خاص بالموقع- حين كان يافعاً، اعتاد يعقوب دهدال مشهد تجمع مسيحيي الشرق الأوسط في المدينة المقدسة في عيد القيامة. يستذكر دهدال، الذي يبلغ اليوم 72 عاماً، وهو من كبار أفراد الطائفة المسيحية الفلسطينية في القدس المحتلة، هذا العيد في الماضي. يقول «كان عيداً بكل ما تعنيه الكلمة. المصريون يأتون بالقطار واللبنانيون والسوريون بالحافلات»، مضيفاً «تصوّر عندما كنت تذهب إلى وسط المدينة، فتسمع جميع اللهجات المختلفة، اللبنانية والأردنية والمصرية والسورية، أو خليطاً منها. كانت فرحة حقيقية». أما اليوم، فيُحكى عن «أجواء مختلفة تماماً لعيد القيامة في مدينة كثيراً ما يكون التوتر فيها أكثر وضوحاً من الجوانب الروحية».
يقع البيت الذي وُلد فيه دهدال في الحي الإسلامي في البلدة القديمة، على مسافة قريبة من «طريق الآلام»، الذي بات مزيّناً بأعلام إسرائيلية، ويقيم فيه مستوطنون انتقلوا إلى هناك منذ أن احتلت إسرائيل القدس الشرقية في حرب عام 1967.

ومنذ تلك الحرب، نضب تدفق الزوار من الدول العربية المجاورة. فسوريا ولبنان في حالة حرب رسمية مع إسرائيل. والقليل من المصريين والأردنيين يقدمون على الرحلة رغم أن حكومتي الدولتين أبرمتا اتفاقية للسلام مع إسرائيل. فيما لا يزال الزوار المسيحيون يتدفقون على المدينة في عيد القيامة من ألمانيا والبيرو وروسيا، سياحاً غير عابئين إلى حدّ كبير بالقيود التي تفرضها إسرائيل، بغض النظر عن حقيقة أن الشرطة منتشرة في أرجاء المدينة.

في المقابل، تراجع عدد الزوار الفلسطينيين كثيراً. ويحذّر المسيحيون المحليون من أنّ العادات التي يرجع عمرها إلى قرون، مهدّدة بالزوال؛ فإجراءات الأمن الإسرائيلية عرقلت وصولهم إلى القدس وأماكنها المقدسة، وفي مقدّمها كنيسة القيامة التي تحظى بمنزلة خاصة باعتبارها المكان الذي شهد صلب المسيح وقيامته.

وقال متحدث باسم الشرطة الإسرائيلية إن الآلاف يأتون كل عام إلى المدينة من دون أي عوائق. وأضاف «هناك عدد أكبر من المتوقع هذا العام. وفي الوقت نفسه، تطبّق الشرطة الإسرائيلية إجراءات الأمن المعتادة التي تطبق في هذا الوقت من العام».

أما الفلسطينيون الذين يعيشون في الضفة الغربية وبيت لحم وقطاع غزة، فيحتاجون إلى تصريح خاص لدخول القدس. وتؤكد سلطات الاحتلال أنها أصدرت عشرة آلاف تصريح لسكان الضفة الغربية هذا العام، كبادرة حسن نية لمناسبة عيد القيامة. وأصدرت 500 تصريح لمسيحيين من قطاع غزة، الذين يُقدَّر عددهم بعدة آلاف.

هذا العام، قرر يعقوب دهدال ألا يسعى للوصول إلى كنيسة القيامة أثناء العيد، بعدما منعته قوات الأمن من الوصول إلى الكنيسة في العام الماضي، رغم حصوله على تصريح إسرائيلي، موضحاً «لست مستعداً لأن أدخل في سنّي في مواجهة مع الجنود الإسرائيليين».

(رويترز)