لم تمضِ ساعات على التسريب الأميركي بشأن خطّة سلام محتملة للرئيس باراك أوباما، حتى قابلتها إسرائيل بتسريب مضادّ، يرفض أيّ فرض للتسوية
علي حيدر
كما هو متوقّع، لم ينتظر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو طويلاً حتى سرَّب موقفه مما قيل عن عزم الرئيس الأميركي باراك أوباما طرح خطة سلام في الخريف المقبل، وبالطريقة نفسها التي لجأت إليها إدارة البيت الأبيض.
ونقلت صحيفة «هآرتس» عن مصدر سياسي إسرائيلي قوله إن رئيس الوزراء يعارض التسوية التي ستحاول الولايات المتحدة فرضها على إسرائيل.
وفي محاولة لاحتواء الضغط الكامن وراء تسريب هذا الخبر، نقل المصدر عن نتنياهو قوله في أحاديث مغلقة «إذا حاولوا أن يفرضوا علينا اتفاقاً، فهذا لن ينجح ولن يكون مقبولاً».
وأضاف المصدر أن رئيس الوزراء شدّد في الحديث نفسه على أن المسألة الأساسية التي لم تعالج كما ينبغي في كل المحادثات منذ أوسلو وحتى اليوم هي «الترتيبات الأمنية والحاجة إلى منع دخول صواريخ ومقذوفات صاروخية إلى أراضي الضفة». ولهذه الغاية، يعتقد نتنياهو أنه «ينبغي أن يكون هناك وجود إسرائيلي على الحدود الشرقية للدولة الفلسطينية، أي في غور الأردن، وأن أي اتفاق لا يتضمّن ترتيبات أمنية كهذه لن يكون مقبولاً على إسرائيل».
الخطّة تشبه الصيغة التي قدّمها بيل كلينتون في أعقاب فشل كامب ديفيد
على خط موازٍ، أوضح مصدر سياسي آخر أنه يدور جدل في الإدارة الأميركية حول استمرار الطريق في المسيرة السياسية، بالقول إن المبعوث الخاص إلى الشرق الأوسط، جورج ميتشل، يحاول دفع مسيرة التسوية على مراحل، تحاول خلالها الولايات المتحدة الحصول من إسرائيل على موافقة بتجميد البناء في الضفة الغربية وفي شرق القدس، وبدء المفاوضات حول مسألة الحدود. إلا أن مستشار الرئيس الأميركي دنيس روس يرى أن هناك احتمالاً ضعيفاً لنجاح المحادثات بين إسرائيل والفلسطينيين، وأنه يجب التركيز على بناء مؤسسات السلطة الفلسطينية «من تحت إلى فوق»، وهو ما يدعو إليه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
إلى جانب هذين الموقفين، يقف معسكر مؤلف من مسؤولين رفيعي المستوى في البيت الأبيض ومقرّبين من أوباما يرون أنه ينبغي بلورة خطة سلام أميركية، تشبه الصيغة التي قدّمها الرئيس الأسبق بيل كلينتون في أعقاب فشل المحادثات في كامب ديفيد، عام 2000، التي وضعت إسرائيل تحفّظات عليها، فيما رفضها الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات.
وكانت صحيفة «واشنطن بوست» قد أفادت أول من أمس بأن عملية عصف أدمغة جرت في البيت الأبيض، بين عدد من مستشاري البيت الأبيض، في الرابع والعشرين من شهر آذار الماضي بشأن مستقبل العملية السلمية في الشرق الأوسط، طرحت خلالها إمكانيّة أن يبادر أوباما إلى عرض مبادرة سلام في الخريف المقبل، تستند إلى الاتفاقات التي تحقّقت بين الطرفين في الماضي.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول رفيع المستوى في الإدارة الأميركية قوله إن خطة السلام ستقوم على أساس اتفاقات تحققت في الماضي في موضوع الحدود وحقّ العودة ومكانة القدس، فيما قال مسؤول آخر إن 90 في المئة من الخريطة ستكون كما ظهرت في كامب ديفيد. إلا أن الجديد الذي قد يعرضه أوباما سيتضمّن فقط ربطاً بين خطة السلام والتصدي للبرنامج النووي الإيراني.
لكن مندوب إدارة البيت الأبيض أكد أن توجه الولايات المتحدة هو في السير بعيداً في النقاش بشأن المستوطنات وشرق القدس ورفعها إلى مستوى يسمح برسم خطة سلام إقليمية تضمّ سوريا أيضاً.
في المقابل، ذكرت «نيويورك تايمز»، في وقت لاحق من يوم أمس، أن المستشار السابق للرئيسين جيرالد فورد وجورج بوش الأب، برانت سكوكروفت، شرح للرئيس أوباما أن «زعامة أميركية فقط يمكنها أن تحطم دائرة العداء والعنف» في الشرق الأوسط، فيما دعا وزير الخارجية الأسبق كولن باول الإدارة إلى التفكير بالخطوات التالية في حالة رفض الطرفين الخطة الأميركية.
لكن الصحيفة لفتت إلى أن أوباما لن يكشف الكثير عن أفكاره وسيكتفي في هذه الأثناء بطرح الأسئلة والإصغاء.