باريس ــ بسّام الطيارةسباق متسارع بين الغرب وتنظيم «القاعدة» في الصحراء الكبرى يتحول يوماً بعد يوم إلى صراع دام. فبينما تسعى الدول الغربية إلى جعل المناطق الصحراوية، التي تفصل المغرب العربي عن القارة السمراء، «مصدر طاقة كهربائية»، يجهد تنظيم «القاعدة» لبناء قاعدة في قسم من تلك المنطقة الصحراوية التي تمتد على حدود الجزائر ومالي وموريتانيا والنيجر.
وقبل يومين نصب مسلحون كميناً للقوات الجزائرية في منطقة تمنراست قرب الحدود مع مالي والنيجر ذهب ضحيته 11عنصراً، ما دفع بالجزائر الى شنّ حملة واسعة النطاق للقبض على من يشتبه بأنهم من «القاعدة» عبر حدودها مع مالي. وذكرت مصادر عسكرية في مالي أن السلطات المالية «سمحت للقوات الجزائرية بمطاردة المسلحين داخل أراضيها». وعلمت «الأخبار» من مصادر موثوقة في باريس أن «من غير المرجح أن تقبل الجزائر هذا العرض»، إلا أن هذه المصادر لفتت إلى أن هذا «التطور» يشير إلى أن «دول الهلال الصحراوي المستهدفة من «القاعدة» باتت على استعداد متزايد للتعاون في محاربة المتشددين في المنطقة». ويرى الخبراء أن الكمين، الذي نُصب للقوات الجزائرية، هو الأعنف لتنظيم «القاعدة» على هذا العمق في الصحراء. والمثير للانتباه هو أن هذا الهجوم وقع في المنطقة التي «أُقيم فيها مقرّ قيادة عسكرية مشتركة لمحاربة الإرهاب»، وهو المركز التي تقول مصادر إن «القوات الأميركية قد أنشأته وهي موجودة بأعداد في إطاره».
ويذكّر الهجوم الأخير بآخر سابق وقع في المثلث نفسه، لكن داخل حدود النيجر، حين هاجمت مجموعة مسلحة قوات أمن نيجيرية كانت تحمي «مجموعة من الصيادين السعوديين»، وهكذا بات هذا المثلث الذي يجمع حدود النيجر ومالي ومنطقة تمنراست من أشد المناطق خطورة، وتحت سيطرة المسلحين.
وتعدّ هذه المنطقة موقعاً «لكل أعمال التهريب» تتقاطع فيه تجارة المخدرات وتجارة الأسلحة، إضافة إلى الرقيق بأشكاله المتنوعة من اليد العاملة التي يجري تهريبها إلى أوروبا إلى خطف رهائن أجانب.
ويلاحظ المراقبون أن الجماعة السلفية للتبشير والجهاد، التي يقودها عبد المالك دروكدال، نظّمت عملها عبر الحدود، منذ أن غيرت اسمها إلى «القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي»، وباتت لا تتردد في مهاجمة ثكن عسكرية، كما أنها باتت تعتمد «مقاربة جهادية اقتصادية» بحيث تستهدف المهندسين والتقنيين الأجانب، وخصوصاً العاملين في صناعة النفط.
وقد بثت إذاعة «فرانس ٢٤» الإخبارية الفرنسية شريطاً مصوراً من 40 دقيقة غير محدد التاريخ لأعضاء التنظيم قالت إنه عثر عليه مع عضو سابق تمكن من الفرار من معسكر تابع لـ«القاعدة». ويظهر الشريط أعضاء التنظيم وهم يتدربون ويمرحون في أحد معاقل «القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي» بمنطقة المثلث نيجير مالي الجزائر على سفح تلة.
من جهته، حذر الرئيس الجزائري، عبد العزيز بوتفليقة، نظراءه خلال قمة الـ٢٠ من تصاعد أعمال العنف الإرهابي وضرورة العمل على التصدّي بشمولية لها، وخصوصاً أن الجزائر هي الأكثر استهدافاً في الوقت الحالي.
وربما يفسر تجميد الجزائر إرساء عقد بملايين الدولارات لإعادة تأهيل مدينة حاسي مسعود الصحراوية التي تعدّ مركز ثقل الصناعة النفطية الجزائرية، فيما عزت مصادر مقرّبة من شركة «سوناطراك» الحكومية الجزائرية للطاقة، عملية التجميد إلى تغيير كبير في هيكليتها الإدارية إثر تعيين وزير جديد للطاقة. وذكرت وسائل إعلام جزائرية أن العشرات من العقود التي اتفقت عليها «سوناطراك» مع موردين ومقاولين جرى تجميدها إلى حين إجراء مراجعة.