في غزّة أمل اجتاح أهلها لدى فتح معبر رفح. كثيرون جهزوا أمتعتهم وقصدوا المعبر، علّهم يستطيعون الخروج من حبس الحصار. فالخارج ينتظرهم للاستشفاء والدراسة
غزة ــ قيس صفدي
توافد مئات الفلسطينيين إلى معبر رفح الحدودي مع قطاع غزة، يحدوهم الأمل بالسفر من القطاع المحاصر للعام الرابع على التوالي، بعد قرار مصر المفاجئ بفتح المعبر إلى أجل غير مسمى.
رامي هو أحد الذين هرعوا بحثاً عن فرصة للسفر خارج القطاع فور علمه بخبر فتح المعبر. وقال هذا الشاب، الحاصل على منحة للدراسات العليا في النروج، إن «فتح المعبر فرصة مناسبة للسفر في هذا التوقيت الصعب بعد المجزرة الإسرائيلية في أسطول الحرية، فلا أحد يعلم متى ستفتح مصر المعبر مرة أخرى».
وبدا رامي متحفّظاً على القرار المصري رغم أهميته، وقال «لم يعلن الجانب المصري فتح المعبر كلّيّاً ودائماً، وأبقى على عبارة حتى إشعار آخر. وهذا يعني أنها مسألة أيام وستعود الحال كما كانت عليه خلال السنوات الثلاث الأخيرة». وأمل أن يحالفه الحظ هذه المرة بالسفر بعد فشله في المرتين السابقتين لفتح المعبر.
ودأبت مصر على فتح المعبر استثنائياً على فترات متباعدة ولأيام محدودة كل شهر أو شهرين، فيما ترفض فتحه كلياً قبل إتمام المصالحة الوطنية وبموجب اتفاقية المعبر لعام 2005، التي تنص على وجود مراقبين أوروبيين على المعبر.
أما أسماء اللوح، الطالبة في كلية الهندسة في الجامعة الإسلامية في غزة، فتقول إنها لم تر أهلها القاطنين في السعودية منذ أربع سنوات، حتى تغدو نموذجاً آخر من نماذج معاناة سكان القطاع تحت الاحتلال والحصار.
وقررت أسماء هذه المرة أن تسافر حيث أهلها مهما كلفها الأمر، وتقول «كل مرة كان يتزامن فتح المعبر مع توقيت امتحاناتي الجامعية، ما كان يفوّت عليّ فرصة سفري». وأضافت «فضّلت هذه المرة السفر على امتحانات الفصل الجامعي الأخير المقررة بعد أسبوعين، اغتناماً لهذه الفرصة من افتتاح المعبر، لأنني لا أعلم متى سيغلق».
وتشارك هبة، أسماء، هذا الهاجس الذي بات يسيطر على جميع الراغبين في السفر باختلاف أسبابهم من القطاع إلى خارجه. تقول «بقي لديّ من الوقت أقل من شهر لتجديد إقامتي المصرية، ولن أفوّت هذه الفرصة التي تعدّ ذهبية بالنسبة إليّ بعد فشلي في السفر مرات عديدة». وأضافت «رغم قناعتي بجهد وزارة الداخلية في تنظيم السفر حسب افتتاح المعبر بين فترة وأخرى، إلا أنني أرى أن ترتيب المسافرين في فئات، بغض النظر عن الحاجة الحقيقية إلى السفر أو تاريخ التسجيل، يقضي على فرص الكثيرين ولا يراعي الأولوية والأهمية».
هبة أيضاً تطرح السؤال الذي يدور في عقول غالبية الغزيين: «هل فتح المعبر هذه المرة جاء امتصاصاً للغضب العارم الذي يسيطر على الشارع، أم هو خطوة جادة على طريق رفع الحصار؟». وأكدت أن مصر «وجدت نفسها في وضع حرج بعد مجزرة أسطول الحرية، فلجأت إلى فتح المعبر». وقالت وهي تبتسم «ليس السبب مهماً. مصائب قوم عند قوم فوائد»، متمنية على السلطات المصرية استمرار فتح المعبر كلياً. وأشارت إلى أن «إغلاق المعبر لفترات طويلة أساء إلى مصر أمام المواطن الفلسطيني الذي لا تعنيه الخلافات السياسية، بقدر ما يعنيه حقه في التنقل والسفر».
في هذا الوقت، أمل وكيل وزارة الخارجية في الحكومة المقالة التي تديرها «حماس»، أحمد يوسف، أن «يكون فتح معبر رفح بداية لعودة زخم العلاقة الاستراتيجية بين حماس ومصر، وألا يكون فتحه مجرد رد فعل على ما جرى من هجوم على أسطول الحرية». ورأى أن «مصر تصرفت بحكمة عندما فتحت معبر رفح، وراعت الضغط الموجود، فهي لا تريد حمل وزر ما جرى من جريمة حمقاء من دولة مارقة بحق المتضامنين». كما شكر يوسف الجهود المصرية لفتح المعبر، داعياً الى «فتحه بصورة دائمة وليس فقط كرد فعل»، واصفاً موقف مصر بأنه «ينمّ عن عزتها وقدرها، على اعتبار أن مصر لا يمكن أن تكون شريكاً وطرفاً في الحصار على غزة». وأعرب عن أمله في أن «تكون المجزرة بحق أسطول الحرية سبباً في عودة مصر للتوفيق بين المتخاصمين واستعادة الوحدة الوطنية والنسيج الداخلي، وتتصدر المشهد السياسي لاستعادة دورها في ملف المصالحة الوطنية».