حيفا ــ فراس خطيبلم يعش حاتم وياسمين عيّاط، الذي يعود أصلهما إلى قيسارية، نكبة المدينة، لكنّهما يعايشان اليوم صراعاً آخر على الوجود. هذه المرة في مواجهة قانون المواطنة الذي سنّ في عام 2003، وجرى تمديد سريانه أمس بغالبية ساحقة في الكنيست (53 مقابل 13). يمنع القانون لمّ شمل العائلات بين الفلسطينيين في الداخل (مواطني إسرائيل) والفلسطينيين من مواطني الضفة الغربية وقطاع غزة والدول التي تعتبرها إسرائيل «دول عدو» أي سوريا، لبنان، اليمن، ليبيا وإيران.
القصة بدأت ولم تنته. كانت عائلة عيّاط آخر من بقي في قيسارية التي هجّر الجميع منها ليبقى سبعة بيوت تابعة للعائلة، لكن دون أن تدخل في نفوذ المدينة «الجديدة». صمدت هذه البيوت إلى أن أخلتها السلطات في عام 2007. قبل الإخلاء، وتحديداً في عام 1999، تزوج حاتم بياسمين، وهي قريبة العائلة. وقد هجّر أهلها في عام 1948 وسكنت في مخيم «العين» للاجئين في نابلس. يقول حاتم «كانت الأوضاع هادئة نسبياً، قبل الانتفاضة وقبل الإغلاق التام».
كان الزواج يشبه العودة الى قيسارية. حاتم قدّم طلباً للإسرائيليين بمنح المواطنة لزوجته، إلا أنّ الطلب دار في أروقة المكاتب الحكومية، إلى أن جمّد بعد سنّ قانون في عام 2003، بموجب القانون الجديد، ما يعني أن وجودها مع زوجها غير شرعي، ويجب سجنها أو طردها (أو أن يعيش هو في نابلس).
في عام 2007، وفي خضمّ مواجهة القانون، أخلي من بقي من عائلة عياط نهائياً من قيسارية، لينتقل الجزء الباقي من العائلة الى المثلث الفلسطيني، جزء سكن في مدينة باقة الغربية، بينما سكن حاتم وياسمين في كفر قرع.
عاشت العائلة هاجساً من الخوف والقلق الدائمين، وقال حاتم إنّ «ياسمين وبناتي الثلاث في حال خوف انعكست على أجواء العائلة». في نهاية المطاف منحت ياسمين تصريحاً، يجب عليها تجديده كل ستة أشهر. لكنّ التصريح لا يعني سوى الإقامة، فهي ممنوعة من العمل، ولا تأمين صحياً. ممنوعة من السفر، لا تستطيع استخراج رخصة سوق، ولا فتح حساب في البنك. كما يمنع زوجها من أن يحظى بأي تسهيلات لقروض البناء التي تعطى للأزواج. ويشكو حاتم، الذي يعمل محامياً في جمعية جدار التي تقدم تسهيلات وتوجيهات للمتضررين من قانون المواطنة، قائلاً «نحن لم نسافر ولو مرة واحدة للسياحة. إذا قررنا، فعلى كل واحد منّا أن يسافر من منطقة. هي من الضفة الغربية وأنا والبنات من هنا».
عيّاط ليس وحده. قضيته هي نسخة طبق الأصل عن حياة عشرات آلاف العائلات الفلسطينية العالقة على الجانبين. السلطات الإسرائيلية تصمّم على أن القانون، الذي لا مثيل له في العالم، يأتي لـ«أغراض أمنية»، فيما الهدف الإسرائيلي من وراء القانون هو «ديموغرافي» و«سياسي».
قد يهدأ المشهد ليبدد الغبار، لكنّ الهدوء لا يعني النهاية، وربما يكون من وراء المشهد صراع آخر، وهو صراع على «الطريقة القانونية». ويلخص حاتم واقع الأمر بالقول «تخبطنا كثيراً وفكرنا أن نهاجر. فهذا القانون يشجعك على الهجرة. لا استقرار في العائلة والحياة كلها على كف عفريت. وياسمين التي عاشت في مخيم لاجئين وفي سجن في الضفة الغربية انتقلت هناك لتعيش في سجن آخر».