Strong>وحده الأمين العام للجامعة العربية، عمرو موسى، تجرّأ على الكلام في ذلك اليوم الدبلوماسي الطويل الذي شهدته العاصمة المصرية، القاهرة، أمس. أما الرئيس حسني مبارك فاكتفى بالتلميح. الخلاصة واحدة: أتى الجميع إلى مصر لدرس إمكان الانتقال إلى مفاوضات مباشرة، لكن الغاية لا تزال بعيدة المنالكان الرئيس المصري، حسني مبارك، أمس، «نجماً» تقاطر كل من المبعوث الرئاسي الأميركي جورج ميتشل ورئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس للاجتماع به، وذلك بعد تأجيل هذه اللقاءات مراراً على خلفية ما يُحكى عن الوضع الصحّي للرئيس المصري. أما الموضوع، فواحد: الضغط على الأطراف المعنية للبدء بمفاوضات مباشرة بين سلطة رام الله وحكومة نتنياهو لتنفيذ «رؤية» الرئيس الأميركي باراك أوباما.
الجميع وصل إلى القاهرة وغادرها على وجه السرعة من دون الإدلاء بأي تصريح، إلا في ما ندر. ومما رشح عن اللقاءات، تلميحات إلى أن إرادة أوباما بالمفاوضات المباشرة لا تزال صعبة التطبيق. خلاصة يمكن الخروج بها من كلام كل من موسى ومبارك نفسه.
الأول رأى أنّه لا انتقال إلى صيغة مباشرة من المفاوضات من دون «ضمانات مكتوبة». أما مبارك، فأجاب الرسائل الأميركية التي وصلته، بالتركيز على «ضرورة إحراز تقدم في المفاوضات غير المباشرة لتهيئة الأجواء للتفاوض المباشر». وقال موسى، بعد محادثات مع ميتشل، إنه «لا يمكن الفلسطينيين الانتقال أوتوماتيكياً من مفاوضات غير مباشرة إلى مفاوضات مباشرة مع إسرائيل من دون ضمانات مكتوبة». وتابع إنّ هذا الانتقال «من دون أي تأكيد أو تأكّد أو ضمان على جدية الجانب الإسرائيلي، يعني أننا دخلنا إلى إدارة الأزمة لا إلى حلها».
وكشف المسؤول العربي أنه عقد مساء السبت «جلسة طويلة جداً» مع أبو مازن، ناقلاً عنه التزامه «بقرارات مجلس وزراء الخارجية العرب بشأن عدم الانتقال أوتوماتيكاً إلى المفاوضات المباشرة».
واجتمع عباس صباح أمس مع مبارك، ثم غادر القاهرة من دون الإدلاء بأي تصريح.
وبعد مغادرته، بدأ الرئيس المصري محادثات مع «بيبي» الذي استبق مغادرته الدولة العبرية بالقول إن «مصر تضطلع بدور مركزي، وسأناقش مع الرئيس المصري الوسائل الكفيلة بدفع مفاوضات السلام المباشرة بين إسرائيل والفلسطينيين».
ونقلت الصحف العبرية عن نتنياهو تأكيده أنه سيطالب مبارك بإقناع عباس بالانتقال من المفاوضات غير المباشرة إلى المفاوضات المباشرة، وأنه، «في حال استجابة عباس، فإن إسرائيل سوف تنفذ خطوات ميدانية في الضفة الغربية بهدف بناء الثقة وتقوية السلطة الفلسطينية».
كذلك أجمعت صحف في دولة الاحتلال على تقدير أن يخصّص نتنياهو حيّزاً كبيراً من اللقاء مع مبارك لطمأنته إزاء مشروع وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان بشأن خطة الانفصال عن قطاع غزة.
