تنهي قوات الاحتلال الأميركية اليوم عملياتها القتالية في العراق، في ظل أزمة دستورية مستمرة منذ نحو ستة أشهر. بهذه المناسبة، أجرت «الأخبار» حواراً شاملاً مع رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، أكد خلاله رؤيته لعراق ما بعد الانسحاب: بلد ضد سياسة المحاور يسعى إلى كسب الجميع وعدم خسارة أحد، وإلى أداء دور توافقي في أي خلاف يؤثر على أمن المنطقة. عراق منفتح على جميع مكوّناته المحكومة بالشراكة. يحترم الأديان والطوائف كلها بلا تدخل أو تفضيل لطائفة على أخرى. لا يعادي أحداً من الجوار، حيث «يد الصداقة» ممدودة للسعودية وجميع الدول العربية، وحيث الخلافات مع سوريا، «إن وجدت»، لا علاقة لا بالنفط ولا بالغاز

أجراها: إيلي شلهوب

■ غادرت غالبية القوات الأميركية بلاد الرافدين وفق الاتفاقية الأمنية التي وقعتموها مع واشنطن، على وقع عودة التفجيرات الكبيرة. هل تؤكدون بلوغ العراقيين مرحلة يمكنهم في خلالها الحفاظ على الأمن والاستقرار من دون مساعدة الولايات المتحدة؟
ــــ نعم بالتأكيد، إن القوات العراقية قادرة على ضبط الأمن في البلاد بعد انسحاب القوات الأميركية، بمعنى لا مجال لحدوث تمرد أو انفلات أمني أو ما شابه ذلك، وقواتنا هي التي تفرض الأمن في كل المدن العراقية منذ مدة طويلة، ولم يشارك الأميركيون بأي عملية أمنية في المدن العراقية كلها منذ أكثر من سنة. ولكن إذا كنتم تقصدون عدم حدوث أي عملية تفجير أو أي عملية انتحارية هنا أو هناك فأقول لك بكل تأكيد إن ذلك قد يحدث لأنه عمل لصوص، فلا أحد يستطيع منع ذلك مرة واحدة ولا حتى القوات الأميركية يمكنها ذلك لأنها حين كانت مسؤولة عن الملف الأمني بأكمله كانت التفجيرات موجودة وبوتيرة أعلى، لأن العمليات الإرهابية والانتحاريين لا يمكن القضاء عليهم بالقوات النظامية والمعدات الضخمة كالدبابات والمدرعات والصواريخ وغيرها. بل هذه عملية يشترك فيها الجانب المخابراتي مع الجانب الثقافي مع الجانب القهري أي القوة، بالإضافة إلى المصالحة الوطنية واستمرار عملية استنزاف منظم للحشد الكبير من القاعدة والخارجين عن القانون، وقد وصلنا المراحل الأخيرة.

■ لطالما مثل الوجود العسكري الأميركي قوة موازية تحد من قدرة الدول الإقليمية على التدخل، وخاصة تلك المناهضة لواشنطن. ويعتقد البعض أن العراق سينتقل، في غيابها، من رهينة بين أيدي الأميركيين إلى رهينة بأيدي إيران، فما رأيكم؟
ــــ لم يكن العراق يوماً رهينة بيد أحد ولن يكون. العراق بلد محوري وشعب عظيم لا يمكن أن يصبح رهينة لأية قوة في العالم. ولكن تصرفات النظام السابق ومغامراته المختلفة هي التي أدت إلى سلب سيادة العراق ووضعه تحت البند السابع وما تبعها من تداعيات ما زلنا نعمل جاهدين للتخلص من آثارها، وسنستمر في سياسة حماية سيادة العراق واستقلاله واستقراره، وألا تكون لنا مع الجوار والعالم إلا سياسة العلاقات الإيجابية والمصالح المشتركة وعدم التدخل في شؤون الآخر.

