خاص بالموقع - أعلن ضابط رفيع المستوى في الجيش الإسرائيلي أن «الجيش أجرى تغييرات على خطط الحرب على غزة مطلع العام الماضي في أعقاب وصولها إلى الصحافة ضمن الوثائق التي سرّبتها الصحافية عنات كام، عندما كانت مجندة للصحافي أوري بلاو من صحيفة هآرتس».ونقلت إذاعة الجيش الإسرائيلي عن الضابط قوله إن «الجيش الإسرائيلي أجرى تغييرات على الأمر العسكري لشن عملية الرصاص المصهور بعد قيام عنات كام بسرقة الوثيقة». وأضاف إنه «بعدما علم الجيش الإسرائيلي بتسريب الوثيقة، جرت سلسلة مداولات في مستويات عسكرية عليا أُجريت في أعقابها تغييرات بهدف ضمان سلامة الجنود».
وفي السياق، ذكرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أن الصحافي بلاو أوشك على نشر خبر في «هآرتس» عن الحرب على غزة قبل أيام من شنّها في 27 كانون الأول من عام 2008، لكن الرقابة العسكرية منعت النشر.
ووفقاً لـ«يديعوت»، فإن الرقابة العسكرية صدّقت في البداية على «نشر الخبر. لكن عند منتصف الليل، هاتفت الرقيبة العامة الإسرائيلية رئيس تحرير هآرتس دوف ألفون، وقرر الأخير الامتناع عن النشر بعدما طُبع عدد من نسخ الصحيفة».
واستحوذت قضية تسريب كام لوثائق عسكرية سرية لمراسل هآرتس بلاو، التي حصلت عليها خلال عملها مجندة في مكتب قائد الجبهة الوسطى للجيش الإسرائيلي يائير نافيه، على العناوين الرئيسية، وعدد كبير من صفحات الصحف الإسرائيلية الصادرة اليوم.
ونشر بلاو بالاستناد إلى هذه الوثائق العسكرية عدة تقارير في «هآرتس»، كان أبرزها التقرير الذي نشره في 28 تشرين الثاني من عام 2008 عن إعطاء رئيس أركان الجيش الإسرائيلي غابي أشكينازي «ضوءاً أخضر» للجنود بقتل ناشطين فلسطينيين حتى لو كان هناك إمكان لاعتقالهم.
وفي أعقاب قرار المحكمة الإسرائيلية أمس بإزالة أمر منع النشر عن القضية، التقى رئيس الشاباك يوفال ديسكين الصحافيين الذين يغطون القضية كي يوضح لهم «خطورتها»، وينفي اتهامات للشاباك، بينها التراجع عن اتفاقه مع «هآرتس» على تحييد بلاو من التحقيقات بشأن مصدر معلوماته.
ووصف ديسكين الوثائق التي سرّبتها كام بأنه «يحلم كل جهاز استخبارات بالحصول عليها»، ليشير بذلك إلى خطورة أعمال كام ومسّها بأمن إسرائيل. إلّا أن إذاعة الجيش الإسرائيلي قالت إن المحللين العسكريين الإسرائيليين يؤكدون أنه «لا يوجد مراسل عسكري ليس بحوزته وثيقة عسكرية سرية، لكن التركيز لا ينبغي أن يكون على مصدر الخبر أو ناشره بل على أن الجيش الإسرائيلي يخفي وثائق تتضمن أوامر غير قانونية تحت غطاء سري للغاية، كتلك التي نشرها بلاو عن قتل نشطاء فلسطينيين خلافاً لقرارات صادرة عن المحكمة العليا الإسرائيلية».
ونقل موقع «يديعوت أحرونوت» الإلكتروني عن مسؤولين في وزارة العدل قولهم «سننفّذ كل الخطوات القانونية الممكنة لإحضار أوري بلاو إلى إسرائيل».
وقال ديسكين إن «بلاو نفسه يمثّل خطراً وبالإمكان أن يكون هدفاً لمنظمات إرهابية. وتجري محاولات لإقناعه بالعودة إلى البلاد».
من جهته، أعلن رئيس الموساد الأسبق داني ياتوم لإذاعة الجيش الإسرائيلي أنه «يجب القيام بكل العمليات المطلوبة للحفاظ على وثائق سرية، ويجب التحقيق جيداً في هذه القضية وسد كل الثغر، لأنه اكتُشفت ثغرة عملاقة».
ويدور نقاش حول سبب اتهام كام بـ«التجسس الخطير» رغم أنها لم تسلّم وثائق ومعلومات لجهات معادية لإسرائيل. وقال نائب المدعي العام الإسرائيلي شاي نيتسان للإذاعة العامة الإسرائيلية إن «كام متهمة بالتجسس لأنها وفقاً للأدلة، جمعت على ما يبدو وثائق سرية وسلمتها إلى جهة غير مخوّلة، وفي نيتها المس بأمن الدولة». وأضاف إنه «لا علاقة لبند الاتهام هذا بتسليم وثائق إلى جهة معادية، وقد يكون التعريف التاريخي (من فترة الانتداب البريطاني) ببند التجسس غير ناجح».
ورأى نيتسان أن سلوك بلاو «يدل على أن لديه ما يخفيه». وشدّد على أن «الدولة لن تسمح لأحد بخرق القانون، وسوف تدرس خطواتها إذا لم يعد بلاو إلى البلاد».
من جهته، كتب بلاو مقالاً في «هآرتس»، اليوم، قال فيه «لم أفكّر لحظة في أنّني لن أتمكن من العودة إلى البلاد كإنسان حر. لكن الحديث يدور عن حرب على شكل الدولة لا عن حريتي الشخصية». وأضاف إنّ «مشاهد قرأت عنها في الكتب البوليسية فقط باتت واقع حياتي، وثمة أحد ما هناك في (المناصب) الأعلى لا يفهم جوهر الديموقراطية، وبعدما جرى التوضيح لي أنه في حال عودتي إلى البلاد قد أصبح مشلولاً إلى الأبد، وأن الوسيلة ستكون تقديم لائحة اتهام ضدي على مخالفات في مجال التجسس، قررت أن أحارب».
وخلص بلاو إلى أن «أي صحافي يعرف أنه لا يمكن نشر تحقيقات صحافية من دون إثباتات. لكن لا يوجد صحافي عرف حتى اليوم أنه بسبب تحقيقات كهذه قد يعلَن عنه أنه عدو الدولة، ويجد نفسه في السجن».
ونفت والدة كام، عيدا غيرشت، في مقابلة أجرتها معها إذاعة الجيش الإسرائيلي اليوم أقوال رئيس الشاباك ديسكين بأنّ كام قامت بأعمالها انطلاقاً من أيديولوجيا يسارية متطرفة، وقالت إن «عنات لم تُشغَل يوماً بنشاطات سياسية ولم تنتمِ قطّ إلى اليسار المتطرف وذلك خلافاً للصورة التي يحاولون رسمها في الصحافة».

(يو بي آي)