السلطة تراسل «الرباعيّة»: الاستيطان والسلام متوازيان لن يلتقياعاد الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى تأكيد أن مواصلة الاستيطان ستعرقل استئناف المفاوضات المباشرة في الأول من أيلول المقبل، فيما أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أنه «سيفاجئ المتشكّكين»استهلّ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو جلسة الحكومة الأسبوعية، أمس، بقوله إنه «سيفاجئ المتشكّكين»، بعد إعلان استئناف المفاوضات المباشرة مع الفلسطينيين في الأول من أيلول المقبل، فيما بدا الرئيس الفلسطيني محمود عباس كأنه يحاول استرجاع بعض من ماء الوجه، وخصوصاً بعد إعلان موافقته على المفاوضات من دون شروط مسبقة.
ووجه عباس رسائل إلى أعضاء اللجنة الرباعية الدولية (الرئيس الأميركي باراك أوباما، والرئيس الروسي ديميتري مدفيديف، والأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، والمفوضية السامية للشؤون الخارجية والأمنية للاتحاد الأوروبي، كاثرين أشتون) رأى فيها أن «استمرار إسرائيل ببناء المستوطنات يعني أنها قررت وقف المفاوضات المباشرة». وأكد «الالتزام بالمرجعيات التي حددتها قرارات مجلس الأمن والجمعية العامة ذات العلاقة، وخريطة الطريق، ومبادرة السلام العربية، ومبادئ مؤتمر مدريد، وجدول أعمال المحادثات المباشرة الذي يشمل القدس والحدود والاستيطان واللاجئين والأمن والمياه والإفراج عن المعتقلين، ضمن سقف زمني لا يتجاوز 12 شهراً».
وقالت وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية «وفا» إن كبير المفاوضين الفلسطينيين، صائب عريقات، سلّم رسائل عباس. كذلك قدّر الأخير مواقف اللجنة الرباعية الداعية إلى قيام الحكومة الإسرائيلية بوقف جميع النشاطات الاستيطانية، بما يشمل النمو الطبيعي وهدم البيوت وتهجير السكان وفرض الحقائق على الأرض. وشدد على أن «الاستيطان والسلام متوازيان لن يلتقيا»، آملاًَ أن تختار الحكومة الإسرائيلية «خيار السلام لا خيار الاستيطان».
بدوره، حذّر عريقات من أنه «إذا استمر الاستيطان بعد 26 أيلول، فإن المفاوضات للأسف لن تستمر»، قائلاً «إنه اختبار لإرادة الحكومة الإسرائيلية في تحقيق السلام».
وكانت موجة من الغضب قد اجتاحت الجبهتين الشعبية والديموقراطية لتحرير فلسطين بسبب استئناف المفاوضات، إذ وصفت الأولى موافقة اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير على الدخول في مفاوضات مباشرة مع إسرائيل بأنها «طعنة» للعمل المشترك في مؤسسات المنظمة. وقال رئيس المكتب السياسي، أبو أحمد فؤاد، إن الاجتماع الأخير للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير «افتقد النصاب القانوني لعضوية اللجنة التنفيذية».
بدوره، أعلن عضو المكتب السياسي للجبهة الديموقراطية، تيسير خالد، إن «الجبهة تعارض بقوه الذهاب إلى المفاوضات المباشرة».
أما حركة «حماس»، فأعلنت تعليق مشاركتها في الاجتماع الذي كان مقرراً مع وفد حركة «فتح»، أمس، في مدينة غزة، احتجاجاً على استئناف المفاوضات.
الجبهتان الشعبية والديموقراطية تعارضان المفاوضات... و«حماس» تعلّق اجتماعاً مع «فتح»
إسرائيلياً، أعلن نتنياهو أنه «سيدهش المتشكّكين» في نجاح مفاوضات السلام المباشرة، قائلاً «يمكنني أن أتفهم موقف المتشكّكين. لكننا سندهشهم، شرط أن يكون شركاؤنا جديين» في المفاوضات. وأشار إلى أن «اتفاق السلام مع الفلسطينيين صعب لكنه ممكن»، مؤكداً أن مثل هذا الاتفاق يجب أن يقوم «على ترتيبات أمنية مرضية لإسرائيل، واعتراف الفلسطينيين بإسرائيل دولة للشعب اليهودي، ووضع حدّ نهائي للنزاع».
