بعد تردد، قرر رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، إلغاء المشاركة في مؤتمر الأمن النووي في واشنطن، للتهرب من المطالب الأميركية
يحيى دبوق
ألغى رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، زيارته المقررة للولايات المتحدة، لحضور مؤتمر الأمن النووي في نيويورك، وسط حديث إسرائيلي متزايد عن اشتداد الأزمة بين إدارة الرئيس الأميركي، باراك أوباما، والحكومة الإسرائيلية، على خلفية التسوية مع الفلسطينيين.
وذكرت مصادر مقربة من ديوان نتنياهو، أن الأخير قرر عدم المشاركة في المؤتمر، بعد ورود «أنباء عن نية ثماني دول إسلامية مشاركة، بينها مصر وتركيا، استغلال الفرصة للتحريض على إسرائيل، والمطالبة بتفكيك قدراتها غير التقليدية والانضمام إلى معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية»، مشيرة إلى أن «القيادة السياسية أجرت مشاورات، في أعقاب ورود هذه الأنباء، وقررت خفض مستوى التمثيل الإسرائيلي في المؤتمر، وتكليف وزير شؤون الاستخبارات، دان مريدور، رئاسة الوفد الإسرائيلي إلى الجلسات، على أن يشارك أيضاً كل من المدير العام للجنة الطاقة الذرية، شاؤول حوريف، ومستشار الأمن القومي، عوزي أراد».
وقال مصدر سياسي إسرائيلي، أمس، إن «مؤتمر الأمن النووي كان يرمي إلى الاهتمام بالتصدي لخطر الإرهاب من ناحية نووية، وإسرائيل تشارك في الجهود المبذولة في هذا الإطار، لكن تبين أن دولاً مشاركة ستخرج عن الموضوع وتسيء استخدام المؤتمر لمهاجمة إسرائيل»، مضيفاً أن «رئيس الوزراء أعرب عن استيائه من ذلك، وقرر خفض التمثيل الإسرائيلي في المؤتمر».
وذكرت صحيفة «معاريف»، أمس، أنهم «في إسرائيل لا يخشون البتة من البيان الختامي للمؤتمر، إذ إن مكتب رئيس الوزراء كان مشاركاً في صياغته مسبقاً، وبالتالي لا يحتوي على استفزازات لإسرائيل»، مضيفة أن «تل أبيب تخشى أن تلقى مطالبة دول إسلامية بتجريد الشرق الأوسط من الأسلحة النووية، آذاناً مُصغية لدى الإدارة الأميركية، على نقيض من الدعوات التي كانت تطلق في الماضي، ويُحبطها الأميركيون».
ورغم الحديث الإسرائيلي عن «الإحراج» في المؤتمر، أفاد عدد من المراسلين الإسرائيليين أمس، بأن سبب إلغاء الزيارة يعود إلى الأزمة القائمة حالياً بين تل أبيب وواشنطن، وأيضاً إعلان مسؤولين في البيت الأبيض أن أوباما لن يلتقي زعماء دول كان قد التقاهم أخيراً، بمن فيهم نتنياهو.
وفي السياق نفسه، كشف محلل الشؤون السياسية في صحيفة «معاريف»، بن كسبيت، أنهم «في الدائرة القريبة من رئيس الحكومة، يتهمون الإدارة الأميركية بأنها تعمل على نحو مباشر باتجاه إسقاط نتنياهو». وينقل عن المقربين من نتنياهو قولهم إن «التدخل السياسي الأميركي في إسرائيل عميق ومباشر، فمسؤولون رفيعو المستوى في الإدارة الأميركية يوجهون صحافيين إسرائيليين يومياً، وهم على صلة وثيقة بعناصر سياسية معارضة في إسرائيل».
وأضافت المصادر نفسها أن «السفارة الأميركية في تل أبيب نشطة جداً في هذا الاتجاه، وللأميركيين أوراق منظمة في كل شيء، وهدفهم بسيط وواضح: إضعاف نتنياهو وإسقاطه أو تغيير ائتلافه».
وأضاف بن كسبيت أنه «حسب مقربين من رئيس الحكومة، فإن حملة الإذلال الأخيرة التي تعرض لها (نتنياهو) في واشنطن، كانت مدروسة مسبقاً في كل تفاصيلها، وبالتالي لم تكن مصادفة، إذ تبين أن الخطة الأميركية كانت تهدف عن عمد إلى توجيه إهانة علنية إلى رئيس الوزراء»، مشيراً إلى أن مبعوث الإدارة الأميركية للشرق الأوسط، جورج ميتشل، «فهم من نتنياهو أن محادثات التقارب (مع الفلسطينيين) لن تتناول موضوعات جوهرية، وستكون مجرد أداة ضغط أخرى، لإضاعة الوقت، الأمر الذي كان القشة التي كسرت ظهر أوباما».
من جهتها، شنت وزيرة الخارجية الإسرائيلية السابقة، تسيبي ليفني، هجوماً شديداً على نتنياهو، مشيرة إلى أن «الحكومة الإسرائيلية تمثل شراً لإسرائيل». وأكدت أن حزب «كديما» لن يشارك في الائتلاف «إلا إذا غيرت الحكومة سياستها». وأضافت أن «نتنياهو متعلق بشركاء يشيعون العداوة ويبعدوننا عن العالم الحر، أما الصيغ الغامضة التي ترمي إلى إرضاء الولايات المتحدة والائتلاف في الوقت نفسه، فإنها تشير إلى أنك (نتنياهو) اخترت أن تكون رجل سياسة صغيراً، بدل أن تكون زعيماً».
في هذا الوقت، أكد مستشار الأمن القومي الأميركي، جيمس جونز، أن الولايات المتحدة لم تتخذ في المرحلة الراهنة أي قرار في طرح مقاربة جديدة لإحياء عملية السلام الإسرائيلية الفلسطينية.
وقال جونز إن «المناقشات جارية حالياً، ولم نتخذ أي قرار للإقلاع مجدداً مع تغيير كبير في الاستراتيجية». وتابع: «ما ينبغي أن نقوله بوضوح، في رأيي، هو أننا لا ننوي في أي وقت كان مفاجأة أحد». وأضاف أن أي إجراء يتخذ يرمي إلى تعزيز أمن إسرائيل ودعم كل مطلب «مشروع» لضمان سيادة الفلسطينيين.