■ يأتي الانسحاب في ظل وجود ملفات خلافية أساسية لم تُحسم بعد وتهدد بعودة الاقتتال الأهلي. من بين هذه الملفات كركوك والأراضي المتنازع عليها مع الأكراد وتوزيع الثروة والسلطة. كيف ستتعاملون مع هذه القضايا بوجود طرف كردي يستغل حاجتكم إليه لتشكيل السلطة من أجل انتزاع الحد الأقصى من المكاسب؟
ــــ الكرد هم جزء أساسي من شعبنا، عاشوا في هذه البلاد وضحوا من أجلها، لذا فهم يستحقون ما يستحقه غيرهم من أبناء هذا الشعب. أما عن الملفات الخلافية فهي موجودة بالتأكيد كجزء من التركة الثقيلة التي ورثناها من السياسات التي انتهجها النظام السابق. ولكن هناك خريطة حلول وضعها الدستور لحل هذه الملفات، ونحن سنكون أوفياء لما قرره الدستور من دون زيادة أو نقصان. علماً بأن الكثير من هذه الملفات لا يتعلق فقط بالحكومة بل الكثير منها يحتاج إلى تشريعات من البرلمان أو تدخلات من السلطات القضائية. ولن تُفرض حلول على أي طرف خارج الحقوق الدستورية، كما لن نسمح بعودة أي لون من الاقتتال مع الإخوة الكرد على خلفية هذه القضايا.

■ نحو 6 أشهر مرت من دون التوصل إلى تسوية يخرج من ثناياها اتفاق على تشكيل السلطة في العراق. معضلة سبق أن أكدتم أنكم تتحملون جزءاً من المسؤولية عنها. هل أنتم مستعدون للتخلي عن منصب رئاسة الحكومة؟ وإن كان الجواب نعم، فلمصلحة من؟ إبراهيم الجعفري أم عادل عبد المهدي أم إياد علاوي أم شخصية أخرى ومن هي؟

نحن أمام رؤى متباينة لشكل الدولة وهيكلية السياسة الأمنية والخارجية

المفاوضات لم تنقطع مع علاوي والمهم قناعتنا بأنه لا مجال أمامنا سوى الشراكة

ليس لنا عداوات مع أي جهة إقليمية، إلا إذا اعتبرت سياسة الحفاظ على السيادة والاستقرار نوعاً من العداء
ــــ من الخطأ اختزال مشكلة تأليف الحكومة بشخص رئيس الوزراء. هناك وجهات نظر متباينة ومختلفة في كيفية إدارة الدولة ابتداءً من القوات المسلحة وانتهاءً بعلاقة الحكومة الاتحادية بـ«الإقليم والحكومات المحلية»، وحتى السياسة الخارجية والعلاقات مع دول الإقليم والعالم. كل هذه الأمور فيها رؤى مختلفة حسب الكتل والقوائم التي من المقرر أن تشارك في حكومة الشراكة الوطنية. لذا فمن الطبيعي جداً أن يطول النقاش وتستغرق هذه النقاشات فترة أطول. صحيح أن لدينا نظاماً ديموقراطياً نعمل على تعزيزه وتوطيد أركانه بكل السبل، لكن الخلافات في ما بيننا تتجاوز ما بين الأحزاب في الدول الديموقراطية حيث يتركز الخلاف في أغلب الأحيان هناك على نظام الضرائب أو قضايا التعليم أو الصحة أو البيئة أو غير ذلك من بناء فوقي. لدينا وجهات نظر، وإذا شئت سمّها خلافات حول شكل الدولة والسياسة الأمنية والخارجية والموقف من اتفاقيات داخلية وإقليمية وأمور التنمية وهكذا. وأنا حين قلت في إحدى المقابلات إننا جزء من المشكلة كنت أقصد أننا أيضاً نمتلك رؤية مختلفة في إدارة الدولة. والدفاع عن هذه الرؤية أو الإصرار عليها ليس بالضرورة يدل على تمسك شخصي بالسلطة. ولكن في نهاية المطاف إنني على ثقة بأننا سنصل إلى رؤية مشتركة نسير عليها جميعاً. ورئاسة الوزراء حق لكل عراقي يستطيع تحقيق النصاب الدستوري المعروف من الأصوات وليست حقاً حصرياً لي أو لغيري يمكننا أن نمنحه لمن نشاء. ويبقى الباب مفتوحاً لكل مكوّن أو قائمة دون أن تطلب من الآخر التنحي لأن تحقيق الشروط كفيل بإبعاد من لا يملكها، وأنا أؤمن بالتنافس الحر لا مبدأ المساومات والتنازلات في مقابل مكاسب.

