نتنياهو يتحدّث عن «بدائل» للحصار وليبرمان يشترط السماح للصليب الأحمر بزيارة شاليط خمسة أيام فقط فصلت بين رحلة أسطول الحرية وسفينة «رايتشل كوري» باتجاه غزة. أيام كانت كافية لدفع إسرائيل لاختيار أسلوب «القرصنة الناعمة» لإيقاف أحدث محاولات كسر الحصار، متذرّعة بأنها «لم تكن تحمل إرهابيين»
«جئنا نحمل مساعدات إنسانية ورسالة أمل وسلام، لكنهم لم يسمحوا لنا بمواصلة طريقنا. لقد أوقفونا ونحن على بعد 35 ميلاً من غزة، في المياه الدولية، وقالوا نحن قادمون إليكم».
بهذه العبارات عبّر ماتياس تشانك من منظمة «بيردانا» للصحافيين عن استيائه من إقدام قوات الكومندوس الإسرائيلية على الاستيلاء على سفينة «رايتشل كوري»، أول من أمس، أثناء توجهها إلى غزة.
وبدا أنّ تداعيات مجرزة قوات الكوماندس الإسرائيلية بحق سفينة «مرمرة» التركية انعكست على الأسلوب الذي اختارته إسرائيل للسيطرة على السفينة. وكشف الناطق باسم الجيش الإسرائيلي، أفيحاي أدرعي، أن جنود وحدة الكوماندوس البحري استولوا على السفينة من البحر لا من خلال عملية إنزال جوي، و«بموافقة» الذين كانوا على متنها. وأوضح أنّ «قوات البحرية صعدت على السفينة بعد رفضها الاستجابة لخمسة اتصالات أجراها الجيش الإسرائيلي مع قبطان السفينة، وطالبه فيها بالعودة من حيث أتى أو الوصول إلى ميناء أسدود وإفراغ الشحنة التي تحملها هناك، لكنهم رفضوا ذلك وأرادوا مواصلة طريقهم إلى غزة».
وعقب اقتياد السفينة إلى ميناء أسدود وانتهاء الإجراءات بحقهم، رحّلت إسرائيل أمس جميع الناشطين وأفراد طاقم السفينة الإيرلندية. وعبر كوبي وستة ماليزيين، بينهم النائب محمد نزار زكريا وصحافيان، الحدود البرية باتجاه الأردن.
وتأخّر ترحيل الناشطين الإيرلنديين الخمسة، بمن فيهم ميريد ماغواير الحائزة جائزة نوبل للسلام في 1976 والمدافعة عن القضية الفلسطينية، بعد رفضهم توقيع وثيقة تؤكد أنهم يتخلون عن اللجوء إلى القضاء الإسرائيلي ضد إجراء ترحيلهم.
ووصف منسّق حملة التضامن الإيرلندية ـــــ الفلسطينية في دبلن، كيفن سكوايرز، ما حصل بأنه «عمل سافر آخر من أعمال القرصنة الإسرائيلية في أعالي البحار».
وفي السياق، أعلنت حركة غزة حرة، التي تقف وراء مبادرة إرسال أسطول الحرية، مبادرة جديدة لكسر الحصار البحري «في الشهرين المقبلين»، فيما أعلن ممثّل المرشد الإيراني علي خامنئي في الحرس الثوري، علي شيرازي، «أن قوات النخبة في الحرس الثوري الإيراني مستعدة لتوفير حراسة عسكرية لسفن الشحن التي تحاول كسر الحصار الإسرائيلي على غزة».
في هذه الأثناء، واصل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو دفاعه عن العنف غير المبرر المستخدم في السيطرة على سفينة مرمرة التركية، عازياً النتائج الدموية للهجوم إلى وجود «إرهابيين على متنها».
وقال نتنياهو إنه «في سفينة واحدة فقط انتشر عشرات البلطجيين الذين ينتمون إلى منظمة إرهابية، أو الأصح منظمة متطرّفة داعمة للإرهاب، وكانوا مسلّحين بفؤوس وسكاكين وسلاح أبيض آخر. واضطر مقاتلونا إلى الدفاع عن أنفسهم من خطر داهم على حياتهم»، بالتزامن مع نقل صحيفة «معاريف» عن ضابط رفيع المستوى في وحدة الكومندوس اتهامه النشطاء بأنهم تلقّوا تدريبات في معسكرات في كلّ من أفغانستان وباكستان وإندونيسيا وبلغاريا.
