«القرد المقاتل» ماتيس: أتيت بسلام لكن لا تعبثوا معي لأنّني سأقتلكم جميعاً أرنست خوري
أصبح الجنرال جايمس ماتيس خليفة لدايفيد بيترايوس في قيادة المنطقة الوسطى في الجيش الأميركي. بحث سريع عن هذا الاسم كافٍ لإثارة الرعب في النفوس. فماتيس، قائد وحدة القيادة في القوات الأميركية المشتركة USJFCOM، والقائد السابق لقسم التحول في حلف شماليّ الأطلسي، سبق له أن قاد قوات بلاده في كل من العراق وأفغانستان. في العراق برز اسمه في المعركة الأشهر، تلك التي شهدتها مدينة الفلوجة في 2004. ومنذ 2003، يعرف ماتيس العراق جيداً، بما أنه كان قائد الفرقة الأولى في مشاة البحرية (المارينز) التي كانت من أوائل الفرق التي دخلت الأراضي العراقية.
قائد عسكري هو نموذج لأخلاق جيش الاحتلال. شُغل العالم بأمره العسكري الذي وجهه إلى جنود «المارينز» عشية دخولهم العراق: «كونوا مهذّبين، وكونوا محترفين. لكن صمِّموا على قتل أي شخص تلتقون به». تصريحات لم تقتصر على ذلك، بل تطورت مع الوقت لتصل إلى ذروتها في الرابع من شباط 2005، حين قال لقناة «سي أن أن» في سان دييغو: «من الممتع أن تقتل بعض الأشخاص». ولأن المحتل يُحاسَب على أسس أخلاق الاحتلال، لم ينل ماتيس أي عقاب على كلامه ذاك، إلا لوم قائد فوج مشاة البحرية في حينه، الجنرال مايكل هايجي، الذي فضّل «لو درس الجنرال ماتيس كلامه قبل أن يتفوّه به».
ومن يومها، بدا أن ماتيس تعلّم الدرس، فأسهم في جولات من المفاوضات مع مقاتلي تنظيم «القاعدة» وتنظيمات مقاومة ومسلحة أخرى في محافظة الأنبار (التي كان مسؤولاً عنها)، انتهى بعضها إلى ولادة «مجالس الصحوات». حتى إن ماتيس تحول مع الوقت إلى «داعية ضد العنف»؛ ففي 2007، نصح جنوده: «في كل مرة تظهرون قرفاً أو غضباً تجاه المدنيين، يكون تنظيم القاعدة وجميع المتمردين قد حققوا انتصاراً. وفي كل مرة تلوّحون بسلام للمدنيين، يتوجّع القاعدة في قبره». دروس تعلمها الجنرال من الأساليب التي اعتمدها الضابط البريطاني الشهير توماس إدوارد لورنس (لورنس العرب) في قتاله المقاومة الجزائرية في مطلع القرن الماضي.
لكن قبل ذلك، وفي 2006 تحديداً، خاطب ماتيس العراقيين بالآتي: «أتيتُ إلى هنا بسلام ومن دون مدافع. لكنني أرجوكم والدمع في عيني، لا تعبثوا معي لأنني سأقتلكم جميعكم». طريقة مخاطبة سوقية معروفة عن الرجل لم تقتصر على مواطني الدول التي احتلها ماتيس وجيشه، بل طالت الساسة والقادة العسكريين العراقيين الذين بعث لهم رسالة في عام 2006، أبرز ما جاء فيها: «في سنّي، لا أهتم لمقدار تمتعكم بالتكتيك والذكاء. فإن كنتم عاجزين عن إرساء تناغم في ما بينكم، فعليكم أن تذهبوا إلى منازلكم لأن قيادتكم ستكون متخلّفة».
وتشير تقارير إلى أنّه كان من المفترض تعيين ماتيس قائداً لقوات «المارينز» التي ينتمي إليها. لكن طارئاً كبيراً حصل وغيّر الخطة، وهو فضيحة قائد القوات الأميركية والأطلسية في أفغانستان، ستانلي ماكريستال. وبحسب مجلة the atlantic الأميركية، فإنّ نقل بيترايوس إلى أفغانستان هو ما فرض تعيين ماتيس على رأس المنطقة الوسطى التي تضمّ، من بين ما تضمه، العراق وأفغانستان وإيران، بما أنّ الإدارة السياسية للرئيس باراك أوباما، قررت أن يكون خليفة ماكريستال اسم من اثنين: بيترايوس أو ماتيس. وبما أن ماتيس خبير في مناطق الحروب الأميركية، وتحديداً العراق وأفغانستان (حيث سبق له أن قاد فرقتي مشاة البحرية الأولى والفرقة 58 في جنوب أفغانستان في 2001) وإيران وباكستان، اتُّخذ القرار بتقسيم الأدوار بين

كونوا مهذّبين ومحترفين لكن صمِّموا على قتل أي شخص تلتقون به
الرجلين. وماتيس هو أحد المقربين جداً من بيترايوس، حتى إن مجلة «كريستان ساينس مونيتور» الأميركية وصفتهما بأنهما «توأمين» و«المهندسين الحصريين لكيفية محاربة المتمردين» في أفغانستان والعراق. حتى إن الجنرال المعين حديثاً في قيادة المنطقة الوسطى وضع مع بيترايوس خطة الإغراق في العراق، وهي التي يهنّئ الأميركيون أنفسهم عليها، بما أنها صاحبة الفضل في «تهدئة» جبهة بلاد الرافدين.
«القرد المقاتل» (لقبه العسكري) عازب، درس التاريخ في الجامعة. أما «الكلب المجنون» فهو اسم الجنرال ماتيس في المسلسل التلفزيوني الأميركي المقتبس عن كتاب إيفانت رايت «جيل القتل» generation kill.
تنقل في عمله في الجيش (منذ 1972) في عدد كبير من المناصب وأنواع المسؤوليات، الإدارية منها (مسؤولاً عن عدد من شركات الأسلحة التابعة للجيش عندما كان برتبة نقيب) والعسكرية (في المارينز والعراق وأفغانستان) مثلما تشير إليه سيرته الذاتية على موقع وزارة الدفاع الأميركية على شبكة الإنترنت.
يدرك المسؤولون في إدارة أوباما أنّ ماتيس قد يصبح «ماكريستال» جديداً من ناحية التفوه بـ«حماقات» علنية (وهو ما فعله مراراً خلال مسيرته العسكرية). لكن وزير الدفاع روبرت غيتس طمأن المتخوّفين قبل يومين: لقد تعلّم الجنرال ماتيس الدرس. على الشعوب المحتلة أن تفهم الرسالة: سيقتلكم بتهذيب.