■ يتهمكم البعض بأنكم المسؤولون عن شق الصف الشيعي منذ رفضكم خوض الانتخابات كجزء من الائتلاف الموحد ولعجزكم عن معالجة المشكلة بينكم وبين التيار الصدري، وأخيراً لرفضكم الانسحاب لمصلحة شخصية أخرى من دولة القانون. هل بتّم تمثّلون حقاً عقبة تهدد المكتسبات الشيعية في عراق ما بعد صدام حسين؟
ــــ نحن لا نتحدث عن مكتسبات طائفية شيعية كانت أو سنية أو غير ذلك. نحن نبحث عن مكاسب وطنية للعراقيين جميعاً والشيعة جزء من هذه الحالة وهم لا يرون مكتسبات خاصة بهم خارج إطار المكاسب الوطنية التي تعم العراقيين جميعاً. وقد أثبتت تجربتنا، وكذلك تجارب الشعوب الأخرى، أنه لا يمكن تحقيق مكاسب لأي مكوّن من مكوّنات مجتمعنا بمعزل عن الوطن ككل، فلا مكاسب أو صف شيعي وآخر سني وثالث كردي وغير ذلك. الموجود هو الصف العراقي والمكسب العراقي الوطني الذي ينعم به الموطنوان جميعاً على حد سواء. وهذا هو السبب الذي دفعني إلى دخول الانتخابات بقائمة منفصلة، وقد أثبتت نتائج الانتخابات صحة هذه الرؤية. ولكن لا يمكننا القفز مرة واحدة على الواقع ونحتاج أحياناً إلى التدرج حتى نصل إلى هدفنا النهائي الذي ما زلنا نسعى إليه وهو الخروج من عالم المحاصصة واعتماد المواطنة أساساً لجميع الحقوق والواجبات. وطبيعي وجود بعض الاختلاف في وجهات النظر مع التيار أو غيره، ولكن أيضاً مبدأ المصالحة الوطنية يحكم هذه الاختلافات حتى مع غير التيار ولا نسمح أن تتحول إلى صراع مع أي شريك.

■ يعجز البعض عن فهم سبب عدم قدرتكم على التوصل إلى تسوية مع إياد علاوي، وخاصة أنكما على علاقة وثيقة بواشنطن. هل يمكنكم أن توضحوا للرأي العام السبب وراء ذلك، علماً بأن علاوي لمّح أكثر من مرة إلى استعداده للتخلي عن رئاسة الحكومة؟
ــــ من المبكر القول إننا عجزنا عن التوصل إلى اتفاق شراكة مع الدكتور إياد علاوي أو مع «العراقية» ككل، لا سيما بعدما تحوّل الجهد من تحالفات ثنائية إلى توافق وطني. صحيح أن المفاوضات مرت بحالات مد وجزر ولكنها لم تنقطع. المهم أن الجانبين على قناعة أكيدة بأنه لا مجال أمامهم سوى الشراكة، الشراكة في الوطن والشراكة في الحكومة والشراكة في تحمل المسؤولية. وهذا هو الذي يجمعنا وليس الصداقة لهذا الطرف الدولي أو ذاك مع احترامنا لكل الأصدقاء في العالم. وكما قلت لكم إن الخلافات غير محصورة بمنصب رئيس الوزراء بل نحن أمام رؤى متباينة لأسلوب إدارة الدولة وهيكلية السياسة والاقتصاد والأجهزة الأمنية وغير ذلك، وهذا من الطبيعي أن يستغرق وقتاً وجهداً ومن الطبيعي أن يمر بحالات صعود ونزول وغير ذلك. لكن المهم هو الإرادة المشتركة على وجوب التوصل إلى اتفاق، وسيكون شريكاً كل من يتفاعل مع مبدأ الشراكة والدخول في توافق وطني لا يلغي الاستحقاق الانتخابي وشراكة المكوّنات.

■ تحدثت تقارير عديدة على مدى الأسابيع الماضية عن محاولات تقومون بها لتفجير الكتل الأخرى، وخاصة «العراقية» عبر الادعاء أنها لائحة سنية. هل تعتقدون أن المخرج الوحيد للأزمة السياسية هو بانفراط الكتل الكبيرة وإعادة تشكّل الخريطة السياسية في البلاد؟
ــــ لم نقم بأي محاولة من هذا القبيل ولن نقوم بأي جهد بهذا الدافع، وقد يكون من مصلحتنا كدولة القانون أن تبقى العراقية وغيرها موحدة لكي يمكننا أن نتفاوض مع طرف بعينه، وحين نصل إلى اتفاق نستطيع القول إننا توصلنا إلى اتفاق يضم كتلة كبيرة. وقد يكون هذا الذي تسمعونه صدى لخلافات داخل القائمة العراقية نفسها أو لا صحة له أصلاً، فمن المؤكد أنها تضم أطرافاً سياسية وشخصيات يحملون طموحات قد تكون أحياناً متزاحمة. وأختلف معك في أن المخرج الوحيد هو بانفراط الكتل الكبيرة بل المخرج هو باتفاقها على رؤية مشتركة، وقد نكون قريبين من مثل هذه الرؤية حالياً. وليس من الحكمة أن يلقي أي طرف تبعات مشاكله إن وجدت على شماعة الآخر.