ورغم أنّ نتنياهو كرر التشديد على عدم السماح «بإقامة ميناء إيراني في غزة»، إلا أنه أعرب عن استعداده للنظر «في سبل تسهيل الظروف المعيشية على سكان غزة». وقال «بيبي»، خلال اجتماع حكومي، «لسنا لامبالين بالانتقادات الدولية حيال الحصار وبضرورة تسهيل نقل البضائع إلى غزة»، مشيراً إلى إمكان وجود «بدائل كثيرة مثل زيادة نشاط المعابر، وإعداد لائحة بالمواد الممنوع دخولها، وتدخّل دولي منسّق».
وخلال الاجتماع، دعا وزير الرفاه الاجتماعي الإسرائيلي يتسحاق هرتسوغ، من حزب العمل، إلى «إيجاد الحل الصحيح، لأنه حان الوقت لرفع الحصار وإيجاد بديل أمني آخر ومناسب».
وفي السياق، شدّد وزير المواصلات إسرائيل كاتس (الليكود) على إعادة النظر في العلاقة بين إسرائيل وغزة، لافتاً إلى وجود فرصة «للعمل على قطع أي علاقة بيننا وبين غزة، باستثناء منع دخول السلاح الاستراتيجي». ورأى كاتس أن الحل يكمن في «نقل كل البضائع المدنية إلى غزة عبر معبر رفح بالتعاون مع جهات دولية مستعدة للمساعدة، مثل الولايات المتحدة».
بدوره، عرض وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان إعادة فتح المعابر الحدودية بين إسرائيل وغزة، شرط السماح للصليب الأحمر بزيارة الجندي الإسرائيلي الأسير في القطاع جلعاد شاليط مقابل ذلك.
وفي السياق، كشفت صحيفة «هآرتس» أن رئيس قسم الشرق الأوسط في البيت الأبيض، دان شابيرو، موجود في إسرائيل حالياً للبحث في آليات التحقيق في أحداث قافلة الحرية وتخفيف الحصار على غزة. وبحسب الصحيفة، فقد التقى شابيرو برئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي عوزي أراد الذي يُعدّ أكثر شخصية مقرّبة من نتنياهو.

بايدن في زيارة رئاسية أولى إلى مصر: رفع الحصار وإحياء عملية السلام
ونقلت «هآرتس» عن مسؤول إسرائيلي رفيع قوله إن «إسرائيل ردّت بالإيجاب على اقتراح أميركي ببدء محادثات رسمية بشأن طرق تخفيف الحصار على غزة»، رافضاً فكرة تأليف قوة دولية لتفتيش السفن المتوجّهة إلى غزة، لأن «هذا لم ينجح في لبنان أو عند معبر رفح».
وتزامنت هذه «الليونة» الإسرائيلية إزاء التخفيف من حدة الحصار مع نقل «جيروزاليم بوست» عن مسؤولين في وزارة الدفاع أنهم يفكرون في السماح بمرور سفن المساعدة الإنسانية، شرط أن تقوم قوة دولية بتفتيشها، ومن الممكن أن تأتي من الأمم المتحدة.
في هذا الوقت، وصل نائب الرئيس الأميركي، جوزف بايدن، إلى منتجع شرم الشيخ المصري، في أول زيارة له إلى مصر منذ تولّيه منصبه، حيث من المقرر أن يجري مباحثات مع الرئيس حسني مبارك، اليوم، بشأن «إجراءات رفع الحصار عن قطاع غزة وتخفيف المعاناة عن الشعب الفلسطيني وإحياء عملية السلام في الشرق الأوسط»، بحسب وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية الحكومية.
إلى ذلك، اتهم عضو المكتب السياسي لحركة «حماس»، عزت الرشق، الولايات المتحدة بالانحياز «السافر» لإسرائيل. وجدّد رفض حركته كل «الألاعيب والمقترحات التي بدأت الحديث عنها الولايات المتحدة وبعض الأطراف، كاقتراح تخفيف الحصار مقابل شروط معينة».
(أ ف ب، رويترز، يو بي آي)