نيويورك | بات واضحاً أن المبعوث الدولي الخاص باليمن، اسماعيل ولد الشيخ (الصورة)، غائب عن التحركات الدولية التي تجري لإيجاد حل سياسي في اليمن. إذ بات دوره يقتصر على الإجراءات البروتوكولية بوضع اللمسات على أي اتفاق يعقد بعيداً عنه. من هذا المنطلق، أثير قبل أيام الحديث عن اجتماعات تجري بعيداً عن الأضواء يقودها الأميركيون شارك فيها ممثلون عن حزب «المؤتمر الشعبي العام» و»أنصار الله» مع رجال استخبارات سعوديين في العاصمة العمانية مسقط.
وفيما وردت أنباء عن رفض الرئيس الفار عبد ربه منصور هادي والفريق اليمني في الرياض، الوثيقة التي سلمها وفد صنعاء إلى ولد الشيخ، علمت «الأخبار» أن هذه الاجتماعات التي بدأت في مسقط منذ ٢٦ آب الماضي ستتواصل في وقت لاحق هذا الأسبوع، وبمبادرة أميركية ربما من دون مشاركة ولد الشيخ للمرة الثانية.
ونسق الاميركيون مع الجانب العماني مشاركة «أنصار الله» مع قادة من حزب «المؤتمر الشعبي العام» في لقاء جرى الأربعاء والخميس ٢٦ و٢٧ آب الماضي في مسقط، ضمّ عن «المؤتمر الشعبي» كلا من وزير الخارجية السابق، أبو بكر القربي، والقيادي في حزب «المؤتمر» ياسر العواضي. وعن «أنصار الله» حضر المتحدث باسم الحركة محمد عبد السلام، ومهدي المشاط وهو الشخصية الأقرب لزعيم الحركة السيد عبد الملك الحوثي، وعضو المجلس السياسي في «أنصار الله» حمزة الحوثي.
وعن الجانب الأميركي حضر سفير واشنطن في اليمن المقيم حالياً في الرياض، ماثيو تولر، والمدير الرفيع المستوى في مجلس الأمن القومي أريك بيلوفسكي، فضلاً عن سفيرة الاتحاد الأوروبي في اليمن، كريستوس ستيليانديس. كما حضر عدد من ضباط الاستخبارات السعوديين الصغار، فيما لم يحضر الاجتماع ولد الشيخ أو يعرف عنه إلا بعد انتهائه.
ولم يسفر اجتماع مسقط الذي رتبه بيلوفسكي عن نتائج تذكر، لكن مجرد اجتماع الأميركيين والسعوديين مع «أنصار الله» مثل خطوة مهمة، وشكل توجهاً ذا دلالة بالنسبة لشكل الحلول الجاري السعي لتحقيقها. وتفكير الأميركيين في عقد اجتماع ثان يدل على رهانهم على حلّ سياسي ولا سيما بعد تزامن زيارة الملك سلمان إلى واشنطن مع الضربة القاصمة التي وجهها اليمن لقوات التحالف في منطقة صافر في مأرب.
الأميركيون أبلغوا السعوديين أن الوضع في اليمن ليس في مصلحتهم، بل يرجح لمصلحة الفوضى التي سيكون تنظيم «القاعدة» المستفيد الأول منها. وهم يخشون أيضا على سمعة سلاحهم «في أيدي هواة متهورين»، بحسب تعبير أحد الدبلوماسيين في نيويورك. كذلك، بات الأميركيون مدركين أن التهور الجاري قد يقود المنطقة إلى مصير مشابه للعقدة الليبية.
واستُبعد هادي من كل هذه التحركات، بعدما بات مهمشاً كلياً من قبل الجميع بمن فيهم الأميركيون، وحتى من قبل المغاربة. ففي معلومات خاصة، علمت «الأخبار» بأن هادي الذي زار طنجة في المغرب لم يتمكن من الاجتماع مع أي مسؤول مغربي رفيع، ما يعكس حجم ضعفه الشديد على الأرض في اليمن. ولم يعد يملك سوى منصبه كورقة أخيرة يستخدمها. فهو يرفض التحركات السياسية، ويتطرف في مواقفه في وقت لم يثبت فيه أن لديه ما يسنده لا في اليمن ولا خارجها.
في سياق متصل، يمكن وضع البيان الأخير لولد الشيخ بشأن رسالته المسربة الى الامم المتحدة في السياق نفسه. واتهم في البيان وسائل الاعلام بـ «تحريف مضمون التقارير المسربة»، قائلاً إنه «تم تأويل فحواها على نحو سيئ من قبل بعض وسائل الإعلام والمواقع الإلكترونية اليمنية». ويشار الى ان ولد الشيخ قال في الرسالة ان التحالف عاجز عن التقدم شمالاً في اليمن.
وكان ملاحظاً أن ولد شيخ الذي لم يجر اتصالاته في السعودية على مستوى رفيع قط، أراد أن يحمل التسريبات الأممية لرسائله مسؤولية إخفاقاته الدبلوماسية. فهو لم يحقق أي إنجاز فعلي منذ توليه منصبه، حتى على المستوى الإنساني في رمضان الماضي. ولم يحظ ولد شيخ أحمد ولو مرة واحدة بأي إجتماع رفيع المستوى، فيما اقتصرت اجتماعاته على رجال استخبارات صغار. وهذا لا يمكن الإستناد إليه في العلاقات الدولية لكون رجل الاستخبارات (أبو علي) الذي يذكره دائما بالإسم في تقاريره، ليس مخولاً سياسياً، بل يكتفي بنقل الرسائل.