أما الصحافة الإسرائيلية، فقد تلقّت بفتور إعلان استئناف المفاوضات، مذكّرة بالخلافات الجوهرية التي لا تزال قائمة بين الجانبين. وقالت «يديعوت أحرونوت» إن المفاوضات المباشرة «بدأت في عام 1993 في أوسلو وواشنطن، واستمرت في كامب ديفيد في عام 2000، وفي طابا في مصر في عام 2001، وأنابوليس (الولايات المتحدة) في تشرين الثاني من عام 2007، من دون أن تفضي إلى نتيجة حتى الآن». وبررت لامبالاة الرأي العام الإسرائيلي «بأنه تبودل الكثير من الكلام طوال 17 عاماً، وأُريقت أيضاً الكثير من الدماء».
من جهتها، أشادت صحيفة «إسرائيل اليوم»، القريبة من رئيس الوزراء، بإعادة تحريك المفاوضات من دون التعهّد مسبقاً بتجميد الاستيطان. وكتبت «إنه نجاح لكنه مؤقت»، محذرة من تعليق آمال مبالغ فيها على التوصل إلى اتفاق نظراً إلى التباين في وجهات النظر.
كذلك رأى مهندس اتفاقات أوسلو، النائب اليساري السابق يوسي بيلين، للإذاعة العسكرية، أنه «ليس هناك فرصة للتوصل إلى تسوية شاملة في الإطار الحالي». وذكر أن نتنياهو «لن يقبل بإخلاء كبير للمستوطنات الذي هو شرط للتوصل إلى اتفاق».
وفي السياق، أعربت الجامعة العربية عن «قلقها البالغ من التفسير الإسرائيلي» لأسس المفاوضات. وقالت إن «من شأن» هذا التفسير أن «يؤدي إلى الدخول مرة أخرى في دائرة مفرغة من المفاوضات». ورأت أن «التأكيدات الأميركية لجدية العزم للتوصل إلى اتفاق سلام يقوم على الأسس التي فصّلتها بيانات اللجنة الرباعية تحمّل راعي المفاوضات مسؤولية تاريخية كبرى».
وأكدت الجامعة، في بيانها، أنها ستستمر «بمتابعة النشاط الاستيطاني والممارسات غير المشروعة في القدس المحتلة، إذ إن استمرارها يؤكد صحة المواقف المعترضة على أخذ الموقف الإسرائيلي بجدية، وسيكون إشارة إلى مدى إمكان إحراز المفاوضات النتائج المطلوبة».
وكان وزير الخارجية الأردني ناصر جودة قد أعلن أن «مفاوضات السلام يجب أن تجري وفق إطار زمني محدد، وتنتهي بقيام الدولة الفلسطينية». ونقلت وكالة الأنباء الأردنية الرسمية «بترا» عن جودة قوله إن «هناك إجماعاً عالمياً على أن هذه المفاوضات يجب أن تجري في إطار زمني محدد، وبجدول أعمال محدد، وتنتهي إلى قيام الدولة الفلسطينية، وتحقيق السلام الشامل والعادل في منطقة الشرق الأوسط».
وسبق أن أعلنت الوكالات الإعلامية المصرية والأردنية موافقة الرئيس المصري حسني مبارك والملك الأردني عبد الله الثاني على الدعوة الأميركية لإطلاق المفاوضات.
كذلك دعت المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، الإسرائيليين والفلسطينيين إلى التعاطي بـ«جدية كبيرة» مع المفاوضات المباشرة، للتمكّن من التوصل إلى تسوية خلال سنة.
(أ ف ب، يو بي آي، أ ب)