هآرتس ــ أري شفيت قال رئيس الموساد هذا الأسبوع إنّ برنامج إيران النووي يعاني صعوبات شديدة. أنا لا أصدّقه. فلست أصدّق أنّ مؤسسة استخبارية لم تعلم كم من الفؤوس والسكاكين يوجد على «مرمرة»، تعلم كم آلة طرد مركزي مخبّأة في الملاجئ الإيراني السرية. ولست أؤمن بأنّ مؤسسة استخبارية لم تدرك المغزى الاستراتيجي للرحلة البحرية إلى غزة، تدرك المغزى الاستراتيجي لكل واحد من الخيارات في مواجهة إيران.
ولست أؤمن بأن مؤسسة استخبارية لم تحل مشكلة جلعاد شاليط، تستطيع حل المشكلة النووية الإيرانية. أنا أقدّر مئير دغان. وأعلم ما ندين به جميعاً للموساد الذي يرأسه دغان. لكن بعد إخفاق الرحلة البحرية، لم أعد أؤمن بقدرة المؤسسات الاستخبارية والوحدات الخاصة على مواجهة التحديات التي تعترض دولة إسرائيل.
قال رئيس هيئة الأركان العامة على مدى الأعوام الثلاثة الأخيرة إنه لا يستطيع أن يقول شيئاً للجمهور لأنه مشغول ببناء قوة الجيش الإسرائيلي. أنا لا أصدقه. أنا أحترم غابي أشكينازي. وأعتقد أنه قام بعمل ممتاز في إعادة بناء الجيش وتجديد قدرته. لكنني أعلم أنّ أشكينازي فشل في قضية الرحلة البحرية إلى غزّة. وأعلم أنّ أشكينازي أرسل وحدة خاصة إلى فخ متوقع سلفاً، ولم يقرأ الخريطة ولم يُعدّ القوات ولم يتخذ قرارات معقولة.
وأعلم أيضاً أن أشكينازي لا يملك ما يكفي من الشجاعة لمواجهة الجمهور، والاعتراف بالإخفاق وتحمّل تبعة ذلك. أتساءل بعد إخفاق الرحلة البحرية، هل رئيس الأركان هو حقاً الناضج المسؤول الذي جرى الحديث عنه كثيراً، وأيّ إخفاقات أخرى يخفي وراء صمته.
قال وزير الدفاع مرةً بعد أخرى إنّ يديه مستقرتان على المقود. أنا لا أصدقه. أنا أحترم تصور إيهود باراك الممتاز للواقع. وأحترم شجاعته وبرودة أعصابه وإسهامه في الأمن القومي. لكنّ باراك مسؤول عن إخفاق الرحلة البحرية. لم يدرك باراك أنه لا يجوز لإسرائيل أن تعرّض الحلف الاستراتيجي مع تركيا للخطر، وأنه لا يجوز أن تبدو مثل دولة إرهابية تعمل كالقراصنة في مياه دولية. أتساءل بعد إخفاق الرحلة البحرية، هل باراك هو حقاً الخبير الاستراتيجي اللامع الذي يفترض أن يكون. لقد فقدت الثقة بتقديره.
قال رئيس الحكومة في حلقات مغلقة إنه سينقذ إسرائيل من التهديد الإيراني. أنا لا أصدقه. أنا أحترم فهم بنيامين نتنياهو التاريخي وحبّه لبلده وشعبه. لكنني أرى أنّ نتنياهو يعظّم التهديد الإيراني كثيراً. وهو يضر بمكانة إسرائيل الدولية، ويعزلها ويجعلها بغيضة، ولا يسكن الجبهات بل يشعلها.
إن نتنياهو بدل أن يجنّد الفلسطينيين والسوريين والأتراك لمواجهة إيران، يدفعهم نحو إيران. وبدل أن يجنّد الأميركيين والأوروبيين لإسرائيل، يهيّجهم على إسرائيل. وقد بلغ المسار المجنون ذروته بقرار الرحلة البحرية، الذي برهن على أن تصوّره للواقع مختل. ولما كان رئيس الحكومة لا يدرك ماهية المعركة مع إيران فإنه يخسرها. بعد إخفاق الرحلة البحرية أشك في قدرته على مواجهة التحدي الوجودي القريب.
هل ينبغي أن ينصرف نتنياهو وباراك وأشكينازي ودغان؟ ليس بالضرورة. إسرائيل الآن في سفح الجبل. ومن الخطر تبديل الجياد. ولن تحل لجنة تحقيق أيضاً شيئاً. فقد قيل كل ما ينبغي قوله. لهذا يجب على القادة تقصير الإجراءات: الاعتراف بالإخفاق، واستخلاص الدروس والإصلاح. لقد كانت حرب لبنان الثانية تحذيراً. وكانت عملية «الرصاص المصهور» إنذاراً. والآن نحن أمام استصراخ. فهل من سامع في القدس؟