يواصل تنظيم «القاعدة في جزيرة العرب» حربه المفتوحة على السلطات اليمنية، في وقت شهدت فيه الجبهة الشمالية ترسيخاً للهدوء بعد وساطة قطرية أفضت إلى التوقيع على اتفاق مع الحوثيين
جمانة فرحات
خطت السلطات اليمنية والحوثيون باتجاه تعزيز الهدنة بينهما بعد توصلهما إلى اتفاق في قطر أكد ضرورة التزام الجانبين ضمن مهل زمنية محددة بمجموعة من النقاط، سبق أن كانت مدار تفاهم بينهما من دون أن تجد طريقها إلى التنفيذ منذ انتهاء الجولة السادسة من المواجهات المتقطعة بين الطرفين في شباط الماضي.
والاتفاق، الذي لم تعلن تفاصيله كاملة، شدد على ضرورة إعادة الحوثيين أسلحة الجيش اليمني المسروقة إلى الوسيط القطري، على أن تطلق الحكومة سراح أتباع عبد الملك الحوثي.
وفيما كانت لافتة سرعة التوصل إلى الاتفاق في الدوحة، حيث لم تتخطّ المفاوضات الأسبوع، ترافق الإعلان عن إنجاز التفاهم مع صدور تقرير لصحيفة «وورلد تريبيون» يتحدث عن دور إيراني لزعزعة استقرار اليمن.
ونقلت الصحيفة عن مصادر استخبارية إسرائيلية تأكيدها أن الحرس الثوري الإيراني يسلّح الكوادر الشابة من الحوثيين ويدرّبها. كما نقلت الصحيفة عن نائب وزير الخارجية الإسرائيلي داني أيالون، اعتباره اليمن من ضمن الدول التي «تسيطر إيران فيها على الهيئات التي تعمل كدولة داخل دولة»، في إشارة إلى أتباع عبد الملك الحوثي.
في هذه الأثناء، تبدو السلطات اليمنية قلقة من تسريب معلومات تفيد عن تدخل أميركي وبريطاني في أراضيها في محاولة لتعقب عناصر تنظيم «القاعدة»، الذين باتوا يوجهون ضربات متتالية للمقار الأمنية، كان آخرها يوم السبت الماضي عندما تمكن مسلحو التنظيم من قتل اثني عشر جندياً. ونفت مصادر من وزارة الدفاع اليمنية التقارير ووصفتها بأنها «مزاعم وافتراءات مختلقة لا أساس لها من الصحة». إلا أن ذلك لم يلغ حقيقة أن الطائرات الأميركية بدون طيار تحولت إلى ضيف ثقيل في الأجواء اليمنية تحصد من المدنيين أكثر مما تحصد من المسلحين.
والتدخل الأميركي المباشر بات لا غنى عنه من وجهة نظر واشنطن، بعدما ثبت أن تقديم المساعدات العسكرية وتدريب الأجهزة الأمنية على مكافحة الارهاب غير كاف، ولا سيما بعدما حسمت وكالة الاستخبارات الأميركية «سي آي إيه» أمرها باعتبار تنظيم «القاعدة في جزيرة العرب» الأكثر تهديداً، متخطّياً في خطورته التنظيم الرئيسي المنتشر بين باكستان وأفغانستان نظراً إلى حرية الحركة النسبية التي يتمتع بها عناصره وخطورتهم إذا أحكموا سيطرتهم على مناطق واسعة من البلاد واستطاعوا توثيق تعاونهم مع عناصر القاعدة في الصومال. بدورها، تخلت بريطانيا عن سياسة الحذر تجاه الإعلان عن وجود قواتها خارج أفغانستان في مهمات قتالية، وتحدثت علانية عن «أن جنوداً بريطانيين ينتشرون الآن في النقاط الساخنة للجماعات المسلحة في اليمن وباكستان»، فيما قدرت أرقام القوات البريطانية في اليمن بنحو 20 جندياً من أفراد البحرية الملكية البريطانية.
وخوف السلطات من احتمال تحول البلاد إلى جزء لا يتجزأ من الحرب الأميركية على الإرهاب، إلى جانب أفغانستان وباكستان، يأتي بسبب إدراكها لحقيقة أن الخطوة متى أصبحت أمراً واقعاً ومفروضاً لن تجلب إلى اليمن سوى مزيد من الفوضى والاستقرار في ظل خطر التفكك القائم في الجنوب والنقمة في الشمال التي لن تستطيع أي وساطة إنهاءها ما لم تعالج جذور الأزمة، وهو أمر لم يتم حتى هذه اللحظة.
وتأسيساً على ذلك، فإن عدم ارتياح السلطات اليمنية يطال أيضاً تعثر الحوار بين حزب المؤتمر الشعبي الحاكم والمعارضة، على الرغم من عقد اللجنة المصغرة المنبثقة عن اللجنة المشتركة للإعداد والتهيئة للحوار الوطني اجتماعها الثاني يوم الخميس الماضي.
وفي وقتٍ يتهم فيه حزب المؤتمر الشعبي أحزاب اللقاء المشترك بمحاولة عرقلة الحوار وتفخيخه، تحدثت مصادر يمنية معارضة مشاركة في الحوار لـ«الأخبار» عن وجود حذر شديد في التعاطي بين الجانبين انطلاقاً من تجربة الحوار السابقة الفاشلة. وأشارت المصادر إلى أجندتين متضاربتين، مشددةً في الوقت نفسه على مساع حثيثة تبذل للحؤول دون فشل الحوار، ولا سيما أنه لا يزال في المرحلة الأولى الخاصة بوضع الضوابط وأجندة الحوار.
واتهمت المصادر الحزب الحاكم بأنه يريد فرض أجندته على الحوار وتحديداً تلك المرتبطة بالانتخابات عبر اللجنة العليا للانتخابات التي لا تعترف بها المعارضة، فيما تسعى الأخيرة إلى تهيئة مناخات سياسية تأخذ بعين الاعتبار الإصلاح السياسي والانتخابي قبل إجراء الانتخابات.