غزة ـ قيس صفديخاص بالموقع - ساعات قليلة تفصل «أسطول الحرية» عن المواجهة الحاسمة مع قوات الاحتلال الإسرائيلي، التي قررت رسمياً اعتراض السفن ومنعها من الوصول إلى مبتغاها بالرسو على شواطئ قطاع غزة المحاصر من أربعة أعوام.
وقررت الحكومة الإسرائيلية المصغرة في جلسة طارئة بعد الاستماع إلى مسؤولين عسكرييين في الجيش وسلاح البحرية عدم السماح لـ «أسطول الحرية» المحمّل بالمواد الانسانية ومتضامنين دوليين وعرب وفلسطينيين بالرسو في ميناء غزة.
وقرر الوزراء الاسرائيليون، حسب ما أوردته صحيفة «هآرتس»، أن يتم توجيه سفن «أسطول الحرية» نحو ميناء اسدود بالقوة اذا تطلّب الامر، على أن يتم تفريغ المساعدات وتفتيشها ونقلها بعد ذلك إلى غزة تحت إشراف الأمم المتحدة.
وقال متحدث بلسان جيش الاحتلال لـ «الاذاعة الاسرائيلية» إنه سيقوم بالتوجه اكثر من مرة الى هذه السفن والطلب منها ان تعود أدراجها وفي حال واصلت ابحارها وهو ما سيحدث على الارجح سيقوم باعتراضها والسيطرة عليها.
وهدد المتحدث العسكري «باعتقال من على متن هذه السفن واقتيادهم الى ميناء اسدود حيث سيسلم أمرهم الى وزارة الداخلية والاجهزة الامنية ليتم لاحقا ترحيلهم الى دولهم التي قدموا منها».
هذه التهديدات المتنامية من جانب الاحتلال لم تفلح في ثني مئات المتضامنين ومن بينهم نواب وسياسيين ونشطاء حقوق انسان واعلاميين عن مواصلة رحلة لا تخلو من المخاطر، لتحقيق أهدافهم الانسانية لمساعدة الغزيين وكسر الحصار.
وقال رئيس اللجنة الشعبية لمواجهة الحصار النائب جمال الخضري إن السفن الثماني المشاركة في «اسطول الحرية» انطلقت اليوم الخميس نحو غزة حيث من المتوقع وصولها السبت المقبل.
وأكد أن نحو 750 متضامناً من 40 دولة على متن الأسطول هم متمسكون بحقهم في الوصول الى غزة المحاصرة غير آبهين بالتهديدات الاسرائيلية لردعهم عن تحقيق هدفهم الانساني والأخلاقي بالوصول إلى غزة المحاصرة والمدمرة بفعل الحصار والحرب.
وشدد الخضري على أن «خيار المتضامنين الوحيد هو الوصول إلى شواطئ غزة حتى لو اضطروا للمكوث في عرض البحر أطول فترة ممكنة في حال اعترضتهم البحرية الإسرائيلية» بهدف تفعيل التغطية الإعلامية والضغط على الاحتلال للسماح لهم بالوصول إلى شواطئ غزة، متوقعا «وصول سفن تضامنية أخرى ومساعدتهم في عرض البحر».
وقال إن «السفن التضامنية تتحرك بشكل شرعي ووفق قانون الملاحة البحرية ولا يوجد اي جهة دولية تعترض عليها سوى اسرائيل»، معتبراً تهديدات الاحتلال باعتراض السفن «ليس تعبيرا عن القوة بل ضعف، لأنها ومن عليها هم من المدنيين الذين لا يحملون اي عتاد عسكري ولا يحملون سوى مساعدات اغاثة».
واعتبر رئيس اللجنة الحكومية لكسر الحصار في غزة أحمد يوسف أن نجاح أسطول الحرية في الوصول إلى غزة هو «بداية نهاية الحصار الإسرائيلي».
وأكد أن انطلاق السفن من عواصم عدة وتحديها التهديدات الإسرائيلية يشكل «تعبيراً واضحاً وصريحاً على أن المجتمع الدولي قد ضجر من تجاوزات إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني».
وأوضح يوسف أن «اللجنة الحكومية لكسر الحصار» تعمل بالتنسيق مع «اللجنة الشعبية لفك الحصار» على ترتيب فعالية استقبالية للمتضامنين على متن أسطول الحرية من خلال تسيير 100 قارب فلسطيني على متنها شخصيات سياسية وحشد من الإعلاميين.
ووصفت حركة «حماس» إن قرار الاحتلال باعتراض «اسطول الحرية» هو «قرصنة ومخالفة للقانون الدولي».
وقال القيادي في «حماس» اسماعيل رضوان إن «تهديد الاحتلال لاسطول الحرية ومنعه من دخول قطاع غزة المحاصر قرصنة صهيونية ومخالفة للقانون الدولي وتبجح يدلل على العقلية الارهابية الصهيونية».
وأضاف ان «الاحتلال يشعر بالقلق من هذه السفن لانها تعمل على كسر الحصار المفروض على القطاع ولانها تعطى الشرعية للتعاطي مع الحكومة الفلسطينية وتؤكد ان كل محاولات عزل حماس باءت بالفشلوأكد الناشط السياسي ايرلنج فولكفورد أحد قادة حزب «ريد» النرويجي «حق المتضامنين الأجانب المشاركين في أسطول الحرية بمقاضاة الحكومة الإسرائيلية، في حال أقدمت على تنفيذ تهديداتها بالاستيلاء على سفن الأسطول واعتقال المتضامنين على متنها».
