قبل خمس سنوات، قام الجيش الاسرائيلي بإجلاء آخر ثمانية آلاف مستوطن يهودي من قطاع غزة بالرغم من احتجاجاتهم، في خطوة لا تزال تثير جدلاً كبيراً في إسرائيل. فعملية الإخلاء بالقوة العسكرية لـ21 مستوطنة أقيمت في غزة بعد حرب حزيران 1967، قدمتها في تلك الآونة حكومة ارييل شارون على انّها تمهيد لعملية اخلاء اكبر لمستوطنات الضفة الغربية بغية التوصل الى تسوية سلمية وفق الشروط التي حددتها اسرائيل. لكن ذلك لم يبد مقنعاً في نظر قسم كبير من الرأي العام الاسرائيلي وفي المصاف الاول المستوطنين الثلاثمئة ألف في الضفة الغربية واليمين الحاكم.ويقول المعارضون لخطة «فك الارتباط» الاكثر عدداً اليوم عما كانوا عام 2005، إنّ ذلك «الانسحاب الاحادي الجانب» فتح الطريق امام تولي حركة المقاومة الاسلامية (حماس) السلطة بالقوة في قطاع غزة في حزيران 2007.
وهذه الأخيرة، تريد اليوم إقامة مدن إسكانية اضافة إلى مشروعاتها الزراعية المتنامية في الاراضي التي اخلاها المستوطنون قبل خمس سنوات. وتستعد الحكومة المقالة لإعلان بدء إقامة «اكبر مشروع اسكاني» يحوي عشرات آلاف الوحدات السكنية فوق أراضي المستوطنات السابقة، وفقاً لما ذكر المتحدث باسم الحكومة المقالة، طاهر النونو.
وقال النونو «في ذكرى مرور 5 سنوات على الانسحاب الاسرائيلي، سنعلن إقامة مدن نموذجية، نريد تحويل المحررات (المستوطنات السابقة) الى مصدر للحرية والامل بدلاً من الموت والمعاناة».
ومنذ تشديد اسرائيل للحصار على غزة ومنع دخول مواد البناء قبل ثلاث سنوات لا تزال مئات الوحدات السكنية ضمن مشروع لوكالة الغوث الدولية (الاونروا) لذوي البيوت التي هدمها الجيش الاسرائيلي خلال اجتياحاته قبل الانسحاب من القطاع، قيد الانشاء في اراضي مستوطنات سابقة غرب رفح.
وعلى بعد مئات الامتار من مشروع إسكاني متوقف للاونروا، اقامت حكومة حماس مشروعاً زراعياً على مساحة آلاف الدونمات. ويرى النونو انّ حكومته «حققت الاكتفاء الذاتي في بعض الاصناف من الخضرو والفواكه» بفضل هذه المشاريع. وفي نفس مكان مجمع مستوطنات غوش قطيف، التي كانت تضم 12 مستوطنة، تنفذ وزارة الزراعة مشروعاً لتفريخ الاسماك بطاقة انتاجية تبلغ نحو مليون بذرة سمك. وتضم مدينة «أصداء» التابعة لحماس المقامة منذ عامين على ارض مستوطنة نافيه دكاليم، ملاهي ومسابح للأطفال. وتغيرت صورة الشاطئ، الذي يسمّى «شاطئ المحررات»، حيث تنتشر عشرات الاستراحات والمقاهي الصغيرة التي يرتادها آلاف الفلسطينيين، وخصوصاً في العطلة الصيفية. وخصصت مئات الدونمات لمؤسسات وجمعيات غير حكومية او تابعة لفصائل فلسطينية لإقامة مشروعات مختلفة عليها. وشدد النونو على ان توزيع الاراضي للمؤسسات «يتم بما يتوافق مع الخطة الاستراتيجية ودون نظر للانتماء السياسي». وبقرار من الرئيس الفلسطيني محمود عباس خُصّصت مساحة مئتي دونم بالتساوي لجامعتي الأزهر والاسلامية في «محررة» نتساريم، لكن الجامعتين لم تقيما مباني حتى الآن بسبب عدم توافر مواد البناء، لكن جامعة الاقصى التابعة للسلطة الفلسطينية أقامت عدة مبان فوق اراضي «محررة» نافيه دكاليم السابقة. ويقول النونو «ستُفرز أراض (لم يوضح مساحتها) ليشتريها المواطنون وخصوصاً ذوو الدخول المحدودة»، مؤكداً انّ حكومته ستخصص مساحات قرب الحدود مع اسرائيل لمشروعات سكنية «لمنع تمدد الاحتلال».
وفي المقابل، غضت حكومة «حماس» الطرف عن اقامة اجنحة عسكرية للفصائل، في مقدمتها كتائب القسام، مواقع للتدريبات العسكرية في مناطق المستوطنات السابقة.
(أ ف ب)