عمّان تكلّف نفسها مهمّة نفي وجود قرارات إسرائيليّة بتهجير الفلسطينيّين من الضفّةيبدو أن حكومة بنيامين نتنياهو تتجه جدياً نحو خطوات ملموسة تسترضي من خلالها باراك أوباما. على الأقل، هذا ما تظهره التقارير التي تتحدث عن تجميد مؤقت للبناء في القدس. في المقابل، لا تزال تلك الحكومة تجد من يدافع عنها، ومن العرب؛ الموقف الأردني نموذجاً

تطوّع الأردن أمس ليصدّ سهام الانتقادات عن إسرائيل على خلفية الأوامر العسكرية بتهجير عشرات آلاف الفلسطينيين المقيمين في الضفة الغربية، تحت ذريعة نفي وجود أوامر كهذه، فيما تحدثت تقارير عبرية عن تعليق للاستيطان في القدس المحتلة تحسّباً لنشوء أزمة جديدة مع إدارة باراك أوباما.
وقالت صحيفة «هآرتس» إن الدولة العبرية جمّدت منذ أكثر من شهر مخططات بناء تستوجب التصديق عليها في لجنة التنظيم والبناء في منطقة القدس، وبينها مخططات بناء في غرب المدينة أيضاً. ونقلت الصحيفة عن مهندسين ومسؤولين في لجنة التنظيم والبناء قولهم إن «التخوف من أزمة مع الولايات المتحدة أدى إلى حدوث أداء هستيري في جهاز التنظيم والبناء، وأرجئ النظر في مخططات بناء لا تلحق أي أضرار بإسرائيل على المستوى الدولي».
ووفقاً لـ«هآرتس»، فوجئ مهندسون إسرائيليون بأن رئيسة لجنة التنظيم والبناء لمنطقة القدس، روت يوسف، لا توقّع على مخططات بناء تمت المصادقة عليها في اللجان المحلية وتأخير النشر عن هذه المخططات وتنفيذها. وعندما سأل المهندسون عن سبب تجميد عمل اللجنة أُجيبوا «بسبب أوباما».
وعقّبت وزارة الخارجية الإسرائيلية بالقول إنه أوقف عمل لجنة التنظيم والبناء لمنطقة القدس بناءً على طلب لجنة المديرين العامين للوزارات التي عيّنها رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، في أعقاب الأزمة مع الولايات المتحدة.
وقال مكتب نتنياهو إن «سياسة البناء والتخطيط في القدس لم تتغير، وهي مطابقة لتلك التي انتهجتها جميع حكومات إسرائيل. وتجري في هذه الأيام، في إطار عملية استخلاص العبر من الحدث الذي وقع خلال زيارة نائب رئيس الولايات المتحدة (جوزف بايدن) لإسرائيل، بلورة أنظمة تضمن منع تكرار حدث من هذا القبيل في ما يتعلّق بتوقيت النشر لخطوات ذات حساسية سياسية».
من جهة أخرى، قالت الحكومة الأردنية، أمس، إنها أجرت اتصالاً مع الحكومة الإسرائيلية لتوضيح ما نشرته «هآرتس» أول من أمس عن أوامر عسكرية لتهجير عشرات آلاف الفلسطينيين المقيمين في الضفة الغربية، «فنفت لها وجود أي قرار عسكري» في هذا الشان.
وأوضح المتحدث الرسمي باسم الحكومة، نبيل الشريف، أن «وزارة الخارجية الأردنية أجرت اتصالات مكثفة مع وزارة الخارجية الإسرائيلية عبر السفارة الأردنية في تل أبيب التي أبلغتها الخارجية الإسرائيلية نفيها لوجود مثل هذا القرار».
وفي السياق، دان رئيس المجلس الوطني الفلسطيني سليم الزعنون قرار السلطات الإسرائيلية الذي «يمثّل استمراراً لسياسية التطهير العرقي التي تمارسها إسرائيل منذ عام 1948». وقال إن هذا القرار «محاولة لتكريس الأمر الواقع لاستيعاب مزيد من المستعمرين اليهود وإحلالهم على الأرض الفلسطينية، وهو أيضاً محاولة لتكريس الانقسام بين شطري الوطن الواحد في الضفة الفلسطينية وقطاع غزة». ووصف «التطهير العرقي» كان أيضاً محور الإدانة التي صدرت عن الجبهة الشعبية.
بدوره، رأى الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي، عبد الرحمن بن حمد العطية، في تعليقه على القرار الإسرائيلي، إنه جاء «بصورة متعمّدة ومبرمجة لإفراغ الأراضي الفلسطينية المحتلة من سكانها الأصليين، وتطبيق سياسة الإبعاد العنصرية»، محذراً من «مغبة استمرار إسرائيل باتخاذ مثل هذه الخطوات العنصرية التي تكرس وتيرة الاحتقان والعنف، وتضرّ بعملية السلام في المنطقة».
ومن باريس، أعلنت وزارة الخارجية الفرنسية أنها قلقة جداً من قرار إسرائيل، ودعت «السلطات الإسرائيلية، طبقاً للقانون الدولي، إلى احترام حرية الفلسطينيين في الإقامة حيثما شاؤوا في الضفة الغربية، والسماح لهم بالتنقل بحرية في الأراضي الفلسطينية».
كذلك صدر بيان إدانة من داخل الدولة العبرية، حيث بعثت عشر منظمات حقوق إنسان إسرائيلية رسالة إلى وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك طالبته فيها بإلغاء الأمرين العسكريين.
وشددت الرسالة، بحسب «هآرتس»، على أنه «مع بدء سريان مفعول الأمرين العسكريين قد يجد أي فلسطيني في الضفة نفسه يواجه خطر المحاكمة الجنائية والطرد فعلياً من دون أن تتوافر لديه إجراءات للاستئناف أو النقض». وأكد «مركز الدفاع عن الفرد» أن «التعديل على الأمر العسكري الأساسي يسمح منذ الآن تعسّفياً أن يُعرّف كل إنسان موجود في الضفة بأنه متسلل وموجود بطريقة غير قانونية وعقوبته السجن أو الطرد، ولأول مرة يمكن تعريف الفلسطينيين كمتسللين في وطنهم».
(الأخبار، يو بي آي، أ ف ب، رويترز)