هو استطلاع رأي عن الأونروا أجرته 3 جمعيات فلسطينية في لبنان وسوريا، عبّر فيه الفلسطينيون عن اعتراضهم على عمل الوكالة، ورغم ذلك، تمسكوا بها. هنا قراءة تحليلية لأرقام تعكس أفكار أفراد عن وكالة هي الملجأ الشرعي والوحيد لكل ما يحتاج إليه الفلسطيني في لبنان أو سوريا على حد سواء
قاسم س. قاسم
في الذكرى الستين لولادة وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، قررت ثلاث منظمات فلسطينية «ثابت» لحق العودة ـــــ بيروت، مركز العودة الفلسطيني ـــــ لندن، تجمع العودة الفلسطيني (واجب) ـــــ سوريا، أن تجري استطلاعاً عن رأي اللاجئين في سوريا ولبنان بدور الأونروا والمهمات التي تقوم بها في لبنان وسوريا. كانت نتائج الاستفتاء متوقعة في بعض الجوانب، مثل عدم رضى 69.7% من المستطلعين عن عمل الوكالة في كلا البلدين، والمطالبة بتحسين الخدمات الصحية والتعليمية فيهما. كذلك كان متوقعاً أيضاً تأييد 92% من المستطلعين لاستمرار الأونروا في تأدية مهماتها. رقم رأت الوكالة فيه علامة رضى وحافزاً لها للاستمرار في تقديم المساعدات. وللتمسك بالأونروا أسبابه البسيطة: أولاً، إنّ الوكالة بالنسبة إلى الفلسطينيين الشاهد الدولي الوحيد على معاناتهم ولجوئهم، فهي قد تأسست في أعقاب النكبة عام 1948، وهي اليوم تعمل على تقديم المساعدات لـ4.7 ملايين لاجئ فلسطيني في خمسة أقاليم (الأردن، سوريا، لبنان، قطاع غزة، والضفة الغربية).
تُظهر الإجابات عن بعض الأسئلة التي وجهت إلى المستطلعين اختلافاً في الرأي بالنسبة إلى طريقة عمل الوكالة. اللافت في التقرير أن من رجح كفة الاستطلاع لجهة انتقاد أداء الأونروا أو المطالبة بإكمال عملها هم فئة كبار السن، أي من عمر 41 عاماً وما فوق، وأكثر من طالب الوكالة بإيلاء اهتمام أكبر للتقديمات الصحية للاجئين، هم المستطلعون من عمر 51 وما فوق. كذلك يظهر التقرير أن معظم المسجلين في الأونروا يتلقون خدماتها بنسب متفاوتة؛ فالإناث في لبنان وسوريا على حد سواء هنّ الأكثر استفادة من تقديمات الوكالة، وذلك بنسبة 72.8%، مقارنة بفئة الذكور 66.4% في كلا البلدين. أما في لبنان، فتستفيد 74% من النساء من تلك الخدمات، بينما يستفيد الذكور بنسبة 63.6%. لكن لا يمكن إلّا الأخذ في الاعتبار تأثير دور سياسة البلدين المضيفين، لبنان وسوريا، اللذين جرى فيهما الاستطلاع في الحياة اليومية للاجئين، الذي تعكس أرقامه نسبة الرضى عن التقديمات التي يقدمها البلدان للاجئين الموجودين على أراضيهما. ففي سوريا مثلاً، كانت نسبة فاقدي الأوراق الثبوتية صفراً، بينما وصلت هذه النسبة في لبنان إلى 0.2% من المستطلعين. وضمن الفئات العمرية، كانت النسبة الأكبر لفاقدي الأوراق الثبوتية في لبنان الذين تتراوح أعمارهم ما بين 18 و21 عاماً، إذ بلغت 3.3%، تليهم فئة 21 و30 التي وصلت نسبتهم إلى 0.7%، ثم الفئة العمرية ما بين 41 و50 عاماً بنسبة 0.6%. هكذا، تشير الأرقام إلى أن الفئة الأكبر التي لا تملك أوراقاً ثبوتية هي فئة الشباب، الذين حضر آباؤهم من الداخل الفلسطيني ومن الأردن مع الثورة الفلسطينية التي حطت رحالها في لبنان بعد أيلول الأسود، ولم يكونوا يحملون أوراقاً ثبوتية تدلّ عليهم. كذلك يظهر أن فئة الشباب بين 18 و21، الذين لم يصلوا بعد إلى مرحلة تتطلب منهم الحصول على هويات لتقديمها كمستندات رسمية للدولة اللبنانية، هم الفئة الأكبر، نظراً لأنهم يحملون بطاقة من وزارة الداخلية تعرّف عنهم. أما الفئة التي تليها، فهي الفئة العمرية بين 21 و30 عاماً التي لم تكن تستطيع إصدار هويات رسمية في السنوات القليلة الماضية تدل على شخصهم، فبقي معظمهم في المخيمات بصفة خارجين عن القانون. أما الفئة الأخيرة التي وصلت نسبتها إلى 0.6%، فهي الفئة التي أتت مع الثورة الفلسطينية إلى لبنان وأنجبت أولاداً يُعدّون ضمن الفئتين السابقتين.
إذاً، لا نجد في سوريا هذه الفئة من اللاجئين (أي فاقدي الأوراق الثبوتية)، وخصوصاً لأن ملف الفلسطينيين في سوريا يتعاطى معه على أنه ملف اجتماعي بحت، تمسك أوراقه وزارة الشؤون الاجتماعية السورية. بينما هذا الملف في لبنان هو ملف أمني يتعاطى معه من خلال وزارة الداخلية.
