غزة ــ قيس صفديخاص بالموقع - قضى ثلثا سكان قطاع غزة، ثلاثة أيام متتالية في ظلام دامس، لم تزرهم خلالها الكهرباء سوى ساعات معدودة، إثر توقّف محطة توليد الكهرباء الوحيدة في القطاع عن العمل كلياً بسبب نفاد الوقود الصناعي، وسط اتهامات متبادلة بين حكومتي «حماس» و«فتح».
واتهمت الحكومة المقالة، سلطة حركة «فتح» بـ«سرقة أموال الكهرباء» التي يتبرع بها الاتحاد الأوروبي لمصلحة تمويل الوقود الصناعي اللازم لتشغيل المحطة في غزة.
وقال نائب رئيس حكومة «حماس»، وزير الاقتصاد زياد الظاظا، إنّ «فتح تشارك في حصار غزة بعدما سرقت أموال محطة توليد الكهرباء، وحوّلتها إلى رواتب لموظفيها على حساب معاناة شعبنا»، محمّلاً «فتح وحكومتها غير الشرعية المسؤولية الكاملة عن أزمة الكهرباء». وأوضح أن الاتحاد الأوروبي «يتكفّل بتمويل الوقود الصناعي أسبوعياً، غير أن حكومة (سلام) فياض قلّصت الكمية، رغم التزام الاتحاد الأوروبي بتوريد أموال الوقود شهرياً لمصلحة خزانة وزارة المال في رام الله».
من جهته، نفى نائب رئيس سلطة الطاقة في غزة، كنعان عبيد، اتهامات المتحدث باسم حكومة فياض، غسان الخطيب، التي تفيد أن حكومة «حماس» استولت على أيّ أموال لشركة الكهرباء. وقال إن «حسابات شركة توزيع الكهرباء في غزة مستقلة بالكامل، وهناك رقابة من الاتحاد الأوروبي على هذه الحسابات»، مضيفاً إنّ «الشركة تقوم بجهد كامل للجباية»، عازياً في الوقت نفسه، ضعف التحصيل إلى «الأحوال الاقتصادية الصعبة نتيجة البطالة التي تزيد على 80 في المئة بسبب الحصار».
ورغم ذلك، أكد عبيد أنّ «المبالغ التي ورّدتها الشركة إلى خزانة وزارة المال في رام الله تبلغ نحو 15 مليون و300 ألف دولار منذ بداية العام الجاري». وقال إنّ «العجز في الطاقة الكهربائية المورّدة لمحافظات غزة يزيد على 50 في المئة، وفي حال حدوث أعطال على خطوط الشبكة الإسرائيلية المغذية للقطاع، فمن المرجّح أن يصل العجز إلى 70 في المئة».
في المقابل، رفض الخطيب هذه الاتهامات، مؤكّداً أن «الحكومة في رام الله تغطّي نحو ثلثي قيمة فاتورة الوقود لغزة». وأرجع الأزمة إلى أن «شركة توزيع الكهرباء في غزة لا تدفع حصتها من ثمن الوقود»، قائلاً إن «المشكلة من وجهة نظر السلطة هي أن شركة توزيع الكهرباء في غزة تجمع فواتير ولا تورّدها، وما تجمعه محدود جداً لأن المواطنين لا يدفعون ما عليهم من فواتير، لأن الجهات المسؤولة لا توفر دعماً وغطاءً أمنياً للشركة».
واتهم الخطيب مسؤولين وموظفين رسميين بالتهرب من دفع قيمة فواتير استهلاكهم للكهرباء، من دون تحديد تبعية هؤلاء لحكومتي الضفة أو غزة.
ودعا المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان سلطة الطاقة وكلاً من الحكومتين في رام الله وغزة إلى «وضع حلول فورية وعاجلة لضمان تدفق الوقود الصناعي لمحطة التوليد، ووضع حد للأزمة». كما طالب شركة كهرباء غزة بـ«نشر قوائم بأسماء الشخصيات الاعتبارية، بمن فيهم الشخصيات السياسية أو رجال الأعمال والموظفون، والتجار والدوائر الحكومية وغير الحكومية، الذين تتراكم عليهم مستحقات كبيرة للشركة رغم استمرار نشاطهم، لتمثّل أولى حلقات الضغط على المتخلّفين عن دفع المستحقات المالية للشركة رغم اقتدارهم».
بدورها، دعت «الحملة الأوروبية لرفع الحصار عن غزة» ومقرها بروكسل، السلطة الفلسطينية والرئيس محمود عباس إلى «تحمّل مسؤوليتهما تجاه أزمة الكهرباء المتفاقمة في قطاع غزة».
وقال عضو الحملة رامي عبدو إن «الاتحاد الأوروبي يحوّل أموال الوقود شهرياً لوزارة المال في رام الله، وإن السلطة تعهدت بوضوح أنها ستلتزم تسديد ثمن الوقود الثقيل لمحطة توليد الكهرباء». وأوضح أن «ما حصل هو أن السلطة تقدمت بطلب إلى الاتحاد الأوروبي في تشرين الثاني الماضي كي يوجّه تلك الأموال إلى حساب الخزانة الموحّد للسلطة، على أن يترك الاتحاد الأوروبي للسلطة تحديد وجهة هذه الأموال حسب الأولويات». وتساءل عبدو «ما هي الأولوية التي تعتقد السلطة أنها مقدّمة على توفير إمدادات الكهرباء للمشافي والمؤسسات الحيوية والسكان الفلسطينيين؟»، مستهجناً «استخدام الاحتياجات الإنسانية لمليون ونصف مليون إنسان فلسطيني في المناكفات السياسية».