نتنياهو ينفي وعد أوباما بتمديد التجميد... و«فتح» ترفض الاعتراف بيهوديّة إسرائيلقبل ساعات على انطلاق المفاوضات المباشرة، أعلنت إسرائيل أنها لم تعِد الولايات المتحدة بمواصلة التجميد الجزئي للاستيطان، في وقت تستعدّ فيه لبناء آلاف المساكن في 57 مستوطنة، برضى فلسطينيّ!عشية بدء المفاوضات المباشرة بين الفلسطينيّين والإسرائيليين، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أنه «لم يعِد الولايات المتحدة بمواصلة التجميد الجزئي للاستيطان في الضفة»، مضيفاً في اجتماع مع وزراء حزب «الليكود» أول من أمس، «لم نقدم أيّ مقترح للأميركيين بشأن تمديد التجميد. ولم تتخذ الحكومة أيّ قرار جديد بشأنه». وقال إنّ «مستقبل المستوطنات سيُبحث أثناء المباحثات الخاصة بالاتفاق النهائي مع باقي القضايا».
وكانت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية قد أعلنت أن نتنياهو ألغى في اللحظات الأخيرة اجتماعاً للجنة الوزارية السباعية، كان مقرراً صباح أمس، من دون معرفة الدوافع. وأوضحت أن رئيس طاقم المفاوضات من الجانب الإسرائيلي المحامي اتسحاق مولخو، غادر إلى الولايات المتحدة «للإعداد للقمة المرتقبة غداً الأربعاء».
كلام نتنياهو عن الاستيطان يتجه إلى الترجمة أفعالاً على الأرض، إذ قالت إذاعة الجيش الإسرائيلي إنّ «آلاف المساكن حصلت على التراخيص اللازمة لبدء أعمال البناء اعتباراً من 27 أيلول (المقبل) في 57 مستوطنة، بما في ذلك المستوطنات المعزولة. ووحده التمديد الرسمي للتجميد من جانب الحكومة سيمنع إطلاق هذه المشاريع».
كذلك، أعلن مسؤول ملف الاستيطان في شمال الضفة الغربية، غسان دغلس، أن «أعمال التوسيع بدأت في مستوطنة الون موريه، شرق نابلس، وأخرى في جفعات جلعاد على طريق نابلس ـــــ قلقيلية، شمال الضفة».
في المقابل، بدا الجانب الفلسطيني راضخاً للمضي في الاستيطان، إذ نقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن مصادر فلسطينية قولها إنها «تعترف بأنه لا يمكن فرض تجميد البناء الاستيطاني بشكل كامل على إسرائيل»، مضيفةً إنّ رام الله «تدرك أنه بعد السادس والعشرين من أيلول (المقبل)، سيتجدد البناء الاستيطاني على أراضي الضفة الغربية، وليس جزئياً. وتدرك أن ذلك متوقع بعد توضيحات الإدارة الأميركية للسلطة، بشأن الضرورات الائتلافية لنتنياهو».
ونقلت الصحيفة عن مصدر فلسطيني وصفته بـ«النافذ»، تلميحه إلى أنه «إذا كان نتنياهو على استعداد للبدء بالمفاوضات المباشرة من خلال الموافقة على أن تكون الدولة الفلسطينية على أساس حدود الرابع من حزيران عام 1967، فستكون مسألة البناء الاستيطاني إلى حين التوصل إلى اتفاق أقل تأزيماً». وأضاف إنّ «احتمال الفشل يقلق السلطة الفلسطينية، خشية أن تكون حماس هي الرابح الأساسي من ذلك».
إلا أن الصحيفة نقلت عن مقربين من نتنياهو قولهم إنه «لا يمكن أن يوافق الأخير على حدود الرابع من حزيران بأي حال من الأحوال». وأضافت إنه «في الوقت الذي تنسحب فيه الولايات المتحدة من العراق، وتتجدد الجبهة الشرقية، فإنه لا يمكن وضع الأغوار تحت سيطرة الفلسطينيّين».
