تخيّل أنك تقرر الهرب الى أحضان عدوك لأنك لم تعد تحتمل العيش في وطنك. تخيّل أن تستيقظ يوماً ما وتجد أن الدواء الذي يحتاج إليه والدك مقطوع من السوق ولا بديل عنه. تخيّل أمك المسنة تمشي لمسافات طويلة لجلب «غالون» ماء. تخيّل للحظات أن البحر أمامك ولا تستطيع السباحة والإصطياد فيه. تخيّل أن المنطقة التي تسكنها مع مليوني شخص يقولون إنها لن تكون صالحة للعيش فيها بعد خمس سنوات.
هذه التخيّلات واقع يعيشه ابناء غزة يومياً. واقع يكافحون للصمود فيه، بعضهم ينجوا ليعيش يوماً آخر، آخرون يضعفون ويقررون إدارة وجوههم شرقاً بإتجاه الحدود مع العدو. يحاولون الهرب الى «البلاد»، حيث أرض أجدادهم التي إحتلها عدوهم، على أمل العمل هناك لإعالة أهاليهم. حتى الان كل عمليات التسلل فشلت، وقبض على المتسللين وأعيدوا الى القطاع. هذه الضريبة يدفعها أبناء غزة لأنهم قرروا أن يكونوا مع المقاومة وأن يمرغوا أنف العدو في كل مرة حاول فيها كسرهم. يوماً ما تمنى أحدهم أن يبتلع البحر غزة، لكن البحر أصبح رئة المقاومة وسكان القطاع قرروا ان تكون غزة «هانوي فلسطين»، ولهؤلاء تنحني الرؤوس لقتالهم وصمودهم عنّا جميعاً