■ يجمع المراقبون على أن السبب الأساس لتعثر التجديد لكم، إضافة إلى مشاكلكم مع الأطراف الداخلية، والشيعية منها على وجه الخصوص، هو عداوتكم لأكثر من جهة إقليمية. كيف تصفون علاقتكم بإيران التي يقول البعض إنها سحبت دعمها لكم بعدما فشلت ضغوطها في إقناع السيد مقتدى الصدر بالتجديد لكم؟
ــــ لا أنكر وجود مشاكل مع أطراف داخلية وهذا أمر طبيعي، وخصوصاً حين تكون المسؤول المباشر عن السلطة التنفيذية وتتحمل مسؤولية قرارات صعبة كالتي اتخذناها طيلة المرحلة السابقة. فقد تضطر أحياناً لأن تخسر هذا الطرف القريب أو البعيد من أجل أن تربح القرار الوطني الذي يحقق مكاسب للدولة الموحدة وللقانون وسيادته. ومن دون شك، نحن غير نادمين على مثل هذه القرارات. ولو تكررت التجربة ذاتها فسنعود الى القرارات نفسها من منطلق الواجب والمسؤولية الوطنية. ولكن هذا لا يعني عدم حصول بعض الأخطاء التي يمكن أن تحل في إطار التفاهم في ما بيننا والحوار الجدي. وليس لنا عداوات مع أي جهة إقليمية، سواء كانت إيران أو غيرها. نحن بنينا سياستنا الخارجية على أساس الصداقة والمصالح المشتركة مع جميع دول العالم، ولا سيما الدول الجوار العربي والإسلامي والابتعاد عن سياسة المحاور. وقد حققنا نجاحات مهمة على هذا الصعيد. ولكن ربما حصل بعض الأحيان، ونتيجة لظروف العراق الاستثنائية، نوع من التداخل بين الملفات الداخلية والعلاقات الخارجية، وهذا أمر لا ننكره. ولكن أعتقد أنه سرعان ما يزول حين يتوحّد جميع العراقيين ويكون لهم صوت واحد. إلا إذا فهمت بعض الدول أن سياسة الحفاظ على سيادة العراق واستقلال قراره السياسي نوع من العداء معها. من جانبنا لا نعتبره عداءً بل أساساً لعلاقات راسخة متينة.

■ كذلك بالنسبة لعلاقتكم بسوريا التي يبدو واضحاً أنكم تستخدمون سلاح النفط وخط أنابيب كركوك ــــ بانياس لكسب ودّها، علماً بأنها تفضل علاوي وعادل عبد المهدي عليكم؟
ــــ لا أعلم مدى صحة استنتاجكم أن سوريا أو غيرها تفضل هذا الطرف العراقي أو ذاك. ولا أعتقد أن أي دولة صديقة أو شقيقة تبيح لنفسها التدخل بالشأن العراقي إلى هذا الحد. ومع اعتزازنا بصداقة كل الدول وفي مقدمتها الدول العربية والمجاورة، لكن ما يهمنا بالدرجة الأولى هو رأي الشعب العراقي بنا وموقفه من أعمالنا. أما موضوع خطوط النفط والغاز والجهات التي يمر بها فهذه أمور تخضع جميعاً لمدى ما تحققه من مكاسب استراتيجية للشعب العراقي واستثمار ثروته، وستكون الأمور أفضل في ما لو تطابقت مكاسب شعبنا مع مكاسب أشقائنا وجيراننا. وهذه القضية معزولة تماماً وبعيدة كلياً عن الخلافات، إن وجدت، ولا نريد أن يتأثر كل شيء بوجود خلل في شيء.