ونقلت صحيفة «هآرتس» عن مسؤولين مصريين قولهم إن خطة ليبرمان لفك الارتباط عن قطاع غزة «أثارت سخطاً شديداً في القاهرة». وتوقع هؤلاء المسؤولون أن يكون الرئيس المصري قد طلب من نتنياهو إيضاحات في هذا الشأن، على قاعدة أن «مصر لن تقبل بمحاولات فرض المسؤولية عما يجري في غزة عليها». قلق أعربت أوساط في الدولة العبرية عن ثقتها بأن يقابلها نتنياهو بالتأكيد أنه يعارض تلك الخطة.
يُذكَر أن ليبرمان يقترح في مشروعه أن تغلق إسرائيل المعابر بينها وبين قطاع غزة وأن يجري إدخال البضائع للقطاع عبر معبر رفح مع مصر وعبر البحر، وبذلك يحمّل ليبرمان المسؤولية عن القطاع لمصر والمجتمع الدولي، وخصوصاً الدول الأوروبية.
ومثلما خرج عباس من لقائه مع مبارك من دون تصريح، كذلك فعل كل من ميتشل ونتنياهو.
وفي السياق، كشفت قالت وكالة «أنباء الشرق الأوسط» المصرية الحكومية أن مبارك تلقى رسالة من أوباما قبل لقائه زواره أمس، تؤكد التزام أوباما بدفع عملية السلام وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، وتعرب عن التطلع إلى مواصلة الرئيس المصري جهوده تحقيقاً لهذا الهدف خلال استقباله عباس ونتنياهو.
وأوضحت الوكالة أن مبارك تلقى كذلك اتصالاً من وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون «في الشأن ذاته».
وبحسب «أنباء الشرق الأوسط»، أكد مبارك مواصلة بلاده جهودها من أجل «تضييق الفجوة بين مواقف الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي»، لكنه أشار إلى «ضرورة إحراز تقدم في المفاوضات غير المباشرة الجارية حالياً لتهيئة الأجواء المؤاتية لمرحلة التفاوض المباشر بين الجانبين».
وكان ميتشل قد أجرى عدداً من اللقاءات في القدس المحتلة ورام الله قبل التوجه إلى القاهرة. وأشاعت أوساط الحكومة العبرية أجواء تشاؤمية، عبّر عنها نائب رئيس الحكومة، موشيه يعالون، عندما أعرب عن اقتناعه بأن التسوية مع الفلسطينيين «لن تبصر النور في السنوات المقبلة». وقال يعالون إن وزراء السباعية اتفقوا على عدم وجود أمل للتوصل إلى تسوية دائمة مع الفلسطينيين خلال الأعوام المقبلة.
كلام ترجمته صحيفة «إسرائيل اليوم»، عندما لفتت إلى أنّ نتنياهو أوضح لميتشل، يوم الجمعة الماضي، أن إسرائيل لن تقوم بأي مبادرات حيال الفلسطينيين إلا بعد الدخول إلى مفاوضات مباشرة معهم.
أما أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، ياسر عبد ربه، فقد اختصر أجواء لقاء ميتشل مع عباس بالقول «حتى الآن، ليس هناك وضوح في الموقف من عدد من القضايا المتعلقة بالانتقال إلى المفاوضات بشأن الوضع النهائي، في مقدمها الاستيطان وأوضاع مدينة القدس». ورفض ميتشل الإدلاء بتفاصيل بعد اللقاء، مكتفياً بالقول «أنهينا اجتماعاً بنّاءً ومثمراً جداً مع الرئيس عباس والقيادة الفلسطينية»، ملمحاً إلى أن مسار التسوية «سيتضمن أيضاً السلام بين إسرائيل وسوريا، والتطبيع مع كل الدول العربية».
وفي بيان أصدره إثر اللقاء بين عباس وميتشل، جدد عضو اللجنة المركزية لحركة «فتح»، تأكيد حركته رفض البدء بمفاوضات مباشرة مع إسرائيل لأنّ «ميتشل لم يقدم أي ردود إسرائيلية جديدة بشأن قضية الأمن والحدود».
(الأخبار، أ ف ب، رويترز، يو بي آي)