خاص بالموقع- استعرت حرب المناكفات السياسية الدينية الهوى بين حركتي «فتح» و«حماس»، والحكومتين اللتين تقودانهما في الضفة الغربية وقطاع غزة، أمس، عندما دعا ممثلون عن فصائل الممانعة في غزة الخطباء وأئمة المساجد والمشايخ في الضفة إلى «تحدّي» قرار وزير الأوقاف في حكومة رام الله، محمود الهباش، منع تلاوة القرآن الكريم، عبر مكبرات الصوت قبل رفع الأذان، ومنع عدد من الخطباء من إلقاء خطبهم في المساجد.
ووصف ممثلو هذه الفصائل، وهي فصائل صغيرة كانت تنضوي تحت لواء منظمة التحرير الفلسطينية وأصبحت تدور في فلك «حماس»، الخطوات الأخيرة بأنها «بمثابة إعلان حرب على العقيدة الإسلامية السمحاء وإمعان خطير في محاربة الشعب الفلسطيني».

ورأى ممثلو الفصائل في مؤتمر صحافي عقدوه في مدينة غزة أن «هذه الحرب تأتي في صلب عقيدة الشعب الفلسطيني، وذلك مباشرة لمصلحة المستوطنين الصهاينة الباحثين عن عدم الإزعاج، في محاولة يائسة لدفع الشباب الفلسطيني من المساجد إلى دور اللهو والمجون التي تشرف على ازدهارها هذه الحكومة ومسؤولوها وأجهزتها الأمنية والمدنية».

وحضوا الفلسطينيين في الضفة على «رفض منع مئات الخطباء والأئمة الذين يمارسون واجبهم الديني منذ عشرات الأعوام عبر الخطابة في المساجد وتوعية الأمة وزرع ثقافة الإسلام المقاوم للاحتلال والعدوان، والتمرد عليها وعدم الانصياع إليها».

وطالبوا «العلماء الأجلاء وأئمة المساجد وخطباءها بتحدي سلطة الظلم والتعاون الأمني مهما كان الثمن، فلن يكون أذناب الاحتلال أقوى وأصلب من الاحتلال، وسينهار هؤلاء أمام إرادة شعبنا الفلسطيني العظيم وعزيمته».

وتابعوا هجومهم على حكومة رام الله، فاتهموا حكومة فياض «بمنع النائب عبد الناصر عبد الجواد والشيخ حامد البيتاوي رئيس رابطة علماء فلسطين من الخطابة في المساجد، ومنع تلاوة القرآن الكريم عبر مكبرات الصوت مراعاة لمشاعر المغتصبين الصهاينة، ومنع صلاة التراويح لأكثر من ثماني ركعات، ومنع الاعتكافات في المساجد في هذا الشهر الفضيل واشتراط إغلاقها بعد كل صلاة».

وسارع المتحدث باسم «فتح»، أسامة القواسمي، إلى الرد على هذه الاتهامات، ووصف تصريحات «حماس» في شأن الإجراءات والقرارات المتعلقة «بتنظيم المساجد» بـ«الفتنة بين المسلمين في الوطن». وأضاف في بيان أن الحركة «ستتصدى لأي محاولة تهدف إلى شق وحدة الفلسطينيين والتشكيك بإيمانهم وانتمائهم». وأكد أن «الحركة على يقين بأن الشعب الفلسطيني أوعى وأكبر من قدرة حماس على إحراقه بنار فتنتها التي لم تخمد».

ورأى أن «الأنا الحزبية التي تسيطر على عقلية «حماس» تسعى إلى دفع الشعب الفلسطيني إلى أتون الصراعات، وإحراقه بنار الفتنة الدينية، وهي محاولات ودعوات يائسة وفاشلة». ورأى أن «حماس» تستغل «قرارات إدارية تنظيمية» اتخذها وزير الأوقاف الذي كان لسنوات خلت محسوباً على الحركة «لتجعل منها قضية صراع وعملية فرز تفرق وتميز بين المسلمين في المجتمع الفلسطيني المؤمن». ورأى أن من حق الوزير «اتخاذ ما يلزم من قرارات لإبعاد شبح الهيمنة والسيطرة الحزبية عن المساجد، فهي بيوت الله للعبادة، وليست حكراً لتنظيم أو فصيل».

وطالب المسؤولين في «حماس» بـ«تقوى الله والكف عن إشعال نار الفتن والصراعات الداخلية التي ضاعفت مآسي الشعب الفلسطيني».

من جهته، أكد وزير الأوقاف في السلطة حرص القيادة الفلسطينية على دعم المساجد وتعيين الأئمة والخطباء من أصحاب الكفاءات والقدرات والمؤهلات على المستويات المختلفة ليتولوا مسؤولية إدارة المساجد وتنظيمها والإشراف عليها ومنع الخطباء غير المؤهلين من اعتلاء المنابر وتدريس أمور الدين، مشيراً إلى أن كل القرارات الخاصة بتنظيم عمل المساجد تنسجم مع القرآن والسنة النبوية الشريفة.

ورداً على اتهامات «حماس» للسلطة، قال الهباش خلال مقابلة تلفزيونية على قناة «الجزيرة» إن «هذه الاتهامات مضحكة وتدعو للسخرية ليس أكثر، وكل القرارات الصادرة بحق المساجد ينطلق فقط من اقتناعات ومفاهيم دينية بحتة».

وعن منع الشيخ حامد البيتاوي من إلقاء الخطب في المساجد، قال الهباش إن «العمل في المساجد الفلسطينية هو وظيفة حكومية، والشيخ البيتاوي هو عضو مجلس تشريعي، وبحسب القانون الفلسطيني لا يجوز لعضو المجلس التشريعي أن يجمع بين وظيفة كعضو مجلس تشريعي وأي وظيفة أخرى حكومية أو غير حكومية».

وفي خصوص الادعاءات بفصل الأئمة والخطباء والموظفين بناءً على الخلفية الحزبية أو السياسية، قال الهباش: «هناك العشرات من الخطباء والموظفين في وزارة الأوقاف يختلفون سياسياً مع السلطة، بمعنى آخر هم ينتمون إلى «حماس»، ونحن لا نأخذ منهم موقفاً على هذه الخلفية».

وعلى صعيد اتخاذ الإجراءات التنظيمية بحق المساجد بهذا الوقت، قال: «القضية تنظيمية، كانت تحتاج إلى جملة من الاستعدادات في ما يتعلق بترتيبات الأمور بالمساجد وتهيئة الموظفين واستيعاب موظفين جدد، والحكومة خصصت العام الحالي 1800 اعتماد مالي جديد لاستيعاب موظفين في المساجد، وهذا يعدّ رداً على الذين يتهموننا بأننا أغلقنا ألف مسجد وأننا نحارب الإسلام، فنحن افتتحنا خلال عام واحد أكثر من 90 مسجداً ولدينا 600 مركز تحفيظ قرآن، ونحن نشرف على أكثر من 1700 مسجد من محافظات الضفة، ونصرف رواتب لمئات من موظفي المساجد في قطاع غزه رغم أن حركة «حماس» تمنعهم من مزاولة عملهم في المساجد بينما تقصف المساجد بالصواريخ كما حدث في مسجد ابن تيمية في رفح، فمن الذي يحارب الإسلام إذاً؟».