يبدو أنّ التحذيرات من انفلات الوضع الأمني في العراق في اتجاه ظهور جماعات دينية متطرفة لها ما يبررها فعلاً، إذ تجسدت هذه المخاوف على أرض الواقع في بعض مناطق بغداد والناصرية
بغداد ــ الأخبار
تشهد مناطق الكاظمية والحرية والشعلة، إلى جانب الكرخ في بغداد، انتشار ملصقات بحجم كبير، تدعو إلى «تصحيح الحجاب وتهذيبه»، وتحمل توقيع «مؤسسة النشاط المدني»، التي يعتقد أنها واجهة لأحد التيارات السياسية ـــــ الدينية المتشددة. ويزيد حجم هذه الملصقات عن الحجم الطبيعي للمرأة، وتُستَخدم فيها آيات قرآنية، ولا سيما «ولا تضربنّ بأرجلكنّ ليعلم ما تخفين من زينتكن»، وتحتها صورة لامرأة ترتدي العباءة الإسلامية، وأخرى ترتدي التشادور الإيراني، على أنه «حجاب شرعي»، وفي ملصقات أخرى ترتدي العباءة العراقية التقليدية.
وانتشرت هذه الملصقات في الشوارع الرئيسة والتقاطعات المهمة، فضلاً عن ملصقات أخرى تحمل صورة السيد محمد صادق الصدر، وتحمل عبارات تحثّ على منع الاختلاط في العمل والدراسة، وتدعو إلى الالتزام بالحجاب الشرعي، وتعدّ السفور أو الحجاب المتعارف عليه حالياً، بأنه «من نتاج الحملة الاستعمارية».
وقالت ناشطة في حقوق المرأة، فضّلت عدم ذكر اسمها، إنها شاهدت بعض هذه الملصقات التي تحمل في طيّاتها عبارات تحذيرية إلى من لا يلتزمن بما يسمّيه القائمون على الحملة «الحجاب الشرعي»، معربة عن خشيتها من أن يؤدي صراع السياسيين على السلطة والنفوذ إلى فراغ أمني يزيد من الانتهاكات ضد النساء.
وبرّرت خشيتها وتخوّفها بالقول إن بعض الملصقات تحمل علامة (X) على العباءة الإسلامية التي ترتديها الغالبية العظمى من المحجبات في الدوائر الحكومية والجامعات العراقية، وهذه العلامة «تحذير صريح، وربما إيذان بممارسة الاعتداء على من لا تلتزم بما يريده القائمون على الحملة».
ورأى محلل سياسي، طلب هو الآخر عدم ذكر اسمه لأسباب أمنية، أن الحملة تستهدف المجتمعات الشيعية الفقيرة أو المتوسطة الدخل. ولاحظ أنّ التشادور «يُباع في الأسواق بمبلغ 25 ألف دينار، بينما تتراوح قيمة قماش العباءة العراقية بين 50 و100 ألف دينار، يضاف إليها مبلغ خياطتها الذي يبلغ نحو عشرة آلاف دينار، وبالتالي فإنّ التشادور أرخص ثمناً، وسينتشر على نطاق واسع في هذه المناطق».
ورغم أنّ منطقة الكاظمية تخضع مباشرة لرجل الدين المعتدل حسين إسماعيل الصدر، إلا أن المحلل السياسي لا يعتقد أن بإمكانه الوقوف في وجه هذا المد، المشابه لممارسات حركة «طالبان»، بحسب تعبيره.
ويقول المحلل السياسي، الذي يسكن مدينة الكاظمية، إنه لاحظ منذ فترة ليست بقصيرة حملة تبدو ظاهرياً غير منظمة، تنتقد السيد حسين الصدر، لأنه لم يتدخل لفرض الحجاب على كل امرأة تدخل مدينة الكاظمية، مشيراً إلى أن البعض يصفون الصدر بـ«المتحرر»، لآرائه المعتدلة في الكثير من القضايا.

حملات تهدّد مَن يرتدين العباءة الإسلامية العراقية لفرض التشادور مكانها

وفي محافظة ذي قار، أشارت أنباء إلى ظهور جماعات مسلحة بالسيوف تحت مسمّى «الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر»، أو «سيوف الحق»، يرتدي أفرادها ملابس سوداء، وتبدأ أعمالها في ساعات متأخرة من الليل.
وبحسب اللجنة الأمنية في المحافظة، فإنّ هناك إشارات على مهاجمة هذه المجموعات منازل يقولون إنها «مشبوهة»، أو «تجّار خمور». لكنّ اللجنة الأمنية لفتت إلى أنه «لم تُثبت التحقيقات الأولية انتماء هؤلاء إلى ميليشيات أو جهات مسلحة كانت تعمل في المحافظة، ومعظم الجهات الحزبية أعلنت براءتها منهم، ورفض أسلوبهم».
ويتناقل الأهالي في مركز مدينة الناصرية العديد من الحوادث المروّعة التي ارتكبتها مجموعة «الملابس السود» التي تستقل الدراجات في تنفيذ عملياتها الليلية التي تستهدف أوساط الشباب ومتعاطي الخمور، ومن يستخدمون الأغاني ومقاطع الفيديو في أجهزة الهواتف الخلوية.
ونقلت وسائل إعلام محلية عن مصدر أمني تأكيده أنّ الأجهزة الأمنية اعتقلت ما لا يقل عن عشرة أشخاص في إطار التحقيق في قضية ظهور جماعة مسلحة تطلق على نفسها «سيوف الحق».