مقتل 4 مستوطنين في الخليل في عملية تبنّت «القسّام» مسؤوليّتها بدأت واشنطن تستقبل الأطراف الرئيسية لإطلاق مفاوضات السلام، بعد لقاء سرّي جمع وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك، والرئيس الفلسطيني محمود عباس، في وقت طمأن فيه بنيامين نتنياهو حزبه إلى عدم التنازل عن أرض إسرائيل!
قتل أربعة إسرائيليين في عملية للمقاومة هزّت الضفة الغربية، أمس، ووصل صداها إلى واشنطن التي وصلها قبل ساعات الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو استعداداً لانطلاق المفاوضات المباشرة من خلال مأدبة عشاء اليوم.
وقتل المستوطنون الأربعة برصاص مقاومين فلسطينيين عند مدخل مستوطنة «كريات أربع» في الخليل. ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن مصادر أمنية إسرائيلية قولها إنه بعد عملية إطلاق النار اقترب المسلحون من السيارة التي كان فيها القتلى وأطلقوا النار مرة أخرى للتأكد من القتل.
وأعلنت «كتائب القسام»، الذراع العسكرية لـ»حماس»، في بيان، «مسؤوليتها الكاملة عن عملية الخليل البطولية».
وقال المتحدث باسم الكتائب، أبو عبيدة، «نؤكد ونبارك لجميع أبناء شعبنا في الضفة وغزة هذه العملية» التي «تأتي ضمن سلسلة عمليات رد على جرائم الاحتلال في الضفة الغربية وأهلنا هناك وضد الحرب وضد المقدسات وضد عمليات الاستيطان وفي سياق استكمال مشروعنا الجهادي والمقاومة في الضفة التي لم تبخل على شعبنا بالتضحيات من أجل استمرار هذا المشروع»، مشيراً إلى أنها «توجه رسالة للذين يراهنون على السلام بأن التنسيق الأمني لا يفيد وأن خيار شعبنا الأصيل هو خيار المقاومة».وقال شهود عيان إن قوات كبيرة من الجيش الإسرائيلي اقتحمت بلدة بني نعيم القريبة من موقع العملية، وأعلنت فرض حظر التجول عبر مكبرات الصوت. وأضافوا إنها شنت عملية دهم للمنازل، بعدما تمركزت على مداخل البلدة.
وسبق وصول عباس ونتنياهو إلى واشنطن كشف صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية عن لقاء سري جمع وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك وعباس في عمان يوم الأحد الماضي. وقالت إن باراك وعباس «اجتمعا في بيت خاص، بهدف التمهيد للقاء القمة في واشنطن».
وأضافت الصحيفة إن باراك توجّه جواً في التاسعة من مساء الأحد الماضي، يرافقه منسق العمليات في المناطق (الضفة الغربية)، إيتان دنغوط، واجتمع مع عباس في لقاء وصف بالإيجابي، حيث نوقشت الترتيبات الأمنية في الضفة والاستعدادات لقمة واشنطن.
من جهته، وقبل مغادرته القدس المحتلة، قال نتنياهو إنه حاول طمأنة حزبه «الليكود»، مشيراً بطريقة غير مباشرة إلى أنه «سيكون من الصعب انتزاع تنازلات جغرافية منه خلال محادثات السلام». وقال، خلال اجتماع لأعضاء الحزب، «عليكم ألا تقلقوا. ليس لأحد أن يعلّمني ما هو حب أرض إسرائيل». وأضاف «أنا مدرك للصعوبات، لكنني أعتقد أنّ من الممكن التوصل إلى اتفاق للسلام. حكومة إسرائيل تريد التقدم على طريق السلام ليستمر على مدى أجيال. ووحدها حكومة الليكود قادرة على تحقيق هذا».
وقبل توجهه الى الولايات المتحدة، تلقى نتنياهو دعماً سياسياً مفاجئاً من حزب «شاس» الديني الحريدي، الذي أبدى استعداده لتمكين نتنياهو من «مساحة تنفّس» إضافية بعد انتهاء فترة التجميد، من خلال عدم إلزامه بالتعهد الذي أعلنه بتجديد البناء في كل مناطق الضفة الغربية.
