القاهرة ــ الأخبارلم يكن النظام المصري قد حسم، حتى ظهر أمس، وقبل ساعات من وصول «أسطول الحرية» إلى الموانئ المصرية، طريقة تعاطيه مع الناشطين العرب والدوليين الراغبين في عبور المياه الإقليمية، للوصول إلى موانئ فلسطين المحتلة.
وكشفت مصادر مصرية لـ«الأخبار» أنّ مشاورات على أكثر من مستوى دارت حول كيفية التعامل مع الأسطول، وخصوصاً في ضوء الأزمة التي سببت منع مرور قافلة «شريان الحياة ٣»، قبل فترة. وكان المسؤولون المصريون يتابعون ردود الفعل في الدولة العبرية تجاه الأسطول، مع ترجيح أن تخلص مشاوراتهم إلى عرقلة مرور الأسطول على قاعدة أنه «لم يجرِ التنسيق المسبق مع القاهرة غير الملزمة إلا بما تتفق عليه». موقف يُتوقَّع أن يكون نسخة طبق الأصل عن الموقف المصري الرسمي الذي اتّخذ في قضية «شريان الحياة».
وتتوافق تصوّرات المصدر المصري الذي تحدث لـ«الأخبار»، مع تصريحات قالها المتحدث باسم وزارة الخارجية السفير حسام زكي، في وقت سابق من الأسبوع الماضي، قال فيها إن مصر لم تتلقَّ إخطاراً رسمياً من منظمي «أسطول الحرية» برغبتهم في الدخول إلى قطاع غزة عبر مرفأ العريش.
بذلك، تميل المصادر المصرية إلى اعتبار أنّ القرار المصري بشأن «أسطول الحرية» سيكون منع العبور من المياه الإقليمية المصرية في حال استمرار إسرائيل في موقفها المعادي لوصول السفن إلى ميناء غزة.
إلا أن هذا لا يلغي ما أشارت إليه مصادر متابعة للملف، ومفاده أنّ «تردد» القرار المصري سيعطي فرصة للمشاورات حتى اللحظة الأخيرة، اعتماداً على إمكان الوصول إلى حل وسط لا يحرج السلطات المصرية مع إسرائيل من جهة، ولا يثير ردود فعل غاضبة كما حدث مع «الشريان ٣»، من ناحية أخرى.
وفي إطار إظهار «حسن النية المصرية»، وتأكيداً للموقف المعلَن «غير المضاد» لكسر الحصار، حرصت السلطات في القاهرة على فتح ميناء رفح البري بصفة استثنائية، أول من أمس، من دون أن تعود وتغلقه، لعودة المرحَّلين الفلسطينيين الآتين من مختلف الدول العربية والأجنبية عبر الموانئ والمطارات المصرية، ممّن لا يحملون إقامات أو تأشيرات دخول إلى مصر، إلى جانب بعض العالقين والحالات الإنسانية.
يُذكر أنّ ميناء رفح البري يُفتح مرتين أسبوعياً، حيث يُخَصَّص يوم الأربعاء من كل أسبوع لعودة المرضى ومرافقيهم بعد انتهاء فترة العلاج في المستشفيات المصرية. أما يوم الخميس، فهو مخصص لعودة المرحَّلين الآتين من مختلف الدول العربية والأجنبية، ممن لا يحملون تأشيرات إقامة أو دخول لمصر، فضلاً عن بعض الحالات الإنسانية الأخرى.
وعن الموقف الحكومي من القافلة، قال زكي: «نرحب بأي قوافل إغاثة بحرية أو برية ترغب في الدخول إلى قطاع غزة عبر مصر، لكن وفقاً للآلية التي حددتها سلطاتنا في السابق لدخول مثل هذه القوافل إلى القطاع، والتي أُعلنت بالتفصيل في السابق».
وتشارك جماعة «الإخوان المسلمين» المصرية في الأسطول، وهو ما يبدو أنه سرّ الموقف المصري إن كان معادياً للموكب البحري. وكانت السلطات المصرية قد توقّفت ملياً عند تصريحات محافظ شمال سيناء محمد مراد موافي، الذي رحب فيها بأسطول الحرية، في حال رفض السلطات الإسرائيلية السماح له بالمرور إلى شواطئ غزة. إلا أنّ المحافظ عاد ونفى ترحيبه أو منعه دخول هذا الأسطول إلى القطاع عبر ميناء العريش، بما أن الموقف من هذه القضية «قرار سياسي للدولة، وليس من سلطة محافظ الإقليم»، لافتاً إلى أنه مجرد جهة تنفيذية بالنسبة إلى ما يطلب منه، أكان السماح بدخول الأسطول، أم منعه من ذلك.
وقال موافي لفضائية «الجزيرة» التي ترافق الأسطول، إن «هذه التصريحات التي نُقلت عني غير صحيحة على الإطلاق، ولم أعلن ترحيبي ولا منعي لدخول هذا الأسطول إلى قطاع غزة عبر ميناء العريش».
أما عضو الكتلة البرلمانية لجماعة «الإخوان المسلمين»، الدكتور محمد البلتاجي، المشارك في القافلة، فقد سخر من التهديدات الإسرائيلية، مفضلاً عدم التعليق على الموقف الرسمي المتردد لبلاده. ورأى البلتاجي أنّ «القافلة حققت رسالتها، حتى ولو نجحت إسرائيل في إيقافها».