موضوع خطوط النفط والغاز معزول تماماً وبعيد كلياً عن الخلافات مع سوريا، إن وجدت

لم تنقطع بوادر التواصل مع السعودية وأيدينا ممدودة للصداقة معها ومع جميع الدول العربية

سيكون عراقنا منفتحاً على جميع مكوّناته، يحترم جميع الأديان بلا تدخل أو تفضيل لطائفة على أخرى
■ وفي ما يتعلق بالسعودية. هل هناك بوادر لتواصل أم أن الجسور لا تزال مقطوعة معها؟ وما هو سبب هذا العداء السعودي لكم، برأيكم؟
ــــ لم تنقطع بوادر التواصل بيننا وبين المملكة العربية السعودية، ولا يمكن وصف العلاقة بأنها عدائية كما وصفتها. أعتقد أن هناك نوعاً من سوء الفهم المتراكم الذي ربما أسهمت في بنائه أطراف داخلية وخارجية لا تريد لعلاقاتنا أن تنمو وتتطور. ولكن عموماً، أعتقد أنه آن الأوان لأن تزول هذه التراكمات وأن نشرع بمرحلة جديدة من التفاهم وبناء الثقة. وكما أعلنت مراراً، إن أيدينا ممدودة للصداقة والعلاقات الأخوية مع السعودية وجميع الدول العربية.

■ ما هي رؤيتكم لعراق ما بعد الاحتلال. هل هو عراق أكثر علمانية؟ أم تحالف طائفي على الطريقة اللبنانية وبزعامة شيعية؟ وفي هذه الحال ما موقع باقي الطوائف وخاصة السنية منها؟
ـــ إني على ثقة كبيرة بقدرة العراق كبلد وثروات طبيعية كبيرة، والأهم من كل ذلك ما يمكله من ثروة بشرية وما يتميز به الإنسان العراقي من قوة في الإبداع والذكاء والحب للوطن. سيكون عما قريب من الدول المرموقة في المنطقة. أما في الداخل فبالتاكيد سيكون عراقاً منفتحاً على جميع مكوّناته، متصالحاً مع نفسه، يحترم جميع الأديان والمذاهب من دون تدخل أو تفضيل لطائفة على أخرى. وبما أن تلك هي رغبة العراقيين جميعاً، فأعتقد أننا ماضون باتجاهها حتماً، وقد وجد العراقيون حقهم في ظل الحرية والديموقراطية وسيعملون على حمايتها.

■ أين ترى موقع عراق ما بعد الاحتلال في ظل الاصطفافات الإقليمية؟ هل سيكون حيادكم تحت عنوان «العراق أولاً» ممكناً إذاً، على سبيل المثال، تعرضت إيران لعدوان عسكري؟
ــــ أعتقد أن العراق سيبقى على سعيه الحالي لبناء أحسن العلاقات مع كل دول العالم، ولا سيما الدول المجاورة. العراق الآن بلد مسالم يريد التركيز على همومه الداخلية وبناء دولته المستقرة النامية وتحقيق الأمن والاستقرار والرفاه لشعبه من دون وجود أطماع أو رغبات في التوسع ومد النفوذ وغير ذلك من مغامرات دفعت البلاد ثمنها غالياً. وسيسخّر كل إمكاناته وتأثيره لتعزيز فرص الأمن والاستقرار والسلام في المنطقة والعالم. كل ذلك يدعونا إلى الابتعاد عن سياسة المحاور، وما نريده هو كسب الجميع وعدم خسارة أحد، ونطمع إلى أن يكون لنا دور توافقي تضامني لإصلاح كل بادرة خلاف تؤثر على أمن المنطقة واستقرارها. كما أن طبيعة نظامنا السياسي الجديد ستجنب العراق المزيد من المغامرات والحروب والصراعات، فمثل هذه القرارات لا يمكن أن تتخذ إلا في إطار وطني شامل كما ينص الدستور، وهذا ما سيجنّبنا المزيد من الحروب والمغامرات وغير ذلك.



نوري المالكي من مواليد كربلاء 1950، لأسرة مرموقة من بني مالك، حيث كان جدّه من أبرز قادة ثورة العشرين، ووزيراً للمعارف. درس أصول الدين في بغداد، واللغة العربية في أربيل، وانضم إلى «الدعوة» عام 1970. غادر العراق في 1979، بعد صدور حكم الإعدام بحقّه، وتنقّل بين سوريا وإيران حتى عودته في 2003.