ونقل الموقع عن مصادر مقربة من المرشد الروحي لحزب «شاس»، الحاخام عوفاديا يوسف، تأييده للمفاوضات المباشرة واهتمامه بإجرائها، لكنه مع ذلك طالب بالاستئناف الفوري للبناء في القدس كلها، مع انتهاء فترة التجميد، بما فيها الأحياء اليهودية في شرقي المدينة مثل بسغات زئيف، وراموت، ونافيه يعقوب، والكتل الاستيطانية الحريدية ما وراء الخط الأخضر مثل كريات سيفر وبيتار.
وأوضح رئيس شاس إيلي يشاي أنّ «حركة شاس تعارض استمرار التجميد من دون تمييز في الأماكن، وأنّ من الصحيح العودة للبناء من دون تأجيل».
وفي السياق، نقلت إذاعة جيش الاحتلال عن مصادر إسرائيلية قولها إن «الإدارة الأميركية باتت تدرك صعوبة الاستمرار في تجميد الاستيطان، لأن الالتزام بالقرار يعني تفكيك الحكومة الحالية برئاسة نتنياهو، وانهيار عملية السلام». وأوضحت أن واشنطن وعدت «بالوصول إلى حلول توافقية مع الجانب الفلسطيني، تضمن من خلالها حفظ ماء الوجه للطرفين».
بدوره، دعا الرئيس الإسرائيلي، شمعون بيريز، إلى «التخلي عن الاستخفاف والتشكيك» للتوصل إلى نتيجة خلال المفاوضات. وقال إن نتنياهو «توجه إلى واشنطن لإيجاد حل يقضي بقيام دولتين لشعبين مع إنشاء دولة فلسطينية ديموقراطية منزوعة السلاح إلى جانب دولة إسرائيل»، مضيفاً إنّ «أيّ حل آخر سيكون خطيراً».
وفي السياق، قال عباس، للصحافيين خلال وجوده على الطائرة، إن «الموعد المحدد لإنهاء المفاوضات منطقي»، مضيفاً «إذا كان هناك حسن نية، فهذا أكثر من كاف». وأمل أن يكون هناك «دورٌ نشط للولايات المتحدة في المحادثات»، مشيراً إلى أنه «عندما يصل الطرفان إلى طريق مسدود، ينبغي لإدارة أوباما تقديم اقتراحات لردم الهوّة بين الطرفين».

عبّاس وباراك يلتقيان سرّاً وواشنطن تسمح ببناء استيطاني محدود
وفي السياق، كشفت مصادر دبلوماسية أن السلطة الفلسطينية طلبت من مصر الاستفادة من خبرتها التفاوضية مع إسرائيل، عبر تأليف وفد استشاري لتقديم الدعم إلى المفاوض الفلسطيني، ولا سيما في القضايا المعقّدة.
وكشف المتحدث باسم الرئاسة المصرية، سليمان عواد، أن مصر رفضت عرضاً لإطلاق المفاوضات المباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين في منتجع شرم الشيخ. وأوضح أن الرئيس حسني مبارك قال «إذا حضر أوباما فأهلاً وسهلاً، وإذا لم يحضر، فلا أستطيع أنا كرئيس مصر أن أطلق مفاوضات من دون حضور على أعلى مستوى من جميع الأطراف، بما في ذلك الطرف الأميركي».
وفي ردود الفعل، اتهم وزير الخارجية الإيراني، منوشهر متكي، زعماء عرباً لم يسمّهم بـ«خيانة» شعوبهم من خلال المشاركة في مفاوضات التسوية. وذكرت وكالة أنباء «فارس» أن متكي خاطب «بعض القادة الذين يخوضون مفاوضات السلام مع الكيان الصهيوني وفقاً لإملاءات أميركية، قائلاً: عليكم أن تعلموا أنّ مفاوضاتكم تعدّ مسماراً في نعش هذا السلام».
من جهتها، قالت السعودية عبر وزير الثقافة والإعلام، عبد العزيز خوجة، إن «مواصلة إسرائيل الاعتداءات على الشعب الفلسطيني ستؤثر على سير المفاوضات المباشرة».
(الأخبار، أ ب، أ ف ب،
رويترز، يو بي آي)