وقال فولكفورد، في تصريح صحفي وزعته «الحملة الاوروبية لرفع الحصار عن غزة» وهي واحدة من المنظمات المسيرة لأسطول الحرية: إن الأسطول «يُبحر في مياه إقليمية غير خاضعة للجانب الإسرائيلي، إضافة إلى أن مهمة المتضامنين على متن الأسطول هي إنسانية بالدرجة الأولى، وتهدف إلى تقديم المساعدات لمليون ونصف المليون فلسطيني محاصرين للسنة الرابعة، وعليه فإن أي محاولة لاعتراض الأسطول سيفتح الباب أمام مقاضاة إسرائيل في المحاكم الأوروبية».
وأضاف فولكفورد، المشارك في الأسطول على متن «القارب 8000»، «على إسرائيل أن تتعامل بطريقة مقبولة، وأن تسمح لأسطول الحرية، المحمّل بأكثر من عشرة آلاف طن من المساعدات الإنسانية الضرورية، بالمرور والوصول إلى هدفه، خاصة وأن المساعدات ستسلم لهيئات الإغاثة الدولية».
وشدد عل أنه «ليس بوسع أصحاب الضمائر أن يقفوا مكتوفي الأيدي إزاء الحصار الخانق المفروض على قطاع غزة، والآن هو أوان التحرّكات العاجلة في كل اتجاه لإنهاء الحصار، وانطلاق أسطول الحرية جزء من هذا التحرك».
ويتكون «أسطول الحرية» من ثماني سفن هي: سفينة شحن بتمويل كويتي ترفع علم تركيا والكويت، وسفينة شحن بتمويل جزائري، وسفينة شحن بتمويل أوروبي من السويد واليونان، وسفينة شحن إيرلندية تابعة لحركة «غزة الحرة»، وأربع سفن لنقل الركاب، من بينها «القارب 8000» نسبة لعدد الأسرى في سجون الاحتلال، وأكبرها سفينة الركاب التركية.
ويقلّ الأسطول 750 متضامن من أكثر من 40 دولة، بينهم أكثر من 40 شخصية رسمية وبرلمانية وسياسية أوروبية وتركية وعربية.
وتحمل سفن الأسطول أكثر من 10 آلاف طن مساعدات طبية ومواد بناء وأخشاب، و100 منزل جاهز لمساعدة المشردين الذين فقدوا منازلهم في الحرب الإسرائيلية على غزة قبل حوالي 16 شهراً، إضافة إلى 500 عربة كهربائية لاستخدام المعاقين حركياً، إذ خلفت الحرب حوالي 600 معاقاً.
واتهمت وزارة الخارجية في سلطة رام الله اسرائيل بنشر إحصائيات «مشوهة» في شأن دخول المواد الإنسانية إلى قطاع غزة المحاصر، وذلك رداً على ادعاءات إسرائيلية بأنها تزود غزة بما تحتاجه من مواد انسانية ولا تمنع سوى المواد التي تستخدمها «حماس» في صناعة القذائف الصاروخية.
وقالت وزارة الخارجية في بيان صحفي إن الحكومة الإسرائيلية تستخدم «أرقاما وإحصاءات مشوهة وغير دقيقة» بشأن عمل معابر القطاع ودخول الإمدادات الإنسانية إليه خاصة قبيل وصول «أسطول الحرية».
وحذرت من «أن تكون النتائج والعواقب وخيمة وغير متوقعة إذا ما استمرت إسرائيل بتصميمها على إبقاء قطاع غزة تحت حصار دائم وبالتزامن مع تدهور الأوضاع الإنسانية والمعيشية فيه يوما بعد يوم».
وأكدت الوزارة أنه «مع استمرار إسرائيل في سياساتها التي ترمي لخنق الحياة الطبيعية في غزة باعتبار القطاع أرض فلسطينية محتلة يقبع تحت حصار إسرائيلي جائر وأن قرار إسرائيل أحادي الجانب بفك الارتباط عن قطاع غزة عام 2005 لا يعني انتهاء الاحتلال الإسرائيلي لقطاع غزة».
ودعت الخارجية الفلسطينية المجتمع الدولي الى أن يتحمل مسؤولياته، ويساعد قطاع غزة في العيش حياة طبيعية وإلى العمل على رفع الحصار الجائر عن القطاع.
ورفضت الحملة الفلسطينية الدولية لفك الحصار بشبكة المنظمات الاهلية الادعاءات الاسرائيلية بتحسن الاوضاع الانسانية في غزة، مؤكدة ان الاحتلال لا يزال يمنع معظم المواد الخام والاستهلاكية ومواد البناء والاجهزة وغيرها من دخول غزة.
وطالبت الحملة «المجتمع الدولي بالتحرك الجاد من اجل حماية (سفن أسطول الحرية) التي تقوم بمهمة انسانية تضامنية من اية محاولة اسرائيلية للقرصنه والاعتداء عليها وتمكينها من الوصول الى قطاع غزة بسلام».