Strong>مطالبة بمحادثات قبل أيلول... وتلميح إلى «مفاجآت» في الـملف اللبنانيعشية الاجتماع المقرّر للجنة المتابعة لمبادرة السلام العربية، تنشط الاتصالات الدبلوماسية للدفع باتجاه خروج قرار بالموافقة على المفاوضات المباشرة. اتصالات تظللها التهديدات التي نقلها المبعوث الأميركي جورج ميتشل، والتي ستكون حاسمة في وجهة القرار

حسام كنفاني
سرّب مسؤولون فلسطينيون في الأيام الأخيرة بعض التهديدات أو التحذيرات، التي نقلها المبعوث الأميركي للشرق الأوسط جورج ميتشل للقيادة الفلسطينية خلال جولته الأخيرة. تحذيرات كانت تصبّ في خانة الدفع باتجاه موافقة فلسطينية وعربية على الدخول في مفاوضات مباشرة مع الحكومة الإسرائيلية. التسريب جاء بعد اجتماع اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير يوم الخميس الماضي، الذي أبلغ الرئيس الفلسطيني محمود عبّاس خلاله الأعضاء بمضمون ما جاء به ميتشل إلى المنطقة. وبحسب مصادر فلسطينية مطلعة على ما جرى في الاجتماع، فإن المضمون كان «تهديديّاً من دون تقديم إجابات في ملفي الأمن والحدود»، اللذين طالب الفلسطينيون بإحراز تقدّم في شأنهما قبل الانتقال إلى المفاوضات المباشرة.
في الاجتماع، تولّى رئيس دائرة المفاوضات في منظمة التحرير صائب عريقات وأمين سر المنظمة ياسر عبد ربه تفصيل ما نقله ميتشل، الذي هو عبارة عن رسالة شفوية من الرئيس الأميركي باراك أوباما مكوّنة من 16 بنداً.
وبحسب المصادر، فإن المسؤولين الفلسطينيين، وخصوصاً عريقات، لم يفصّلا البنود، بل عرضا أبرزها، الذي يأتي في سياق الأمر على غرار أن «الرئيس أوباما يقول إن الوقت قد حان للانتقال إلى المفاوضات المباشرة من دون شروط مسبقة». السياق نفسه يتكرر في البند الثاني، فالرئيس الأميركي «لن يقبل أن يرفض طلبه أو اقتراحه لأنه سعدّ ذلك مسّاً بصدقيته». الأمر يُرفق بالتهديد، فرفض الطلب الأميركي والانتقال إلى المفاوضات المباشرة ستنتج منه «تبعات وتداعيات على العلاقات الفلسطينية ـــــ الأميركية». وفسّرت المصادر الفلسطينية هذه التبعات بما يشبه عقوبات قد تفرض على السلطة الفلسطينية، التي تتلقى مساعدات مالية وأمنية سنويّة من الولايات المتحدة.
الرسالة الأميركية أيضاً تضمّنت قطعاً لطريق الخيارات التي كانت السلطة الفلسطينية والدول العربية قد أعلنتها، على غرار التوجه إلى مجلس الأمن لطرح القضية الفلسطينية، وربما إعلان الدولة. إذ إن ميتشل نقل أن أوباما «لن يقبل الاستعاضة عن المفاوضات المباشرة بالذهاب إلى الأمم المتحدة أو أي من مؤسساتها طلباً لمناشدات».
بعد الترهيب في الرسالة، جاء الترغيب «فالرئيس أوباما هو الرئيس الأميركي الأكثر التزاماً بإقامة دولة فلسطينية، فإذا ذهبتم إلى المفاوضات المباشرة فسيعمل على تحقيق هدفكم الذي تعملون له منذ عقود. وإذا لم توافقوا، فإن مساعدتكم ستكون شبه معدومة».
