الاحتلال يتوعّد المتضامنين بالاعتقال
غزة ــ قيس صفدي
تبدو قوات الاحتلال الإسرائيلي مصرّة على اعتراض طريق «أسطول الحرية»، في مقابل إصرار المتضامنين على استكمال مهمتهم بالوصول إلى غزة المحاصرة منذ أربعة أعوام. ويبدي جيش الاحتلال خشية كبيرة من محاولة المتضامنين على متن السفن مواجهة جنوده الذين سيسيطرون عليها قبل وصولها إلى شواطئ غزة، الأمر الذي سيسبّب حرجاً دولياً لإسرائيل لوجود عشرات الجنسيات بين المتضامنين والدبلوماسيين.
الحل العسكري الذي حدّده الاحتلال للتعامل مع الأسطول يقترن بتحريض ومزاعم عكستها تصريحات أركان الحكومة الإسرائيلية ضد الجهات المنظمة وغزة. وقال رئيس مكتب التنسيق والارتباط في معبر بيت حانون «إيرز»، شمال قطاع غزة، موشي لوي، إن تسيير الأسطول «مجرد خطوة استفزازية». ورأى أن القطاع «ليس في حاجة إلى معونات إنسانية أو تبرّعات من شعوب العالم، لأن الحصار المفروض ليس على المواد التموينية والغذاء».
وادّعى لوي أن إسرائيل «تسمح بإدخال المواد التجارية والتموينية والغذاء باستمرار إلى غزة»، وتمنع فقط «دخول المواد التي قد تدخل في صناعة الأسلحة والقنابل والصواريخ». مزاعم يدحضها الواقع المعيشي المتردّي لنحو مليون ونصف مليون فلسطيني في القطاع، محرومين من آلاف أصناف السلع والبضائع والأدوية.
خطة المواجهة التي أعدّتها قوات الاحتلال لمواجهة سفن التضامن السلمية تندرج في سياق «عملية عسكرية مركبة»، ستنفذها قوات كبيرة من جنود البحرية، يشرف عليها مباشرة وزير الدفاع إيهود باراك، وقائد سلاح البحرية اليعيزر مروم.
وتقول صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية إن إسرائيل «لجأت إلى الحل العسكري بعد فشل الجهود التفاوضية مع الجهات المنظمة للقافلة البحرية، ورفضها عرضاً إسرائيلياً بنقل المساعدات إلى غزة بإشراف إسرائيلي».
تفاصيل العملية العسكرية الإسرائيلية، بحسب «يديعوت أحرونوت»، تتلخص في «اعتراض سلاح البحرية للسفن في المياه الإقليمية قبالة شواطئ غزة، وجرّها بعد السيطرة عليها إلى ميناء أسدود، حيث خُصّص مكان لإيقاف المتضامنين الأجانب والفلسطينيين واعتقالهم». وأضافت أن إسرائيل فشلت في إقناع تركيا بمنع «أسطول الحرية» من الإبحار إلى شواطئ غزة. وكشف موقع «ديبكا» الاستخباري الإسرائيلي، نقلاً عن مصادر استخبارية، أن تركيا «أرسلت رسالة سرية إلى الحكومة الإسرائيلية، هدّدتها بردود فعل انتقامية، إذا ما أقدمت على منع أسطول الحرية من الوصول إلى غزة». ولم ترد تل أبيب على رسائل «التهديد»، لكنها توعدت بأنها ستمنع وصول الأسطول إلى ميناء غزة. إلا أن وسائل الإعلام الإسرائيلية أشارت إلى أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو دعا الهيئة الوزارية المكلّفة باتخاذ القرارات الحساسة إلى الانعقاد لمناقشة كيفية مواجهة «أسطول الحرية»، في ظل الخشية من انعكاس أي قرار على العلاقات الإسرائيلية التركية.
ويضمّ «أسطول الحرية» تسع سفن أوروبية وعربية، بينها سفينتان تركيتان، ويقل نحو 750 متضامناً من أكثر من 60 دولة، بينهم 44 شخصية رسمية وبرلمانية وسياسية، وممثلون عن فلسطينيي الـ48، أبرزهم رئيس الحركة الإسلامية في الداخل الفلسطيني الشيخ رائد صلاح، ورئيس لجنة المتابعة العليا محمد زيدان، وعضو الكنيست عن «التجمع الوطني الديموقراطي» حنين زعبي.

