يستعد الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، لتقديم تقرير مختصر عن العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، في وقت كشفت فيه مصادر لـ«الأخبار» أنّ التقرير الذي سلّمته منظمة التحرير الفلسطينية حذف الفقرات التي تؤكّد اتهام إسرائيل بارتكاب جرائم حرب
واشنطن ــ محمد سعيد
يُتوقّع أن يقدم الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، اليوم تقريراً مختصراً إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة، يعدّ مقدمة ترفق بتقريري السلطة الفلسطينية وإسرائيل عن نتائج تحقيقاتهما في العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، في الفترة الممتدة من 28 أيلول عام 2008، إلى 18 كانون الأول عام 2009.
وقال المتحدث باسم بان كي مون، مارتن نسيركي، إنّ «فريقاً من مستشاري الأمين العام أعدّوا دراسة الردّين الفلسطيني والإسرائيلي، كي يتسنّى لبان التحرك واتخاذ الخطوة التالية». وفيما جرى توزيع التقرير الإسرائيلي، تجنّب المسؤولون في بعثة منظمة التحرير الفلسطينية المراقبة لدى الأمم المتحدة، الكشف عن محتويات التقرير الفلسطيني «الذي لا يزال قيد الترجمة».
غير أن مصدراً مطّلعاً أكّد لـ«الأخبار» أنّ الرد الذي سلّمه المراقب الدائم لبعثة المنظمة لدى الأمم المتحدة، رياض منصور، إلى مكتب الأمن العام، يختلف كثيراً عن المسودة الأصليّة، حيث حُذفت الفقرات التي تؤكّد اتهام إسرائيل بارتكاب جرائم حرب، وتحميل «حماس» بعض الاتهامات.
كذلك ذكرت مصادر مطّلعة في نيويورك أنّ الجمعية العامّة قد تبدأ الشهر المقبل مناقشة تقريري السلطة الفلسطينية وإسرائيل، فيما يجتمع ممثلون عن المجموعة العربية لدى الأمم المتحدة مع بان بحلول نهاية الشهر الجاري.
وتجدر الإشارة إلى أنّ الرئيس الأميركي باراك أوباما دعا السلطة الفلسطينية رسمياً عقب لقائه مع رئيس الحكومة الإسرائيلية في 6 تموز الجاري في البيت الأبيض، إلى عدم القيام بأيّ عمل على الصعيد الدولي من شأنه أن يحرج إسرائيل.
في هذا الوقت، أعلنت الأمم المتحدة أنّ المجموعات التي تريد تسليم غزة مساعدات، يجب أن تفعل ذلك براً، بعدما هدّدت إسرائيل باعتراض سفينتين تنويان الإبحار من لبنان إلى القطاع. وقال المتحدث باسم الأمم المتحدة، مارتن نسيركي، «هناك طرق لنقل المساعدات براً. بهذه الطريقة يجب أن ترسَل المساعدات إلى سكان غزة»، مضيفاً إنّ «الأفضلية بالنسبة إلينا كانت ولا تزال أن تُنقل المساعدات عبر الطرق البرية القائمة، وخصوصاً في هذه الفترة الحسّاسة من الحوار غير المباشر بين الفلسطينيين والإسرائيليين».
وأشار نسيركي إلى أن «كمية المساعدات التي تصل إلى سكان القطاع المحاصر ليست كافية، رغم تخفيف إسرائيل القيود».
في المقابل، ندّدت «حماس» بطلب الأمم المتحدة هذا، وقال المتحدث باسمها، سامي أبو زهري، إن «دعوة الأمم المتحدة غير مقبولة وغير جائزة قانوناً، وتمثّل فضيحة حقيقية تعكس تواطؤ المنظمة الدولية مع الاحتلال الإسرائيلي». وأضاف إنّ «معظم سكان القطاع لا يزال يُمنع خروجهم منه، هو ما يجعل الدعوة الدولية مساهمة في الحصار لإغلاق الطريق البحري إلى جانب الطريق البري».
من جهته، أبدى النائب عن الحركة الإسلامية في المجلس التشريعي، يحيى موسى، استغرابه لدعوة الأمم المتحدة «غير النزيهة» هذه، وقال «هذا الموقف مستغرَب ومستهجَن، ويمثّل سقوطاً للأمم المتحدة. فهي غير نزيهة وغير متوازنة في مواقفها، وأصبحت مستلَبة لمصلحة الولايات المتحدة الأميركية».
إلى ذلك، يبدو أن سفينة أميركية تستعد للإبحار إلى غزة، إذ أعلن المؤرّخ الفلسطيني رشيد الخالدي، الذي يشارك في تنظيم سفينة «جرأة الأمل» الأميركية لكسر الحصار عن قطاع غزة، أن إسرائيل «لن تتمكّن من التعامل مع هذه السفينة مثلما تعاملت مع سفينة مرمرة، التي كانت ضمن أسطول الحرية التركي». ونقلت صحيفة «هآرتس» عن الخالدي، قوله إنّ «حقيقة أن هذه سفينة أميركية سيصعّب عليهم التعامل معها مثلما تعاملوا مع مافي مرمرة».
وشدّد الخالدي، الذي تربطه صداقة مع الرئيس الأميركي باراك أوباما، على أنه «لم يُفرض الحصار على حكومة حماس أو على كيان إرهابي، بل على سكان يبلغ تعدادهم 1.5 مليون نسمة، مسجونين، ومعظمهم يُمنعون من العيش حياة طبيعية».
وفي ردّه على سؤال عن اسم سفينة كسر الحصار الأميركية «جرأة الأمل»، وهو عنوان كتاب من تأليف أوباما، قال الخالدي «أنا لست من بين منظّمي هذا الجهد، ولم أعلم بأنه ستُسمّى السفينة على اسم كتاب أوباما، لكن إذا كان الاسم يمثّل مشكلة بنظر هذه الإدارة، فإنّ بإمكانهم أن يطالبوا علناً برفع الحصار». وأضاف إنه «لَأمر معيب أن تكون الولايات المتحدة ومصر شريكتين في الحصار الذي لا يوجد مبرّر له».
ونقلت «هآرتس» عن رسالة يوزّعها المبادرون للسفينة الأميركية في البريد الإلكتروني في الأيام الأخيرة، أنّ «علينا جمع 370 ألف دولار على الأقل خلال الشهر المقبل لتمويل شراء سفينة تكفي لـ40 إلى 60 شخصاً، واستئجار خدمات طاقم وتغطية مصاريف رخصة وتسجيل السفينة، كما أن المال سيُستخدَم لتمويل مصاريف أخرى لإرسال الوفد الأميركي».
وستنضم السفينة الأميركية إلى سفن لكسر الحصار عن غزة من أوروبا وكندا والهند وجنوب أفريقيا والشرق الأوسط.