صبّ التقرير، الذي أصدره رئيس لجنة التحقيق العسكري الإسرائيلي في مهاجمة السفينة «مرمرة»، اللواء في الاحتياط، غيورا آيلند، الزيت على نار الخلافات بين وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك، ورئيس أركان الجيش الإسرائيلي غابي أشكينازي، فشرّع الأبواب أمام «حرب روايات» بين الرجلين، في محاولة منهما لتقاذف كرة الفشل وتبادل الاتهامات بشأن من يتحمّل المسؤولية، ومن حذّر أولاً من النتائج التي توصّل إليها التقرير، والتي أشارت إلى ارتكاب العديد من الأخطاء من جانب المستويات العليا. وما كاد آيلند ينتهي من تلاوة أهم المعطيات غير السرية من تقريره، الذي رفعه إلى أشكينازي، وإشارته إلى رسالة كان رئيس الأركان قد بعثها إلى باراك ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو قبل أسبوعين من أحداث أسطول الحرية، وحذّر فيها من تبعات شن عملية عسكرية ضد الأسطول، حتى سارع مكتب باراك إلى الرد على أشكينازي، فادعى في بيان أصدره أنّ وزير الدفاع طلب قبل تنفيذ العملية العسكرية ضد أسطول الحرية بثلاثة أسابيع جمع معلومات عن النشطاء الموجودين على متن السفينة «مرمرة»، تحسباً من وجود «إرهابيّين» بينهم. ووفقا لآيلند، فإن أشكينازي بعث رسالته إلى باراك ونتنياهو في 13 أيار الماضي، وحذّر فيها من السيطرة العسكرية على السفينة «مرمرة»، واقترح أن يُعتمد هذا الخيار كمخرج أخير.
وكتب أشكينازي أنه «يتحتم القيام بعمل مشترك بين الوزارات، فيما يكون الخيار العسكري، الذي يشمل السيطرة على السفينة ومصادرتها، واعتقال نشطائها الخيار الأخير، وبأفضلية منخفضة».
وبعد بضع ساعات من نشر استنتاجات تقرير آيلند، نشر مكتب باراك في وسائل إعلام أنه قبل ثلاثة أسابيع من أحداث الأسطول، عقد باراك اجتماعاً في مكتبه، وأصدر خلاله تعليمات للمشاركين في الاجتماع بتكثيف عملية جمع المعلومات الاستخبارية عن السفينة «مرمرة»، والنشطاء على متنها. وأضاف إن باراك عبّر أمام المجتمعين عن عدم رضاه عن الصورة الاستخبارية غير الواضحة التي جرى استعراضها أمامه، وطالب الجهات المختلفة بتعقب منظمي الأسطول، واستيضاح من يقف وراءه، والتعرف إلى هويات نشطاء السفينة ونياّتهم.
ووفقاً لهذه الرواية، فإن باراك أصدر تعليمات لقائد سلاح البحرية بالاستعداد لاحتمال تنفيذ إطلاق نار على متن السفينة، ولاحتمال وجود «إرهابيين» على متنها.
وذكرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أن قيادة الجيش الإسرائيلي «ذُهلت» لدى سماعها رواية باراك. وقالت إن «الحديث يدور عن محاولة من جانب باراك لتحميل المسؤولية عن الورطة في قلب البحر للجيش وقيادته». وأضافت الصحيفة إنّ المسؤولين في الجيش عبّروا عن غضبهم من «محاولات باراك، الذي كان المدير الأول لمشروع العملية العسكرية»، كي يزيل عنه المسؤولية عن الأخطاء الخطيرة التي اكتُشفت بشأن عملية اتخاذ القرارات قبل السيطرة على السفينة «مرمرة» وخلالها.
وأضاف المسؤولون العسكريون إنّ «وزير الدفاع متوتر من شهاداته القريبة (التي سيدلي بها) أمام لجنة تيركل، ومن الاستنتاجات التي قد تتوصل إليها، ولذلك فإنه يحاول تحميل الجيش المسؤولية».
ولاحقاً أصدر مكتب باراك بياناً جاء فيه أنه «تسود بين وزير الدفاع إيهود باراك ورئيس أركان الجيش غابي أشكينازي وهيئة الأركان العامة علاقات عمل نزيهة وموضوعية، والأحداث التي رافقت الأسطول هي مواضيع متعلقة بعمل لجنة تيركل، ولا مكان للتعامل معها من جانب وزارة الدفاع والجيش الإسرائيلي في وسائل الإعلام، ووزير الدفاع يثق ثقة تامّة برئيس الأركان وهيئة الأركان العامة، وفي سبل تنفيذ التحقيقات في الجيش الإسرائيلي».
ويُتوقع أن يدلي نتنياهو وباراك وأشكينازي بشهاداتهم أمام لجنة تيركل في شهر آب المقبل. وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أنّ نتنياهو سيدلي بشهادته أمام «لجنة تيركل» في التاسع من آب، فيما سيدلي باراك بشهادته في اليوم التالي، وسيدلي أشكينازي بشهادته في 11 آب.
(الأخبار، أ ف ب، رويترز، يو بي آي)