منع إدخال الإسمنت وبعض المنتجات الاستهلاكية واستمرار الإجراءات الأمنية مهدي السيد
لم يكن قرار المجلس الوزاري المصغر للشؤون الأمنية والسياسية، خلال جلسته أمس، تخفيف الحصار الذي فرضته الحكومة الإسرائيلية على قطاع عزة، صعباً. فقد نجح الاحتلال في مخاطبة العالم بلغة تخفيفية، فيما الوصف الأقرب إلى الواقع هو تجميل الحصار، الأمر الذي رأت فيه صحيفة «يديعوت أحرونوت» استجابة للضغوط الدولية الممارسة على إسرائيل في أعقاب مجزرة «أسطول الحرية».
وقال رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، في ختام المداولات، إن إسرائيل «ستحافظ على الوسائل الأمنية والترتيبات الأمنية القائمة لمنع دخول سلاح ووسائل قتالية». وأضاف أن المجلس الوزاري المصغر «سيجتمع قريباً لاتخاذ قرارات بشأن الخطوات المطلوبة لتنفيذ هذه السياسة»، مشيراً إلى أن إسرائيل «تتوقع من المجتمع الدولي العمل على إطلاق سراح جلعاد شاليط».
من جهته، قال وزير الدفاع، إيهود باراك، إن «القصد هو السماح بدخول مزيد من المنتجات، بعد إجراء فحص إسرائيلي يؤكد عدم وجود السلاح والوسائل القتالية، أو المواد التي يمكن أن تساعد في القتال». وأشار إلى أنه «ستُتخذ جميع الوسائل لعدم رفع الحصار البحري الذي يهدف إلى ضمان عدم تعاظم القوة الصاروخية في غزة». وأضاف: «نحن نواصل تطبيق المبدأ القائل إن كل من يريد نقل المواد إلى غزة، يتعين عليه نقلها عبر أسدود، بالضبط كما تمر الحاويات التي تنقل إلى رام الله، بيت لحم أو نابلس».
وفنّد المتحدث باسم مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، مارك ريغيف، قرار حكومته. وقال: «أولاً، تحرير النظام الذي يحكم وصول البضائع إلى غزة. ثانياً، توسيع تدفق المواد للمشروعات المدنية داخل قطاع غزة بإشراف دولي. ثالثاً، يتعين علينا، رغم ذلك، إبقاء الإجراءات الأمنية التي تمنع وصول الأسلحة والمواد ذات الطبيعة الحربية إلى حماس».
وجاء في القرار أيضاً أن إسرائيل ستواصل حظر استيراد مواد البناء من مؤسسات خاصة، وهي المواد اللازمة لإعادة إعمار القطاع بعد حرب غزة. لكن الإعلان يسمح للمؤسسات الدولية بجلب المزيد من تلك المواد. ولم يحدد الإعلان كيف ستتغير إجراءات استيراد السلع التجارية أو يكشف عن قائمة بمنتجات بعينها. لكنه أوضح أن الإجراءات الأمنية القائمة لمنع تدفق الأسلحة والمواد الحربية ستستمر، وأن الحصار البحري الذي تراه إسرائيل ضرورياً لمنع تهريب الأسلحة إلى «حماس» لن يرفع.
وذكر دبلوماسيون أوروبيون أن خطة وضعت بالتنسيق مع مبعوث اللجنة الرباعية إلى الشرق الأوسط، طوني بلير، للانتقال من سياسة حظر دخول الكثير من البضائع التجارية، عدا بضعة بنود معينة، إلى السماح بدخول جميع المنتجات وحظر قائمة محددة منها فقط.