كذلك أشارت الصحيفة إلى أن قادة فلسطينيين «على قناعة بأن نتنياهو ليس معنياً حقاً بالمفاوضات، بل إن موافقته على إجرائها تأتي نتيجة ضغوط داخلية من الرئيس الأميركي باراك أوباما». وأوضحت أن السلطة الفلسطينية «أدركت في الأسابيع الأخيرة أن رفض المشاركة في المفاوضات المباشرة يؤدي إلى وقف تدفق أموال الدول المانحة».
في هذا الوقت، أعلنت حركة «فتح» على لسان المتحدث باسمها أحمد عساف، رفضها الاعتراف «بدولة يهودية»، مشدّدة على أن الشعب الفلسطيني «ماض في معركته التفاوضية بالصمود على الثوابث»، ولن يخضع لشروط إسرائيل.
وقال عساف إن «شروط نتنياهو انتهاك للقانون الدولي وعملية تلغيم لمرجعية المفاوضات»، مشدداً على أن شرط الاعتراف بيهودية دولة إسرائيل هو «انتهاك للقانون الدولي الذي كرس وثبّت حقوق اللاجئين الفلسطينيين في قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، وتحديداً القرار 194».
وكان الرئيس الفلسطيني قد حمّل إسرائيل «وحدها» مسؤولية أيّ انهيار للمفاوضات المباشرة مع الفلسطينيين، «إذا استمر التوسع الاستيطاني». وقال «إذا كنا قد وافقنا على تلبية الدعوة الأميركية لحضور اجتماع واشنطن، فإن موافقتنا هذه استندت إلى بيان اللجنة الرباعية الدولية بكل ما احتواه من عناصر وقواعد وضمانات».
وأضاف عباس «نؤكد على حاجة إسرائيل وحاجتنا إلى الأمن، غير أن الأمن لا ينبغي أن يظل مجرد ذريعة لتبرير التوسع والاستيطان والاستيلاء على أراضي وحقوق الغير بالقوة». كذلك حاول طمأنة الشعب الفلسطيني، مشيراً إلى أن المفاوضات المباشرة ستتناول «كل قضايا الوضع النهائي، وتشمل القدس واللاجئين والحدود والمستوطنات والأمن والمياه والإفراج عن الأسرى».
من جهته، أكد الرئيس المصري حسني مبارك، بعد لقائه الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي في الإليزيه، أن «مصر بذلت قصارى جهدها لتهيئة الأجواء وإعادة إطلاق المفاوضات المباشرة». وأعرب عن تطلعه إلى تحمل الإدارة الأميركية وباقي أطراف اللجنة الرباعية الدولية لدورهم ومسؤوليتهم لاغتنام هذه الفرصة في هذا المنعطف المهم، وأن يتحمل الجانبان الإسرائيلي والفلسطيني المسؤولية على نحو يرقى إلى مستوى آمال تطلعات شعبيهما.
واللافت أن كلام مبارك يأتي بعد تحذير صريح صدر من القاهرة للفلسطينيين من مغبّة «إضاعة الفرصة». إذ أعرب المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، سليمان عواد، عن خشيته من «أن ينتظر الجانب الفلسطيني سنوات أخرى طويلة حتى تحين الفرصة وتتّزن القوى الإقليمية والدولية، بينما تلتهم المستوطنات أرض فلسطين المحتلة يوماً بعد يوم». وأضاف إن ذلك الانتظار «يهدّد بألّا يبقى من هذه الأراضي ما يمكن الشعب الفلسطيني أن يقيم عليه دولته».
وفي ما يتعلق برفض إسرائيل تجميد الاستيطان، قال عواد «إننا لا نريد أن نستبق الأحداث... ولا أن نحكم على هذه المفاوضات بالفشل قبل أن تبدأ».
(الأخبار، أ ف ب، رويترز، يو بي آي)