لم يكد العرب يعلنون موافقتهم على المفاوضات المباشرة، حتى سارع رئيس الوزراء الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى الترحيب، مذكّراً برفضه تمديد تجميد الاستيطان في الأراضي المحتلة
يحيى دبوق
في موازاة مسارعة جامعة الدول العربية إلى الموافقة على إجراء مفاوضات مباشرة بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، من دون أي شروط مسبقة، أكد رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، الذي رحب بالقرار، أن تل أبيب ترفض تمديد فترة تجميد الاستيطان في الضفة الغربية والقدس الشرقية، وسط حديث إسرائيلي عن طلب مصري لبدء المفاوضات في القاهرة، «كي تتمكن مصر من تعزيز مكانتها في المنطقة».
ورحب نتنياهو، أمس، بقرار الجامعة العربية. وأعرب عن استعداده لبدء مفاوضات «مباشرة وصريحة» مع السلطة الفلسطينية، في الأيام المقبلة. وجاء في بيان صادر عن مكتب رئاسة الحكومة الإسرائيلية أنه «رداً على قرار الجامعة العربية، يعرب نتنياهو عن استعداده ليبدأ خلال الأيام القليلة المقبلة مفاوضات مع السلطة الفلسطينية». وأكد البيان أن «رئيس الحكومة يرى أنّ في الإمكان التوصل إلى اتفاق سلام في المستقبل القريب، بفضل المفاوضات المباشرة». وسبقت قرار الجامعة العربية مواقف متشددة من نتنياهو، لم تؤثر في قراراتها، إذ رفض تمديد فترة تجميد الاستيطان في الضفة الغربية والقدس الشرقية، ورفض أي مطالب أخرى تؤدي إلى الإضرار بحكومته. وبحسب صحيفة «هآرتس»، أوضح نتنياهو موقفه للمرة الأولى حيال تمديد فترة تجميد الاستيطان، مؤكداً رفضه التمديد، ومطالباً الفلسطينيين والمجتمع الدولي بطرح ما لا يثير أزمة سياسية داخل الحكومة الإسرائيلية.
وذكرت الصحيفة أن نتنياهو قال، خلال لقائه أول من أمس وزير الخارجية الإسباني ميغيل أنخيل موراتينوس، إن استمرار تجميد البناء في المستوطنات، بعد 26 من أيلول المقبل، هو أمر «مستحيل من الناحية السياسية الداخلية، وسيؤدي إلى تفكيك الائتلاف الحكومي». ونقلت الصحيفة عن دبلوماسيين إسبان ومصادر سياسية إسرائيلية قولها إن «موراتينوس أوضح لنتنياهو أن موقف الاتحاد الأوروبي هو أن على إسرائيل تمديد فترة تعليق الاستيطان». وبحسب المصادر نفسها، أجاب نتنياهو أن «تمديد فترة التعليق سيؤدي إلى تفكيك الحكومة الإسرائيلية». وشدد على أن «باقي الشروط الفلسطينية لاستئناف المفاوضات، هي الأخرى واقعية»، في إشارة منه إلى مطلب السلطة الفلسطينية أن تستند المفاوضات إلى حدود عام 1967.
ووفقاً لـ«هآرتس»، فإن موراتينوس أبلغ كلاً من نتنياهو ووزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان، إضافة إلى الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز، بأن الرئيس الفلسطيني محمود عباس أبلغه خلال لقائهما في عمّان يوم الثلاثاء الماضي بأنه يميل إلى الموافقة على الانتقال إلى مفاوضات مباشرة مع إسرائيل.
من جهتها، ذكرت صحيفة «معاريف» أن الرئيس المصري، حسني مبارك، طلب من تل أبيب وواشنطن أن تستضيف القاهرة حفل إطلاق المفاوضات المباشرة بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية. وقالت الصحيفة، نقلاً عن تقرير سري أعده «مركز البحوث السياسية» التابع لوزارة الخارجية الإسرائيلية، إن الطلب المصري يرمي إلى تعويض مصر «على مساهمتها» في العملية السياسية وإلى تعزيز مكانتها الإقليمية. وبحسب التقرير، فإن الرئيس المصري معنيّ بإنهاء فترة ولايته بإنجاز دولي، ولذلك «بذل جهوداً لإقناع السلطة الفلسطينية والجامعة العربية بالموافقة على استئناف المفاوضات المباشرة»، وطلب في المقابل الاعتراف بـ«تميز الدور المصري» في المسار الفلسطيني عبر «تظاهرة رمزية للريادة المصرية على شاكلة تدشين المفاوضات في احتفال يجري على الأراضي المصرية». ووفقاً لـ«معاريف»، فإن الإدارة الأميركية التي تسلمت الطلب المصري تعكف على دراسته «بمشاعر مختلطة» نظراً لأنها كانت تخطط للاحتفال بإطلاق المفاوضات في واشنطن أو كامب دايفيد.
وفي السياق، كشفت الإذاعة الإسرائيلية أمس، أن نائب رئيس الحكومة السابق، عضو الكنيست عن حزب «كديما»، حاييم رامون، حاول إقناع رئيس دائرة المفاوضات في منظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات، بألا تجري السلطة الفلسطينية مفاوضات مباشرة مع حكومة بنيامين نتنياهو.
وقالت الإذاعة إن رامون التقى عريقات في 8 تموز الحالي، في فندق «أميركان كولوني» في القدس الشرقية وتباحثا في المفاوضات بين الفلسطينيين وإسرائيل، مشيرة إلى أن مصدر المعلومات، الذي رفض الكشف عن هويته، قال إنه كان في الفندق وجلس بالقرب من رامون وعريقات، وسمع منهما تفاصيل المحادثات كلها. وبحسب المصدر، فإن رامون قال لعريقات إنّ الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز أرسله للتحدث معه، و«خلال المحادثة كلها، جرى الحديث عن أنه لا احتمال من ناحية عملية، أو جدوى، من انتقال الفلسطينيين إلى محادثات مباشرة، لأن نتنياهو لن يوافق على أي شيء».
والجدير بالذكر أن نتنياهو كان قد قال خلال مشاركته في اجتماع للجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست يوم الاثنين الماضي إن «ثمة من يخرب بمنهجية في الدخول إلى المحادثات. وللأسف ليس جميع هذه الجهات موجودة خارج إسرائيل، وأنا لا أقصد زملائي من أحزاب اليمين المشاركة في التحالف الحكومي».
أما رامون نفسه، فقال أمس: «إذا كان رئيس الحكومة يقصده، فهذا محزن، وهو يحاول تبرير فشله السياسي باتهامات سخيفة كهذه، فمن يخرب عملية السلام أكثر من الجميع، هو نتنياهو نفسه».