يتوجه رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو، الاسبوع المقبل، الى موسكو للقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في زيارة وصفها الاعلام العبري بـ«الاستيضاحية والمستعجلة جداً»، للتباحث حول التدخل العسكري الروسي المباشر في سوريا، والتهديدات التي يتسبب فيها لإسرائيل.
وتأتي زيارة نتنياهو بعد أن أعربت مصادر عسكرية إسرائيلية رفيعة، في أكثر من مناسبة في الاسبوعين الماضيين، عن خشيتها من التدخل العسكري الروسي في سوريا، وتأكيدها أن بإمكانه على الاقل أن يحدّ من قدرة المناورة لدى سلاح الجو الاسرائيلي في المحافظة على مصالح تل أبيب في الساحتين اللبنانية والسورية، وتحديداً في ما يتعلق بقدرة المناورة لديه على فرض «الخطوط الحمراء» التي أعلنها تجاه الساحتين، بما يشمل نقل سلاح كاسر للتوازن الى حزب الله في لبنان.
وتأتي زيارة نتنياهو أيضاً في ظل خيبة أمل إسرائيلية من ردّ الفعل الاميركي على «الخطوة الدراماتيكية» لروسيا في سوريا، التي من شأنها بحسب مصادر أمنية رفيعة في تل أبيب تغيير موازين القوى في الشرق الاوسط، خاصة أن التصريحات الصادرة عن الادارة في واشنطن لا تشمل فقط الاعلان عن القلق من دون أفعال، بل أيضاً تلمح الى إمكان تفهم الدوافع الروسية وراء خطواتها في سوريا، وهو ما صدر أخيراً على لسان الناطق باسم الرئيس الاميركي، دوش ارنست، الذي فاجأ الاعلاميين بقوله إنه ليس كل ما يقوم به بوتين في الحرب السورية يعارض المصالح الاميركية.
وصدر أمس عن رئاسة الحكومة الاسرائيلية بيان حول الزيارة، أكدت فيه أن الزيارة مخصصة لإجراء محادثات «حول نشر قوات روسية في سوريا». وبحسب البيان «سيعرض نتنياهو أمام مضيفه (بوتين) التهديدات الماثلة أمام إسرائيل نتيجة لتدفق كميات كبيرة من الاسلحة المتطورة الى الساحة السورية، ووصول أسلحة فتاكة إلى حزب الله، وإلى تنظيمات إرهابية أخرى».
إلا أن مصادر إسرائيلية رفيعة اوضحت ما لم يرد في بيان مكتب نتنياهو، وعبّرت أمام الاعلام العبري (القناة الثانية) عن حزمة كبيرة من الاسئلة، سيحرص نتنياهو على نقلها الى موسكو، من أن إسرائيل قلقة من أصل وحجم ومدى المساعدة العسكرية الروسية لسوريا، ومن التعاون الواضح حول الحرب السورية بين روسيا وإيران، مع إدراكها جيداً أن العلم الروسي رفع فوق الاراضي السورية، وهذه إشارة من موسكو للجميع، إلى أنها سترعى مصالحها في هذا البلد.
وأوضحت المصادر نفسها أن الهدف الاسرائيلي من زيارة نتنياهو هو الاستيضاح من أعلى المستويات في موسكو عن النيات الفعلية الكامنة وراء التدخل العسكري في سوريا، إضافة الى السؤال عن أنواع الاسلحة التي جرى ويجري إدخالها عبر المرافئ السورية، ومن بينها منظومات دفاع جوي متطورة للغاية، إضافة الى وسائل قتالية متنوعة وآليات ومركبات اتصالات متطورة... فـ«إسرائيل تريد أن تستوضح من الروس أن ما يدخل الى سوريا لن ينتقل الى حزب الله في لبنان، أو الى الجيش السوري».
زيارة نتنياهو المقررة فجأة الى موسكو، وسلّة الاسئلة والاستيضاحات التي يحملها الى أذن الرئيس الروسي، تعكسان منسوباً مرتفعاً جداً من القلق والخشية من الخطوة الروسية وتداعياتها السلبية على المصالح الحيوية تجاه الساحة السورية. من المؤكد أن بوتين سيصغي جيداً إلى أسئلة نتنياهو، لكن من غير المؤكد أن ينتقل الى مرحلة ما بعد الاصغاء. وما لم يُعط للولايات المتحدة الاميركية، لن يُعطى لحليفتها الصغرى، إسرائيل.