إيمان بشير«أرسل كلمة امرأة لتساعد لاجئة بتأسيس عملها الخاص». «أرسل كلمة تعليم لتهب لاجئاً منحة دراسية». «أرسل كلمة طعام لإطعام أُسرة لاجئة».. إلخ. هذا ما يقوله الإعلان الجديد لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأنروا»، المدعوم من شركة زين للاتصالات باللغة العربية، الذي كانت ترجمته (ألطف) باللغة الإنكليزية. هذا الإعلان أصبح يشغل المحطات التلفزيونية العربية منذ أكثر من أسبوع، أي منذ بداية شهر رمضان.
كلفة الرسالة دولاران فقط. هكذا ينتهي الإعلان الذي يُظهر فيه بدقيقة واحدة أحوال اللاجئين في أكثر من مخيم فلسطيني في لبنان، ابتداءً من صور لأنقاض مخيم نهر البارد (أو المخيم القديم)، وصولاً إلى صور من مخيم شاتيلا (بجانب بناية جيش التحرير سابقاً)، ومن بعدها لقطة لفتاة تضيء القنديل وتغني باللغة الإنكليزية «إنها لحياة رائعة حقاً»!
أسأل نفسي كثيراً لماذا يُعرض هذا الإعلان الآن مع أنّ من الواضح أن التصوير كان في فصل الشتاء، وطبعاً عندما نقول فصل الشتاء فهذا يعني أن مؤثرات قطرات المياه وهي تنزل بجانب الفتاة ذات (الشحاطة) الزهرية سيلقى استعطاف الكثيرين من إخواننا العرب. «يعني معقول ما في قساطل مياه حتى الآن في المخيمات، ومعقول أن الصغار لابسين شحّاطات بالشتا؟ يا حرام!». ربما كان الإعلان يظهر الآن لأن رمضان كريم، كريم جداً. كريم لدرجة أن أموال الزكاة والتبرعات و«دفع البلاء» كلها ستعود إلى الأونروا من بعد إعلانٍ مؤثر كهذا! لو أنني لا أعرف مخيم نهر البارد لظننت أن الإعلان قد صوّر في العراق أو أفغانستان، أو أي مكانٍ آخر غير المخيم، وخاصة بعد لقطة الصبي الذي يرتدي كوفية حمراء على الموضة. أظن أن المخرج كان يريد أن يشير إلى أن المعنيين بهذا الإعلان هم اللاجئون الفلسطينيون من خلال الكوفية التي يرتديها الصبي، لكنه حاول تجميل الصورة فاستغنى عن الكوفية الأصلية، بواحدة «مقبولة» من الجماهير أو المتبرعين المحتملين. وأرفق الإعلان بموسيقى غربية خفيفة نظيفة على السمع «دادادادا.. إنها لحياة رائعة رائعة»!
هل تعاني وكالة إغاثة اللاجئين أزمة مالية لتُنتج إعلاناً كهذا؟ سؤال أكثر وجاهة أكثر: كم كلّفها إنتاج الإعلان إذا كانت تعاني أزمة مالية حادة لجمع التبرعات؟ كم تدفع الأونروا للمحطات التلفزيونية لعرض هذا الإعلان على شاشاتها في شهر رمضان أثناء المسلسلات، أي في ساعات الذروة التي تكلّف مبالغ طائلة؟ أم أن شركة زين للاتصالات تغطي كل هذه التكاليف؟ ولماذا تتوجه الأونروا إلى العرب بإعلانٍ كهذا بدلاً من مطالبة الأمم المتحدة بتمويل مشاريعها في المخيمات الفلسطينية في لبنان؟ سؤال.