واشنطن «غاضبة» وباريس «آسفة»... وعبّاس يريد إلغاء القرارمهدي السيّد
أدى الضوء الأخضر، الذي أعطته بلدية القدس لهدم 22 منزلاً لفلسطينيين في حيّ سلوان في القدس الشرقية، إلى إحراج جديد لحكومة بنيامين نتنياهو، مثيراً انتقادات في الداخل والخارج، كانت أبرزها تلك الصادرة عن الإدارة الأميركية، والسلطة الفلسطينية، الأمر الذي دفع مكتب نتنياهو إلى إصدار بيان تبريري يتنصل فيه من مسؤوليته عمّا حصل.
وكانت لجنة التخطيط والبناء في بلدية القدس المحتلة قد وافقت الاثنين على مشروع بناء حديقة أثرية يهودية سمي «حدائق الملك» سيقام في حيّ سلوان العربي. وينص المشروع على هدم 22 منزلاً فلسطينية تدعي السلطات الإسرائيلية أنها بنيت من دون تراخيص.
وفي إشارة إلى مبلغ الحرج الذي سببه هذا الإعلان، انتقد وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك المشروع، وقال في بيان صدر في إسرائيل، في الوقت الذي يقوم فيه بزيارة للولايات المتحدة، إن «بلدية القدس جانبت الصواب ولم تراع حساسية التوقيت» في إعلان هذا القرار. وأضاف البيان أن «وزير الدفاع يعتزم مخاطبة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو عند عودته لبحث سبل تقديم المنطق والحكمة» في هذا الصدد.
كذلك أعربت الولايات المتحدة عن «قلقها» حيال مشروع بلدية القدس. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، فيليب كراولي: «نحن قلقون من القرار. أدرنا عدة محادثات مع الحكومة الإسرائيلية بهذا الشأن. هذا نوع من الخطوات التي برأينا تقوض الثقة اللازمة جداً لتقدم محادثات التقارب على سبيل استئناف الاتصالات المباشرة».
وفي عمّان، أعلن كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس طلب من الإدارة الأميركية «التدخل المباشر لإلغاء القرار الإسرائيلي».
وقال عريقات، الذي يرافق الرئيس الفلسطيني في زيارة للأردن: «نحن ندين بأشد العبارات الممكنة إعلان إسرائيل إزالة 22 منزلاً في حيّ سلوان وتدميرها»، مشيراً إلى أن «هذا لا يمكن أن يجري».
من جهته، أكد عباس، بعد لقائه الملك الأردني عبد الله الثاني، «نحن نرفض هذه الإجراءات رفضاً قاطعاً، ونرى أنها تقف حجر عثرة في طريق أي تقدم في العمل السياسي». وأضاف: «لا بد لإسرائيل أن تتوقف، ولا بد لأميركا أن تأخذ هذا في الاعتبار وتطلب من إسرائيل وقف هذه الإجراءات».
كذلك، دعت مصر الولايات المتحدة إلى التدخل الفوري لـ«استمرار المخططات الإسرائيلية لاقتلاع الفلسطينيين من القدس».
وأدان المتحدث باسم الخارجية المصرية حسام زكي «الخطوة التي اتخذتها إسرائيل بشأن التصديق على هدم 22 منزلاً فلسطينياً في حيّ سلوان بالقدس الشرقية تحت ذريعة إقامة حديقة أثرية».
بدورها، أعربت فرنسا عن «أسفها» لقرار بلدية القدس، وطالبت بأن تتخذ إسرائيل «التدابير الملائمة من دون إبطاء ضد إجراء الموافقة».
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية، برنار فاليرو: «نأسف لموافقة بلدية القدس على مشروع استيطاني في القدس الشرقية، الذي سيترجم تطبيقه هدماً لمنازل فلسطينية»، مشيراً إلى أن «هذا القرار يعطي نتائج مضادة».
وأضاف: «نأمل أن تتخذ السلطات الإسرائيلية من دون إبطاء التدابير الملائمة ضد إجراء الموافقة الجاري حالياً».
ورداً على الانتقادات، أفاد مكتب نتنياهو بأن ما أُعلن ما هو إلا «خطوات تمهيدية لمشروع لا يزال ينبغي مناقشته على مستوى لجنة التنظيم المدني في البلدية، وكذلك على مستوى لجنة المنطقة في وزارة الداخلية».
وأكد البيان الصادر عن مكتبه أن نتنياهو كان قد طلب من رئيس بلدية القدس نير بركات تجميد مشروع الحديقة الأثرية للسماح بإحراز تقدم في المفاوضات غير المباشرة مع الفلسطينيين.
في المقابل، أكد إيليشا بيليغ، عضو لجنة التخطيط والمستشار البلدي العضو في حزب الليكود اليميني بزعامة نتنياهو، أن القرار هو «تعبير عن سيادتنا على كامل القدس عاصمتنا الأبدية».
تجدر الإشارة إلى أنه في آذار الفائت، سبب ملف الاستيطان في القدس الشرقية أزمة دبلوماسية خطيرة مع واشنطن بعد إعلان بناء 1600 وحدة استيطانية جديدة في حيّ يهودي في القدس الشرقية. وتزامن ذلك مع زيارة لإسرائيل كان يقوم بها نائب الرئيس الأميركي جو بايدن.
ويتوافق بيان نتنياهو التبريري مع ما ذكرته تقارير إعلامية إسرائيلية تحدثت عن غضب أميركي من الخطوة الإسرائيلية. وفي هذا السياق، نقلت صحيفة «هآرتس» عن مصادر إسرائيلية قولها إن مسؤولين رفيعي المستوى في الإدارة الأميركية توجهوا إلى رئيس الحكومة الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، للحصول على «إيضاحات» بشأن قرار بلدية الاحتلال.
وقالت الصحيفة إنه إضافة إلى الرسائل في القنوات غير المعلنة، أبلغ المسؤولون الأميركيون مكتب نتنياهو بأنهم سيصدرون إدانة علنية في هذا الشأن.
وذكرت الصحيفة أن مقربين من نتنياهو ردوا على التوجه الأميركي بالقول إن الحديث عن منازل شيّدت على أراض عامة وإنه ليس من صلاحياته التدخل في إدارة أمور البلدية وإجراءات التخطيط فيها، وإن لرئيس الوزراء القدرة على التأثير إذا وصل المخطط إلى طاولة لجنة التخطيط والبناء اللوائية.
بدورها، قالت صحيفة «معاريف» إن الولايات المتحدة غاضبة من قرار البناء في سلوان. وأضافت أن الخطة سبق أن عرضت قبل نحو ثلاثة أشهر وأثارت عاصفة، لكن في أعقاب تدخل نتنياهو أعلن في حينه رئيس البلدية نير بركات تأجيل البحث في اللجنة.