هكذا، بالعودة إلى إجابات الفئة العمرية الكبيرة في الاستطلاع، يتبين أن الفئة العمرية من 51 وما فوق هي أكثر من يجد أن خدمات الأونروا غير كافية بنسبة 91.8%، وأن الفئة العمرية بين 41 و50 هي أكثر الفئات التي تجد أن الخدمات الصحية التي تقوم بها الأونروا ضيعفة، وذلك بنسبة 57.5%، تليها الفئة العمرية 51 وما فوق بنسبة 56.8%.
المستطلعون يعرفون أن ميزانية الأونروا تتقلص
وفي دراسة أخرى أجراها صندوق الأمم المتحدة الإنمائي للمرأة ـــــ إقليم العالم العربي (أونيفام) بعنوان «الأوضاع الديموغرافية والاجتماعية والاقتصادية للشباب وكبار السن الفلسطينيين في مخيمات وتجمعات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان» يظهر أن 89% من مجموع كبار السن الموجودين في المخيمات الفلسطينية مصابون على الأقل بمرض مزمن واحد، إذ تبلغ هذه النسبة 85.1% لدى الذكور، لتصل إلى 91.6% بالنسبة إلى الإناث. هكذا، بالإمكان القول إن هذه الفئة الكبيرة التي تعتمد على الأونروا للحصول على التقديمات الاستشفائية لا ترى أن ما تقدمه الوكالة يغطي حاجاتها، وخصوصاً أن نسبة كبار السن الذين يحتاجون إلى الأدوية تصل إلى 87.5%، لذلك كان عدم الرضى نتيجة اتصال هذه الفئة الدائم بالأونروا من خلال عياداتها الموجودة في المخيمات. من جهة أخرى، تظهر الدراسة اختلاف الآراء بين جيلين أساسيين في المجتمع الفلسطيني، هما جيل الشباب وكبار العمر الذين تباينت إجابتهما عن بعض الأسئلة من جهة أولى لعدم اطلاع كبار السن على مستوى التعليم في الأونروا على عكس الشباب الذين تمسّهم يومياً هذه الخدمة. ومن جهة ثانية عدم اطلاع الشباب على خدمات الأونروا سابقاً من الناحية الإغاثية نظراً لصغر سنهم. ففيما يرى الشباب بين 18 و21 عاماً أن خدمات الأونروا كافية بنسبة 18.4%، يرى كبار السن أنها كافية بنسبة 8.2%. أما في ما يتعلق بالخدمات التعليمية التي تتعلق بفئة الشباب أساساً، فيرى 39.1% بين 18 و21 أنها مقبولة، بينما تنخفض النسبة عند كبار السن بنسبة 36.6%. أما في ما يتعلق بالعمل الإغاثي، فيرى 31% من الشباب أنها مقبولة، بينما يختلف الرقم عند الفئة العمرية 41 وما فوق بنسبة 20.3%. أما على مستوى تقديم خدمات الأونروا في المناطق اللبنانية والسورية على حد سواء، فيلاحظ أن منطقة بيروت هي أكثر المناطق اللبنانية التي تقدم الأونروا فيها خدماتها نظراً لوجود العدد الأكبر من المخيمات فيها، وذلك بنسبة 80.6%، مع ضعف شديد في تقديم الخدمات في منطقة البقاع، بنسبة 48.8%. أما في سوريا، فإن المنطقة التي تتلقى الخدمات الأكبر هي دمشق بنسبة 78.4%. هكذا، رغم أن مخيمات بيروت أكثر من يتلقى المساعدات من الأونروا، إلا أن نسبة رضى الأهالي عن هذه المساعدات هي الأقل (15.7%) مقارنة بالمناطق الأخرى. أما أكثر المناطق التي ترى أن خدمات الأونروا غير كافية، فهي منطقة الشمال اللبناني، وذلك بنسبة 88.1%، والسبب وراء ارتفاع هذه النسبة الأزمة التي تواجهها الأونروا في إعادة إعمار مخيم نهر البارد، بالإضافة إلى ازدياد الكثافة السكانية الموجودة في مخيم البداوي، وذلك بعد لجوء أهالي البارد إلى المخيم القريب.
هكذا، يبدو بحسب علم الأرقام، أن الجميع غير راضين عن عمل الأونروا، لكن المستطلعين ربما كانوا يعرفون أكثر من غيرهم أن الميزانية العامة للأونروا تتقلص عاماً بعد عام، بسبب إحجام الدول المانحة عن التمويل، مقابل ارتفاع الكثافة السكانية للاجئين في المخيمات كل عام. وبلغة الأرقام، فإن العجز إذا ما استمر الوضع هكذا، متجه صعوداً.


قام بالاستطلاع عن الأونروا، الذي نظّمته ثلاث جمعيات فلسطينية، 150 متطوعاً في سوريا ولبنان، قسّموا إلى ثلاث مجموعات: رؤساء المجموعات، الباحثين والباحثات، والمراجعين المرمزين. أما تقدير حجم العينة المستطلعة بـ1460 فقد حددت وفقاً لإحصاءات الأونروا عام 2009، إذ بلغ عدد اللاجئين 421.993 في لبنان، و467.417 في سوريا. وقد جاءت نتيجة الاستطلاع على النحو الآتي: 92% يؤيدون استمرار الوكالة في عملها، 69.7% غير راضين عن أدائها، 86% يرون الخدمات غير كافية، 55.5% يرون أن خدمات الإغاثة ضعيفة، 35.5% يرون أن خدمات التعليم كافية، و44.9% يرون أن الخدمات الصحية ضعيفة