خاص بالموقع- تتزيّن مروة عبد الكريم بوشاح وردي أنيق لتؤدي باللغة العبرية أغنية «حب في أعماقي»، للمغنية سريت حداد، وسط تصفيق زملائها في جامعة بغداد في العراق. واحتفل طلاب قسم اللغة العبرية في جامعة بغداد، مطلع الشهر الحالي، بذكرى تأسيس القسم، وذلك للمرة الأولى منذ إنشائه عام 1971، فغنّوا وألقوا قصائد بالعبرية، عبّروا خلالها عن القلق على مستقبلهم بعد ضمانات فقدوها منذ سقوط نظام الرئيس العراقي الراحل، صدام حسين. وقالت مروة، كنت أتمنى أن أدرس اللغة الإنكليزية، لكنني لم أحصل على درجات جيدة في البكالوريا، ولم أجد نفسي إلّا في قسم اللغة العبرية، عندها أصيب والدي بخيبة أمل، لكنني تقبّلت الأمر الواقع، وها أنا أتحدث العبرية».
وقالت مروة مبتسمةً «أصدقائي يسخرون مني عندما أقول لهم إني أدرس اللغة العبرية»، وأضافت «ولكن بعد تخرّجي سأكمل دراستي في عمان لأصبح مدرسة في جامعة بغداد».
بدوره، قال الطالب في المرحلة الثالثة، أحمد سعدون، «عندما أكمل دراستي، سأبحث عن عمل في كل المجالات، جهاز الاستخبارات ووزارة الخارجية والصحف التي تبحث عن مترجمين».
وعلى غرار مروة، لم يختر أي من الطلاب الـ150 في قسم اللغة العبرية دراستها بناءً على رغبته، لأن الطلاب المتفوّقين يُقبَلون في أقسام اللغة الإنكليزية والفرنسية والألمانية أو الإسبانية، فيما لا يجد الطلاب الحائزون درجات ضعيفة فرصة لتعلّم غير اللغة الفارسية أو العبرية أو الكردية.
وإبان نظام صدام حسين، كان طلاب قسم اللغة العبرية يحصلون على دعم من جهاز الاستخبارات، لكنّ هذا الأمر انتهى بعد تراجع هاجس التجسس الإسرائيلي لمصلحة القلق الناتج من الأعمال الإرهابية التي تضرب العراق.
وقالت مديرة قسم اللغة العبرية في جامعة بغداد، سعاد كريم، «سابقاً، كان عدد كبير من المدرسين وجميع الطلاب يعملون لمصلحة دائرة الأمن الوطني، لكنّ الأمور تغيّرت الآن وأصبحنا نعمل بحرية، لكنّ فرص (العمل) أصبحت ضئيلة».
وخلال مسرحية هزلية عرضت لمناسبة الاحتفال، يقول أحمد رداً على زميله الذي يسأله عن فائدة دراسة اللغة العبرية، «لا شيء، ولكن على الأقل سنقابل فتيات جميلات على مدى سنوات الدراسة الأربع».
ويتعلم الطلاب في قسم اللغة العبرية اللغة والنحو والأدب والأغاني والتوراة، من دون أن يلتقي أحد منهم أيّ يهودي بعدما غادر السواد الأعظم منهم البلاد بعيد قيام دولة إسرائيل عام 1948.
ففي عام 1951، غادر 120 ألف يهودي، أي ما يعادل 96 في المئة منهم، العراق إلى الدولة العبرية، ومن بقي منهم رحل بعد الاجتياح الأميركي للبلاد عام 2003.
وتشجيعاً لطلاب القسم على التحصيل، وصف عميد كلية اللغات في جامعة بغداد طالب القريشي تعلّم هذه اللغة بأنه «امتياز كبير».
وقال القريشي متحدثاً إلى طلابه «كثيرون منكم يرون أن دراسة العبرية مضيعة للوقت، ولكن اعلموا أن من يشغلون مناصب مهمة في عموم العالم هم من يتحدثون هذه اللغة، وسيجد المتميّزون منكم فرصاً للعمل».
ويتولى ثلاثون مدرساً من مسلمين ومسيحيين التدريس في هذا القسم الذي تعاني مكتبته من حال مزرية بسبب عدم تجديدها.
ووفقاً للقريشي، يمنع الاتصال المباشر مع إسرائيل للحصول على كتب، ولا بد من المرور عبر وسيط للحصول عليها، لكنّ هذه العملية باهظة الكلفة.
ويأمل القريشي إنشاء «متحف للثقافة اليهودية في العراق»، مشدداً على «ضرورة استعادة آلاف الكتب العبرية التي عثرت عليها القوات الأميركية بعد اجتياح العراق عام 2003 في مخابئ جهاز استخبارات نظام صدام حسين».
(أ ف ب)