هآرتس/ بقلم: ألوف بن خاص بالموقع- أقرب الناس الى رئيس الحكومة من بين جميع زعماء العالم هو رئيس مصر. التقى الاثنان أربع مرات منذ أن عاد نتنياهو الى الحكم، ومبارك، خلافاً لباراك أوباماً مثلاً، لم يتردد في مصافحة نتنياهو علناً. يقول مصدر اسرائيلي رفيع المستوى، «العلاقة أوثق كثيراً مما يبدو»، ويصدق دبلوماسيون أميركيون قوله. يقول مبارك للناس ،بحسب قول موظف رفيع المستوى في إدارة أوباما، «إنه على ثقة بأن نتنياهو سيفعل الشيء الصحيح (في مسيرة السلام)».

تنبع الصداقة الرائعة من الخوف المشترك من إيران. فنتنياهو يخاف البرنامج النووي الإيراني، ومبارك يخاف الدسائس التي توجهها طهران. وتعمل اسرائيل ومصر معاً في فرض حصار على قطاع غزة، لإضعاف حكم حماس هناك وإحباط تهريب السلاح الى القطاع.

ليس هذا التعاون مفهوماً من تلقاء نفسه، فقد كانت لمبارك علاقات سيئة برؤساء حكومات الليكود في الماضي، من مناحيم بيغن الى اريئيل شارون. ويتولى العمل في حكومة نتنياهو وزراء كبار هاجموا مصر في الماضي بشدة. شتم وزير الخارجية افيغدور ليبرمان مبارك، وحذر وزير الخزانة العامة يوفال شتاينتس من «التهديد المصري». وهما يصمتان الآن. إن الحكومة العدوانية التي شاجرت تركيا بسبب مسلسل تلفاز وشاجرت السويد بسبب تقرير إخباري في صحيفة، تتوقى المسّ بكرامة مصر وتغض عن الإعلام المصري المعادي، بل عن المعركة الدبلوماسية التي تجريها القاهرة في مواجهة المفاعل الذري في ديمونا.

تتخلى اسرائيل عن ورقة لعب دعائية ذات قيمة ثمينة، ولا تلقي على مصر بالمسؤولية عن الوضع الفظيع في غزة. نتنياهو مستعد لتحمل الانتقاد الدولي على «الحصار» ولا يردّ بأن لغزة حدوداً مع مصر، وتستطيع هذه أن تهتمّ بالفلسطينيين. إنه يعلم أن دعاوى كهذه ستثير الغضب في القاهرة، ويفضل أن تبدو اسرائيل سيئة في العالم، والأساس عدم إغضاب مبارك.

وُقّع اتفاق السلام الإسرائيلي ـ المصري بعد عدة أسابيع من سقوط الشاه، وحلت مصر محل إيران منذ ذلك الحين حليفة إقليمية ومزودة إسرائيل بالطاقة. وهي تمنح اسرائيل الدعامة الاستراتيجية وتضمن لها استقراراً أمنياً. السلام مع مصر أتاح مضاءلة موازنة الأمن، وتقليص القوة النظاميةالكبيرة الباهظة الكلفة في جنوب إسرائيل. وقد ثبت هذا السلام لامتحانات حروب وانتفاضات في جبهات أخرى.

مبارك مسؤول عن هذا الاستقرار، وهو الذي حكم بلده أكثر من أي حاكم آخر منذ محمد علي، مؤسس الأسرة الخديوية في القرن التاسع عشر. لكن ليس واضحاً في سن الثانية والثمانين كم بقي له من الوقت في عمله، ومن سيحكم مصر بعده. لو تركوا لزعماء اسرائيل اختيار أمنية واحدة لطلبوا إطالة عمر مبارك الى الأبد. «أن يبقى معنا فقط»، يقول المصدر الإسرائيلي الرفيع المستوى.

إن بحث مسألة الوراثة المصرية أمر محظور في اسرائيل. لكنه لا يحتاج الى خيال خصب لندرك أنه بعد نحوٍ من أربعين سنة هدوء على الحدود الجنوبية، يخاف الإسرائيليون «السيناريو الإيراني»: أي تولّي حكم إسلامي لأكبر دولة عربية، تقع وراء الحدود ومسلحة بسلاح أميركي متقدم. يبدو التهديد الإيراني مثل نكتة ساذجة قياساً بمصر معادية يحكمها الإخوان المسلمون.

نشر آدم شيتس، وهو صحافي ومنتقد شديد لإسرائيل، هذا الشهر في «لندن ريفيو أوف بوكس» تقريراً صحافياً شبّه الواقع السياسي في مصر بأواخر حكم الشاه. يخالفه في ذلك باحثون اسرائيليون. فهم يرون أن أجهزة الاستخبارات والأمن تتمتع بقبضة قوية على مصر، وستقرر مع الجيش المصري ـ الذي يبتعد اليوم عن السياسة ـ من سيكون الحاكم المقبل في القاهرة. لا أحد مستعد للمقامرة. أيكون الابن جمال مبارك، أم رئيس الاستخبارات عمر سليمان، أم جنرالاً مجهولاً؟

بحسب جميع الدلائل، لن يكرر أوباما خطأ جيمي كارتر الذي شجع سقوط الشاه من أجل حقوق الإنسان. فأوباما يدرك أن مصر هي أهم دعامة للغرب في مواجهة علوّ إيران، ويعمل على تعزيز نظام الحكم الحالي بدل الحلم بالديموقراطية. يجب أن يؤمل نتنياهو أن يتمسك أوباما بهذه السياسة. وفي هذه الأثناء، يجب عليه تمنّي أن يحظى صديقه الرئيس بطول عمر.