تركيا هدّدت إسرائيل بردود فعل انتقامية إذا منعت «أسطول الحرية» من الوصول
وتحمل سفن الأسطول أكثر من 10 آلاف طن من المساعدات الطبية ومواد البناء والأخشاب، و100 منزل جاهز لمساعدة آلاف السكان الذين فقدوا منازلهم في الحرب الإسرائيلية على غزة مطلع العام الماضي، إضافة إلى 500 عربة كهربائية للمعاقين، علماً بأن الحرب خلّفت نحو 600 إعاقة. تصاعد حدة التهديدات الإسرائيلية باعتراض «أسطول الحرية» لم يؤثر في حماسة المتضامنين والجهات المنظمة للأسطول، الذين يصرّون على استكمال مهمتهم.
وأعلنت «الحملة الأوروبية لرفع الحصار عن غزة»، إحدى الجهات المؤسسة لائتلاف المنظمات المسيّرة لـ«أسطول الحرية»، أن موعد الانطلاق الجماعي للسفن تقرّر اليوم، ويتوقع وصولها إلى غزة بعد غدٍ السبت. وأكدت إرادة جميع المتضامنين المشاركين في الأسطول، «آخذين في الحسبان جميع الاحتمالات التي قد يُقدم عليها الجانب الإسرائيلي».
وقال صلاح إن «أسطول الحرية يمثّل إجماعاً عالمياً على ضرورة كسر الحصار على قطاع غزة»، مؤكداً أنه «سيتجاوز الضغوط الإسرائيلية. فهو يمثّل إجماعاً عالمياً وصوتاً أقوى من صوت الاحتلال الإسرائيلي، وهذا يؤكد أننا سنصل إلى بر الأمان في غزة وسنؤدي رسالتنا».
وشدد صلاح على أن «جميع المشاركين في الأسطول يأخذون في الاعتبار أنهم قد يبقون في البحر لأيام أو أسابيع. ولا أذيع سراً أنّ هناك فرناً معدّاً في إحدى السفن من أجل إعداد الخبز إذا طالت الأيام، كما أن هناك جهازاً لتحلية مياه البحر، لاستعمالها للشرب».


غزّة توسّع ميناءها وقال برهوم إن «التهديدات الصهيونية لأسطول الحرية، ومنعه من الوصول إلى قطاع غزة المحاصر، تأتي لقمع كل حالات التضامن مع غزة». وطالب «بتوفير حماية دولية ومساندة مؤسساتية وظهير شعبي لأسطول الحرية على مستوى العالم، حتى يصل إلى غزة ويكسر الحصار عليها»، مشيداً بشجاعة المتضامنين وإصرارهم على كسر الحصار، وداعياً إياهم إلى «ألّا يأبهوا لهذه التهديدات، التي يجب أن تكون حافزاً لتحقيق أهدافهم، وألا تثنيهم هذه العربدة الصهيونية».
ويعمل عشرات العمال على مدار الساعة في غزة لتهيئة ميناء «مرفأ الصيادين» الصغير من أجل استقبال «أسطول الحرية». وقال وكيل وزارة الأشغال المساعد في الحكومة المقالة، ياسر الشنطي، إن «العمل مستمر من أجل تهيئة الميناء وترتيب أوضاعه، ليصبح جاهزاً لاستقبال سفن التضامن الضخمة، التي تفوق قدرة الميناء الحالية، لكونه مخصصاً لسفن ومراكب صيد صغيرة».
وأكد الشنطي أن ضعف الإمكانيات بسبب الحصار «يحول دون تطوير الميناء وتهيئته لاستيعاب سفن شحن ضخمة»، مشيراً إلى أن الخيار المتوافر هو أن «ترسو السفن الضخمة على مسافة عميقة داخل البحر، على أن تُنقل المساعدات بواسطة عوّامات صُنّعت خصوصاً لهذا الغرض».