الجزائر | تبدو الحياة السياسية في الجزائر شبه مشلولة، برغم التحركات التي تقودها مؤسسة الرئاسة من حين إلى آخر والتي تتعلق بإقالة جنرالات وترقية آخرين، وسط إعلانات أخيرة عن أنّ مشروع تعديل الدستور الذي دعا إليه رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة، بات «جاهزاً تقريباً».
وجدد رئيس الحكومة، عبد المالك سلال، يوم الأربعاء الماضي، تأكيده أن مشروع تعديل الدستور «جاهز تقريباً». وعلى هامش افتتاح أشغال الدورة الخريفية لـ«المجلس الشعبي الوطني»، أوضح سلال أن «مشروع تعديل الدستور جاهز تقريباً»، مضيفاً إنه «يبقى بيد رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة قرار تقديمه» إلى الاستفتاء الشعبي أو تمريره عبر البرلمان.
وأشارت وكالة الأنباء الجزائرية (الرسمية) في سياق إيرادها حديث سلال إلى أنّ «تعديل الدستور يعدّ أحد محاور الإصلاحات السياسية التي أقرها الرئيس بوتفليقة»، مضيفة إنّ «عام 2014 شهد سلسلة من المشاورات بين رئاسة الجمهورية من جهة والأحزاب والشخصيات الوطنية وتنظيمات المجتمع المدني من جهة أخرى بهدف التوصل الى تعديل توافقي للدستور».
ومنذ تصريح سلال، تترقب الطبقة السياسية (بشقيها الموالاة والمعارضة) موعد نشر مشروع التعديل، برغم أن أحزاب المعارضة تتمسك بضرورة تأجيل الأمر إلى غاية الاستماع إلى مقترحاتها، وذلك بعدما تخلفت عن جلسات الحوار التي قادها مدير ديوان الرئاسة، أحمد أويحيى.
ويستمر الترقب أيضاً في ظل تشكيك المعارضة في محتوى التعديلات، والتي اعتبرت بعض أطرافها أنها «مصممة على مقاس جهات في السلطة».
ورأى المحلل السياسي حبيب راشدين أنّ المعارضة اعتمدت «المكابرة الحمقاء» في تعاطيها مع مسألة تعديل الدستور، مضيفاً إنّ «المعارضة كان بوسعها أن تحرج الرئيس بوتفليقة والسلطة عبر فتح ورشة تفكير جماعية تنتهي بمسودة تعديلات تعرض على الرأي العام كبديل لما تم تسريبه».
وفي حديث إلى «الأخبار»، كشف مصدر مقرّب من لجنة الإشراف على وثيقة الدستور أنّ «هناك بوادر لتغيير طبيعة نظام الحكم، من خلال تكريس النظام شبه الرئاسي، مع حماية الرئاسة من المساءلة والرقابة البرلمانية، إضافة إلى تحرير جزئي للنشاط السياسي مع وضع قيود صارمة على هوية الأحزاب وتمويلها، وأيضاً تثبيت ودسترة مبدأ المناصفة في ما يتعلق بالمرأة، ورفع اللُبس عن حرية المعتقد والصحافة وذلك استجابة لضغوط خارجية».
ورداً على ما تم تسريبه، قال حبيب راشدين إن «الرئيس لن يسمح بتعديلات تقلص من صلاحياته الواسعة في ما تبقى من عمر العهدة الحالية، ولن يسمح بإخضاعه للرقابة البرلمانية».
من جهة أخرى، انتقدت «حركة مجتمع السلم ــ حمس» بشدة الوضع الذي تعيشه البلاد والتصريحات المتناقضة للمسؤولين، وطالبت، في بيان، من عبد المالك سلال «كشف الحقيقة وفتح نقاش جاد ضمن الأطر السياسية والمؤسسات الدستورية». وقالت إن «حالة الانسداد السياسي والركود الإعلامي والتيه الظاهر في كل ممارسات السلطة من الناحية السياسية، تؤكد غياب رؤية واضحة للحكومة في التعامل مع المطالب السياسية؛ وأهمها ما يتعلق بملف تعديل الدستور».
وفي حديث إلى «الأخبار»، رأى النائب عن «جبهة التحرير الوطني»، نور الدين بلمداح، أن المعارضة لم تقدم مقترحات، وإنما كانت «تطالب برأس الرئيس بوتفليقة»، لذا فإنّ محتوى الدستور الجديد سيشمل الاقتراحات التي تقدمت بها مختلف الأطراف المشاركة في جلسات الحوار. وأضاف بخصوص الأحاديث عن عرض المشروع على البرلمان بدل الاستفتاء، إنّ الدستور يخوّل رئيس الجمهورية قرار عرضه على البرلمان أو الاستفتاء، وإن كانت التعديلات سطحية فطبعاً سيعرض على البرلمان فقط.
وأشار النائب عن الحزب الحاكم إلى أن أهم النقاط التي مستها التعديلات هي «غلق العهدة الرئاسية» عكس ما هو حاصل حالياً، وإعطاء صلاحيات أكبر للبرلمان، وتمكين النائب من ممارسة مهماته في مراقبة عمل الحكومة. واعتبر أنه لا وجود لانسداد سياسي، وأنّ الهدف من وراء تعديل الدستور ليس تكميم أفواه المعارضة.
وفي السياق نفسه، أوضح محمد يعقوبي، وهو المدير الحالي لجريدة «الحوار» المحلية، أن «التأخر في عرض الدستور المعدل يؤكد أنه لم يكن من ضمن الأولويات بسبب الصراعات والترتيبات في هرم السلطة». واستدرك قائلاً إن «الوقت حان، وقد أصبحت الحاجة إليه (مشروع الدستور) ملحة للسلطة من أجل غلق باب المفاجآت، وخاصة مع النشاط المتزايد للمعارضة».