وفي ردود الفعل الفلسطينية، رأت حركة «حماس» أن قرار إسرائيل «يهدف إلى تجميل الحصار وتضليل الرأي العام العالمي». وقال المتحدث باسم الحركة، سامي أبو زهري، إن «المطلوب فلسطينياً ليس كميات إضافية من البضائع، بل المطلوب رفع شامل لكل أشكال الحصار من خلال فتح المعابر المحيطة بغزة، وضمان حرية تنقل الأفراد ومرورهم، وإدخال جميع البضائع التي يحتاج إليها القطاع، في مقدمتها مواد الصناعة والبناء، وإمداد القطاع باحتياجاته من الوقود والكهرباء، ورفع القيود عن التعاملات البنكية». وشدد على أن قرار إسرائيل «فاقد للقيمة»، مطالباً باستمرار جهود التضامن الدولي حتى كسر الحصار.
من جهته، قال رئيس دائرة شؤون المفاوضات في منظمة التحرير الفلسطينية، صائب عريقات، إن الحديث الإسرائيلي «يدخل فقط في إطار ألاعيب العلاقات العامة»، مشدداً على «وجوب رفع الحصار رفعاً كاملاً». وأكد، خلال لقائه المبعوث الأوروبي لعملية التسوية مارك أوت، أن «الحصار يمثّل مخالفة فاضحة للقانون الدولي، ويستهدف حياة 1.5 مليون من أبناء الشعب الفلسطيني في أبشع صور العقوبات الجماعية»، مشيراً إلى أنه يجب على المجتمع الدولي «إلزام إسرائيل برفع كل أشكال الحصار».
أما عربياً، فدعا وزير الخارجية السوري، وليد المعلم، المجتمع الدولي إلى «تحمل مسؤولياته في وضع حد للممارسات الإسرائيلية، وإنهاء الحصار المفروض على غزة».

«حماس» تجد القرار «فاقداً للقيمة» وعريقات يقول إنه «يدخل فقط في إطار ألاعيب العلاقات العامة»


وذكرت وكالة أنباء «سانا» أن المعلم «شدد على أن استمرار إسرائيل في الممارسات العنصرية بحق المواطنين العرب في الأراضي العربية المحتلة، يؤكد عدم رغبتها في تحقيق السلام في المنطقة».
من جهتها، رأت الحكومة الأردنية أن قرار إسرائيل «غير كاف». وقال وزير الإعلام والاتصال، الناطق الرسمي باسم الحكومة، نبيل الشريف، إن «المطلوب هو رفع الحصار الظالم المفروض على قطاع غزة بالكامل»، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن «أي إجراء يخفف الضغط على الناس ويحسّن من حياتهم، ولو جزئياً هو في الاتجاه الصحيح».
أما تركيا، فأشارت على لسان مسؤول في وزارة الخارجية، إلى أنها تريد تقويم الخطوة الإسرائيلية وترى كيف ستُنفَّذ. إلا أن المسؤول عاد وقال: «موقفنا من القضية واضح. ننتظر رفع الحصار رفعاً كاملاً».
وإلى المواقف الأوروبية، رحبت الممثلة العليا للشؤون الخارجية والأمنية في الاتحاد الأوروبي، كاثرين آشتون، بقرار إسرائيل. وقالت إنها «تنظر باهتمام كبير إلى ما أعلنته الحكومة الإسرائيلية، وهذا بيان مبدئي في هذه المرحلة».
في المقابل، دعا البرلمان الأوروبي إلى تحقيق دولي وموضوعي في الهجوم الإسرائيلي على «أسطول الحرية»، وفتح كامل للمعابر وإنهاء فوري للحصار. وقال: هذه هي «مطالب البرلمان الأوروبي التي تضمنها القرار الذي اتخذ اليوم».
من جهته، أعلن وزير الخارجية الفرنسي، برنار كوشنير، أن القرار هو «التقدم الأول الكبير منذ هذه الأزمة. إلا أنه ليس كافياً»، فيما أشار وزير الخارجية الإيطالي، فرانكو فراتيني، إلى أن «إسرائيل فهمت أن استراتيجية الحصار تأتي بنتائج عكسية».