ميتشل أيضاً عرض «إنجازات» الإدارة الأميركية على اعتبار أنها «خفضت النشاطات الاستيطانية في القدس والضفة الغربية أكثر من غيرها من الإدارات السابقة خلال العقدين الماضيين». وأبدى استعداد الإدارة، في حال الدخول في المفاوضات المباشرة، على العمل «لتمديد فترة تجميد النشاطات الاستيطانية مع الحكومة الإسرائيلية». أما في حال رفض المفاوضات «فستكون فرص المساعدة محدودة».
وفي سياق مرحلة الترغيب أيضاً، تشير الرسالة الأميركية إلى أن إدارة أوباما «تتوقع أن تشمل المفاوضات المباشرة الأراضي المحتلة عام 1967، بما فيها القدس والبحر الميت والحرم القدسي وكذلك قطاع غزة». كذلك تعلن الرسالة «إجراءات بناء ثقة جديدة» ستقوم بها الحكومة الإسرائيلية قريباً.
وفي رسالته، أخذ أوباما على عاتقه «إقناع الدول العربية بمساعدة أبو مازن وتشجيعه على الذهاب إلى المفاوضات المباشرة»، وسيساعد كذلك الرئيس الفلسطيني على «توفير دعم من الاتحاد الأوروبي وروسيا الاتحادية والأمم المتحدة».
الرئيس الأميركي يحدّد في رسالته الموعد الذي يريده للمفاوضات المباشرة، التي يتوقع «أن تبدأ مطلع آب المقبل»، لأن «الوقت قد حان للذهاب إلى المفاوضات المباشرة، واتخاذ مواقف وقرارات إيجابية وشجاعة»، فهذا «ليس وقت التردد».
وبحسب المصادر الفلسطينية، فإنه بعد عرض ملخّص المطالب الأميركي، عرض عريقات محادثات ما بعد الرسالة، التي جرت مع فريق مساعدي المبعوث الأميركي للشرق الأوسط. محادثات فيها تلميح إلى الملف اللبناني، إذ إن الفريق أشار إلى أن الرغبة الأميركية في بدء المفاوضات مطلع آب أو قبل بداية أيلول يعود إلى أن «أيلول يمكن أن يحمل مفاجآت في لبنان وفي موضوع استشهاد رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري، إضافة إلى مفاجآت في الملف النووي الإيراني». أحداث، في رأي الفريق الأميركي قد تؤدّي إلى تراجع الموضوع الفلسطيني في لائحة الأولويات في المنطقة.
وخلال لقاء مساعدي ميتشل، قدّم الفلسطينيون ما يمكن اعتباره الضوء الأخضر للإدارة الأميركية لبدء العمل على تعديل الموقف العربي، الذي سيسير أبو مازن في ركبه. فبحسب المصادر الفلسطينية، فإن صائب عريقات أبلغ مساعدي المبعوث الأميركي أنه «ليس بإمكان الرئيس (محمود عباس)، وهذا ليس دوره، إقناع العرب والقيادة الفلسطينية بالذهاب إلى المفاوضات المباشرة كما تطلب الإدارة الاميركيّة». وأشار، أمام أعضاء اللجنة التنفيذية، إلى تطابق الموقف المصري والأردني والأمين العام لجامعة الدول العربية مع الموقف الفلسطيني. غير أن هذا الكلام كان قبل الزيارات والاتصالات المكثّفة، التي شهدها خط عمّان ـــــ القاهرة في الأيام الأخيرة.
وبالعودة إلى اجتماع التنفيذية، أشارت المصادر الفلسطينية إلى أن أبو مازن كانت له مداخلة بعد كلام عريقات، أكد خلالها تسليم الإدارة الأميركية «أوراقاً مكتوبة عالجت قضايا الحدود والأمن والمياه واللاجئين وغيرها»، من دون أن يسمع ردّاً إسرائيلياً ومن دون تحديد مرجعية واضحة للمفاوضات، مضيفاً أنه لا يهمه «شكل المفاوضات، بل مضمونها: هل تقبل إسرائيل بحدود 1967 مع تبادل محدود بالقيمة والمثل».