتضيف أنه «في حال الانفصال فسيكون الاحترام المقصود هو تنفيذ النتيجة بصورة سلمية لا تعيد الناس إلى مربع الحرب، وفي حال الوحدة فسيكون الاحترام المقصود إعادة صياغة علاقة الدولة بأطراف السودان وفق أسس جديدة تأخذ في الحساب إزالة التهميش الذي كان ممارساً في السابق».
وتذهب هذه المصادر للحديث عن احتمال لجوء الحركة، إذا تبيّن وجود توجه حكومي جدي لتأجيل الاستفتاء بما يتعارض مع رغبتها، إلى عدد من الخطوات ليس أقلها إعلان الانفصال من داخل برلمان جنوب السودان، وهو ما يتقاطع مع تحذيرات الأمين العام للحركة الشعبية لتحرير السودان، باقان أموم، من أن شعب الجنوب عبر ممثليه في البرلمان «سيلجأ لاستخدام آليات أخرى لممارسة حقه في تقرير مصيره إذا جرت أي محاولة لعرقلة عملية الاستفتاء أو لتأجيلها». إلا أن موقف الحركة المتشدّد من موعد الاستفتاء لا يلغي وجود عوائق أمام إتمامه، أبرزها عدم اكتمال التعيينات في المفوضية المشرفة على الاستفتاء بسبب الخلاف على منصب الأمين العام، إضافة إلى وجود صعوبة في الالتزام بتسجيل الناخبين ونشر النتائج قبل ثلاثة أشهر من الاستفتاء وفقاً لما ينص عليه القانون.
ويعود عدم الالتزام بالإجراءات بالدرجة الأولى إلى التأخير الذي طال تعيين أعضاء المفوضية أكثر من عامين، ولم يُقرّ إلا في شهر حزيران الماضي.
وفي السياق، تقرّ مصادر الحركة الشعبية بأن فشل شريكي الحكم في تسمية الأمين العام للمفوضية قد يلقى بظلال سلبية على إجراء الاستفتاء في مواعيده. وتوضح خلفية المشكلة بالإشارة إلى أن الاتفاق بين الجانبين ينص على تكوين المفوضية بالتشاور بين الطرفين، وهو ما تعترف الحركة بأنه تم بالنسبة إلى تعيين الأعضاء ورئيس المفوضية، بعدما سمّت الحركة أربعة أعضاء من جانبها وكذلك المؤتمر الوطني، واختير العضو التاسع بالتراضي ليكون رئيس المفوضية. إلا أن الأمور تعثرت لدى الوصول إلى تعيين الأمين العام للمفوضية «إذ اقترح المؤتمر الوطني شخصاً لم يجد القبول لدى الحركة». أما عن تمسّك الحركة بتعيين أمين عام للمفوضية يلقى القبول لديها على الرغم من أن منصب الرئيس قد تم الاتفاق عليه، فتعود المصادر في حديثها إلى الانتخابات التي جرت في نيسان الماضي، مشيرةً إلى أن «رئيس مفوضية الانتخابات كان موجوداً في تلك الفترة لكن أعمال المفوضية كانت تسير بواسطة الأمين العام للمفوضية».
وأبدت المصادر خشيتها من التحيّز والتلاعب بأعمال مفوضية الاستفتاء بما يخدم مصلحة المؤتمر الوطني وبالتالي يضر بمصالح الجنوبيين.
وفي ظل هذه الأجواء، لا ترى المصادر أن دعوة بعض قيادات الحركة للجنوبيين من الآن لاختيار الانفصال، على عكس ما ينص اتفاق نيفاشا لجهة أن تكون الدعوة بشكل أساسي للوحدة، أو شروع الحركة في كتابة نشيد وطني جديد لدولة الجنوب، بمثابة خطوات استفزازية لحزب المؤتمر الوطني الحاكم.
وتوضح المصادر أن الاستفتاء يشمل خيارين: الوحدة أو الانفصال، و«إن كان الاتفاق نص على إعطاء الأولولية لخيار الوحدة فهو أشار أيضاً إلى ضرورة إنشاء حكم راشد وتنمية وغيرها من الإجراءات التى قد تقنع الجنوبيين بالتصويت للوحدة». وتبدي المصادر أسفها الشديد لأن «تعامل المؤتمر الوطني خلال الفترة الماضية جعل الوحدة طاردة لا جاذبة، ومعه تصاعدت الدعوات الانفصالية من داخل الحركة ومن الجنوبيين».