صنعاء ــ الأخباربدأ العدوان يوم أمس بتقطيع أوصال العاصمة صنعاء، عبر ضرب الجسور المؤدية الى العاصمة من الشمال والغرب، في خطةٍ ترمي إلى عزل العاصمة وقطع إمدادات «أنصار الله» فيها، تمهيداً لتنفيذ الهجوم الذي يروّج له التحالف منذ أسابيع.
وشنّت طائرات التحالف، ليل أمس، سلسلة غارات استهدفت جسر مقشلة الذي يربط الحديدة بصنعاء، وجسر لاحمة (المحويت ــ الحديدة)، وجسر زحام (صنعاء ــ المحويت)، وجسر شرس (عمران ــ حجة). واستهدفت ثلاث غارات منطقة كحلان عفار في محافظة حجة والقصف، تركّزت على نقيل جبل الخذالي، وهو الطريق الواصل بين صنعاء وعمران وحجة.

وتنطلق العمليات الجوية في وقتٍ عجزت فيه قوات الغزو الخليجي والمجموعات المسلحة المؤيدة للرئيس الفار عبد ربه منصور هادي ولحزب «الإصلاح» عن التقدم في محافظة مأرب واتخاذها منفذاً على صنعاء، كما كان مخططاً في السابق، حيث تمكن الجيش و«اللجان الشعبية» من صدّ أربع هجمات، موقعين المزيد من الخسائر في صفوف القوات الأجنبية والمسلحين.
وخلال محاولات الزحف في اليومين الماضيين، لقي أكثر من 170 مصرعهم، بينهم إماراتيون وسعوديون وبحرينيون، وجرى تدمير أكثر من 50 مدرعة وآلية، وفقاً لمصادر عسكرية.
ويحاول التحالف الذي نشر صواريخ باتريوت المضادة للصواريخ في صافر أن يتجه إلى شمال غرب المحافظة، ضمن ما يقول إنه يأتي استعداداً للهجوم على صنعاء، غير أن عمليات المقاومة اليومية عرقلت هذه المهمة.

«أنصار الله»: العلم
الإماراتي الذي تهدّدوننا برفعه على أرض اليمن قد نُكّس
ووسط التكتم الاعلامي على عدد القتلى والخسائر في عديد القوات الخليجية، أقرّت الامارات أمس بمقتل جندي ثان في المحافظة «أثناء المعارك الدائرة»، بحسب وكالة الأنباء الاماراتية، وذلك بعد إعلانها أول من أمس مقتل جندي في مأرب. وفيما لم توضح الوكالة ظروف مقتل الجندي، قالت صحيفة «ذا ناشيونال» الصادرة في أبو ظبي إن لغماً انفجر فيه. واعترفت الامارات التي تمثل عنصراً أساسياً في التحالف، حتى الآن، بمقتل 61 جندياً في اليمن، من بينهم 52 في عملية صافر يوم الرابع من ايلول الجاري. وتقول المصادر في مأرب لـ«الأخبار» إن أكثر من 27 لقوا مصرعهم (بينهم خليجيون)، أول من أمس، من كتيبة تابعة لقوات التحالف وقعت تحت حصار الجيش و«اللجان الشعبية» لأكثر من 48 ساعة، قبل أن تستهدفها طائرات العدوان. وقال مصدر قبلي من مأرب لـ«الأخبار» إن الكتيبة المحاصرة طالبت قوات التحالف بعدم القصف لفك حصارها، خشية أن تصيبها نيران الغارات.
في المقابل، أكد مصدر في «اللجان الشعبية» احتفاظ الجيش و«اللجان» بمواقعهم والجاهزية لصد أي محاولة جديدة للهجوم، مشيراً إلى تقدم في بقية جبهات القتال في مأرب بعيداً عن منطقة تمركز قوات الغزو. وأكد المصدر أن خسائر قوات التحالف البشرية تضاعفت فجر أمس، لدى ملاحقتها وعودتها إلى مواقعها.
على الصعيد السياسي، علق رئيس اللجنة الثورية العليا، محمد علي الحوثي، على تصريحات حاكم دبي محمد بن راشد، التي وعد فيها بـ«رفع العلم الإماراتي في سد مأرب»، بالقول إن: «العلم الذي تهددوننا برفعه على أرض اليمن قد نكّس ورأيناه، ورأيتموه ورآه العالم، يطوي طابوراً طويلاً من جثامين أبناء الشعب المخدوعين بأوامركم في صناديقها، عائدةً من اليمن، فهل من البطولة أن تبحثوا عن أعداء وهميين وتتركوا من تزعمون أنهم يقضّون مضاجعكم بخطرهم؟».
أما على الحدود، حيث يتابع الجيش و«اللجان الشعبية» التقدم داخل محافظة عسير بعد السيطرة على أجزاء واسعة من جيزان ونجران، فأعلنت وزارة الداخلية السعودية، أمس، مقتل جندي في جيزان «في تبادل لإطلاق النار من داخل الأراضي اليمنية».
في هذا الوقت، وبعد تراجع هادي عن المشاركة في المحادثات المباشرة التي دعت الامم المتحدة إلى عقدها بين الاطراف اليمنية قبل عيد الاضحى، التقى المبعوث الدولي إسماعيل ولد الشيخ بهادي في الرياض، مساء أمس، حيث كان مقرراً أيضاً أن يلتقي بحاح لبحث سبل استئناف الحوار. وكان ولد الشيخ قد عاد لإجراء مشاورات جديدة مع «حكومة هادي والاطراف الآخرين»، وفقاً لتصريح المتحدث باسم الامم المتحدة ستيفان دوجاريك.
الإمارات تتحدى «الإصلاح» في عدن
أما في عدن، فقد بدا واضحاً ارتفاع الصوت الإماراتي ضد حزب «الإصلاح»، ما نتج منه قرار هادي بإقالة محافظ عدن التابع لحزب «الإصلاح»، نايف البكري، من منصبه من دون تعيين آخر. وأثارت الإقالة غضب «الإصلاح» الذي عبّر عن ذلك بعرض عسكري لمسلحيه في المدينة الجنوبية.
وتناقلت وسائل إعلام تابعة لهادي خبراً عن عودة بحاح وحكومته إلى عدن أمس، وعن عقد أول اجتماع لها في المدينة، قبل أن يتضح أنها شائعات. وقالت مصادر جنوبية إن «الحكومة لم تصل اليوم (أمس) كما كان مقرراً».
وبحسب المصادر، فإن الوضع الأمني لا يسمح بعودة بحاح أو حكومته، إذ تستمر موجة الاغتيالات في عدن، والتي كان آخرها، مساء أول من أمس، اغتيال رئيس الجهاز المركزي إبراهيم علي هيثم، على أيدي مسلحين مجهولين.
وفي المنصورة، قطع مسلحون من الحراك الجنوبي الطرق وأحرقوا إطارات السيارات احتجاجاً على عدم تسلمهم رواتبهم والتلكّؤ في صرف بطاقات عسكرية لهم. ويبدو أن المحتجين جنود مستجدون في معسكر للجيش فُتح قبل شهرين في مصنع الغزل والنسيج في مديرية المنصورة في عدن.
وفيما تشهد العاصمة صنعاء هدوءاً نسبياً مقارنة بالأيام السابقة التي شهدت قصفاً هستيرياً، انتقلت حدّة القصف إلى المحافظات الأخرى. فقد سقط 62 شهيداً وأكثر من 83 جريحاً في مجازر وقعت في صعدة وذمار والمحويت وعمران، حيث قصفت طائرات العدوان بعشرات الغارات مناطق سكنية في تلك المحافظات.