المفاوضات... ونحن؟
الأخبار تتناقل إجراء مفاوضات مباشرة بشأن الحلول النهائية.. التي لا تنتهي أبداً. وأكيد أن الكل يتطلع لما ستؤدي إليه هذه المفاوضات، فهي الآن محطّ أنظار المراقبين والمتابعين من النخب السياسية والصحافيين والمواطنين، وخصوصاً اللاجئين منهم، لأنها جزء من الثالوث المقدّس أو لنقل آخر ثالوث فلسطيني من بقايا أحلام الثورة والعمل الفدائي وتحرير فلسطين.
رغم أن الحركات والجبهات ما زالت تحتفظ بتحرير فلسطين في أسمائها، إلا أن الطموح هو حق العودة لللاجئين الفلسطينيين وتحسين أوضاعهم، وأخيراً القدس. بالنسبة إليّ، لا أعلّق أية آمال على هذه المفاوضات، فمن فرّط ببلادي كاملة وبقريتي الأصلية وبهويتي الوطنية على طاولة مفاوضات، لا أعلق آمالاً عليه.
لا أعرف كيف لا نزال نصدّق هؤلاء؟
هم يفاوضون، ونحن في كل مكان نسمع تحليلات سياسية يجتهد بها الناس، ولا أعرف إن سمعوها من هنا أو هناك، بل ترى البعض يقول إن مشاريع التوطين قد بدأت، وكل ذلك لأن اللبنانيين قد سمحوا للفلسطينيين بالعمل وممارسة بعض النشاطات التي هي من الأنشطة المدنية التي يستحقها كل إنسان لا المواطن فقط.
وفي الأردن، نشطت حركات تدافع عن العودة رفضاً للتوطين، وأقصد توطين اللاجئين الفلسطينيين في الأردن، لكن تبين أنّ هؤلاء أحياناً ينطلقون من نفَس يميني، وقد سمّوهم في الأردن «الكتائبيين» الأردنيين تشبيهاً بصورة نمطية عن الكراهية المتبادلة بين الكتائب والقوات اللبنانية من جهة والفلسطينيين من جهة أخرى بسبب حرب أهلية كان لمنظمات تحمل الأصول الوطنية نفسها طرف فيها، فانسحبت الجريمة على الجميع.
في الأردن، انطلقت معاداة الفلسطينيين تحت اسم محاربة التوطين، وحاولوا تقسيم البلاد طولاً وعرضاً. كل هذه الدعاوى وأكثر تجعل الجميع يتشككون في المفاوضات القائمة والقادمة، أي التنسيق المباشر وجهاً لوجه مع من تلطخت أيديهم بدماء الشعب الفلسطيني.
مفاوضات! فليفعلوا ما يريدون وليتفاوضوا وليصلوا إلى ما يريدون وما يشاؤون. هناك في جنوب فلسطين قرية تسمى الفالوجة، هُجِّرنا منها عام 1948 ولن أرضى بديلاً منها. والكرة الأرضية باللي فيها... غير بلادي ما بدي.
مخيم بلاطة ـــــــ معاذ عابد


الممثل الشرعي هو من يعيد اللاجئين إلى ديارهم

وما دخل اللاجئين بهذه المفاوضات أصلاً؟ وهل لهم قرار من قريب أو من بعيد فيها؟
لك الحق في أن ترفض أي نتيجة لهذه اللقاءات التي تتكرر منذ ما يقارب خمسة عشر عاماًً، والتي لم تسمن ولم تغنِ من جوع، هل تعتقد أنهم يسألون عن ملايين اللاجئين في شتى البقاع من العالم؟ وهل يُعَدّ اللاجئون في الأردن من حملة الهوية الأردنية فلسطينيين أصلاً؟
القضية ليست قضية أرقام ووضع قانوني ومخططات توطين ومخططات تجنيس للفلسطينيين أينما كانوا من أجل دولة على حدود 67. القضية واضحة وبسيطة بساطة رسومات ناجي العلي وأغاني الشيخ إمام عيسى.
ليست بحاجة إلى كل هذا الكم من التحليل والتدقيق ورأي هذا التنظيم وتلك المنظمة، فالمفاوضات وما يجري فيها، ألن تكون بيانات الأحزاب والتنظيمات المعارضة مقدمة كورقة عمل هنا أو هناك؟ الحل النهائي وما يطمح إليه السياسيون في «إسرائيل» وما قد يصلون إليه مع قيادات منتخبة وانتهت ولايتها في الضفة وغزة على السواء، ليست هي قضيتنا ولا قضية أي لاجئ في العالم كله.
الموضوع بسيط جداً. عام 1948، طردت قوات الاحتلال وعصاباتها شعباً كاملاً من أرضه وعملت على تهجيره وتصفية وجوده سواء بالمجازر أو بمحاولات طمس الهوية الفلسطينية للسكان الأصليين لفلسطين، وليسوا سكاناً أصليين على طريقة الهنود الحمر والمهاجرين الأوروبيين، بل هم أصحاب البلاد الشرعيين، وأي حل سواء كان بالطريق المسلح أو بالمفاوضات المباشرة وغير المباشرة، أي حل لا يعيد ملايين المهجرين إلى بلادهم هو غير شرعي. المفاوضات مهما كانت نتائجها، لا تعني أي لاجئ ما لم تقرر عودته. كل من سلطة رام الله وسلطة غزة،لا تمثل غير نفسها، ويجب على الفلسطينيين أن يجدوا ممثلاً آخر عن منظمة التحرير العباسية (نسبة إلى محمود عباس). ممثل شرعي يحفظ حقوق أبناء بلده ويعمل من أجل عودتهم لفلسطين التاريخية بغض النظر عن الوسيلة. كل هذا ولم نأت على ذكر القدس، عاصمتنا التاريخية في كل العالم. فإذا أردنا أن نحدد موقفاً سليماً من التابوات الثلاثة التي دفع ياسر عرفات حياته مقابلها، يجدر بنا أن نسمي طاولة المفاوضات «طاولة التنازلات».
عمّان ـــــــ ربى وهبي