خاص بالموقع- يفرض «أمراء» المولدات الكهربائية في بغداد قانونهم الخاص مع تفاقم الأزمة في هذا القطاع الحيوي، فيستغلون الأوضاع غير المستقرة لتحقيق مكاسب مرتفعة عبر خداع المشتركين ببيعهم طاقة من الشبكة الحكومية، فضلاً عن اتباعهم أساليب احتيالية أخرى. ويؤكد العديد من المشتركين أنّ أصحاب المولّدات يفرضون أسعاراً مرتفعة تتعدى تلك التي حددتها مجالس المحافظات، وخصوصاً في بغداد.
وسبق أن حدد مجلس محافظة العاصمة سعر «الأمبير» بسبعة آلاف دينار (أقل من ستة دولارات) لعشر ساعات يومياً مع التعويض عنها إذا تلازمت مع تغذية مصدرها الشبكة الحكومية.
لكن سرمد محمد المقيم في شارع فلسطين، شرق بغداد، يؤكد أنّه يدفع 26 ألف دينار (22 دولاراً) للأمبير الواحد، مقابل تجهيز عشرين ساعة في اليوم.
وأضاف «يتحكم بنا أمراء المولدات أو البارونات الجدد (...) لم يطرق بابي أيّ مسؤول للاستفسار عن المبالغ التي أدفعها لصاحب المولد، ولا أعرف الى أين أذهب للشكوى. إنّهم يستغلوننا استغلالاً معيباً، وليس من معين».
وتابع محمد «أنا مرغم على شراء الطاقة لأنّ البدائل محدودة، ولديّ أطفال صغار السن لا يتحملون درجات حرارة مرتفعة».
وانطلقت في مناطق عدة أخيراً موجة من التظاهرات الصاخبة احتجاجاً على نقص الطاقة الكهربائية أدت إلى مقتل شخصين في البصرة، ما دفع بوزير الكهرباء كريم وحيد الى الاستقالة.
وشهد العراق، وخصوصاً المناطق الجنوبية، قبل أسبوعين، موجة من القيظ الخانق حيث قاربت درجات الحرارة الستين في الجنوب والخمسة والخمسين في بغداد.
وإثر هذه الأحداث، أمر رئيس الوزراء المنتهية ولايته نوري المالكي بحملة ضد المتجاوزين على شبكة الكهرباء الوطنية، مؤكداً في الوقت ذاته أنّ حلّ هذه الأزمة سيستغرق سنتين على الأقل.
وبين محاولات الحكومة غير الفاعلة ومطالب السكان، برز «أمراء» المولدات كقوة تفرض ما تريده من دون رقيب أو حسيب.
ويعمد عدد منهم إلى سرقة الكهرباء الوطنية من مناطق مجاورة وبيعها لمناطق أخرى بأسعار مرتفعة جداً، بدلاً من تشغيل مولداتهم.
يشار الى أنّ التيار الكهربائي يعمل في منطقة وينقطع في منطقة أخرى، ويستفيد «أمراء» المولدات من ذلك عبر تجاوزهم على شبكة الكهرباء الحكومية.
من جهته، قال علي عدنان الذي يسكن في حي زيونة الراقي في وسط بغداد إنّ «صاحب المولد يبيعنا الكهرباء الحكومية، بأسعار مرتفعة (...) نحن نعرف ذلك وماذا تريدنا أن نفعل؟ لا نستطيع البقاء من دون كهرباء بسبب القيظ القاتل».
وشنت السلطات بعد الاحتجاجات حملة أمنية ضد التجاوزات بدأت الأحد الماضي، مؤكدة توفير 30 ميغاواط في اليوم الأول.
ومنذ سنوات، يعاني قطاع الكهرباء في العراق عموماً من نقص في إنتاج الطاقة جراء تعرض المحطات وشبكات النقل لأضرار كبيرة عند اجتياح البلاد عام 2003، وما أعقبه من أعمال تخريب.
ويعتمد العراقيون، وخصوصاً في بغداد، على مولدات الطاقة لمعالجة النقص المستمر الذي يصل الى حوالى 18 ساعة في اليوم.
الى ذلك، يعمد بعض أصحاب المولدات الى قطع التيار على المشتركين بذريعة سحب طاقة أكثر من تلك المقررة مسبقاً، ولا يعيدونه إلا بعد ساعات عدة.
وفي هذا السياق، قال أبو سيف «ألغيت اشتراكي واشتريت مولداً خاصاً من كثرة ابتزاز صاحب المولد الذي كان يمدني بالكهرباء قبل أن يقطعها بحجة سحب أمبيرات أكثر من المقرر».
وأضاف «قطع في إحدى الليالي الكهرباء عني، فانتظرت مدة ساعة من دون نتيجة، ثم خرجت بعد منتصف الليل لأستفسر عن السبب، وفوجئت بقوله: اذا كنت تريد أن أعطيك كهرباء، فيجب أن تلتزم بحصتك، وإلا فلن تراها مجدداً».
ويضع كثيرون مولداتهم وسط الأحياء السكنية من دون الأخذ في الاعتبار الإزعاج الشديد الناجم عن ارتفاع الصوت، فضلاً عن الأضرار البيئية.
وقال أحد أصحاب المولدات إنّ «عدداً من زملائي يستخدمون النفط الأسود الرخيص، ويمزجونه مع الديزل بغرض توفير المال، متجاهلين الأضرار البيئية التي تخلفها هذه المادة».
وأضاف إنّ «الحكومة تمدّ المولدات بالديزل، لكنّ أصحاب النفوس الضعيفة يريدون جني أرباح أكثر فيقدمون على شراء نفط أسود رخيص الثمن لتشغيل مولداتهم».
وأوضح رداً على سؤال أنّ «التنافس بين أصحاب المولدات في المناطق الشعبية يعدّ العامل الرئيسي في تحديد سعر الأمبير، لا التسعيرة التي تضعها السلطات».
وبحسب معلومات، فإنّ كلّ مولد لديه مئة مشترك كمعدل وسطي، فيما الحد الأدنى يبلغ 500 أمبير.
وختم قائلاً إنّ «المجالس لا تحاسبنا على الأسعار، والمواطنين لا يجدون من يشتكون إليه».
ويبلغ إنتاج الطاقة الكهربائية أقل من ثمانية آلاف ميغاواط حالياً، بينما الحاجة الفعلية هي بحدود 14 ألف ميغاواط.
وتشير تقارير إعلامية الى معلومات يتداولها المواطنون حول اتفاق بين أصحاب المولدات والمسؤول عن الشبكة الحكومية على تغذية مناطقهم خلال ساعات تشغيل مولداتهم.
(أ ف ب)