تضغط واشنطن، على ما يبدو، على القاهرة للتدخل لدى تل أبيب وفصائل المقاومة للحؤول دون «مغامرة عسكرية» على غزّة، تعتقد الإدارة الأميركية أن بنيامين نتنياهو يخطّط لها، ولا ترى فيها مصلحة لها
رام الله ــ الأخبار
غزة ــ قيس صفدي
كشفت مصادر فلسطينية واسعة الاطّلاع، لـ«الأخبار» أمس، أنّ الإدارة الأميركية أبلغت مصر ضرورة «التحرك لوقف التدهور العسكري بين قطاع غزة وإسرائيل، لأنّ حكومة بنيامين نتنياهو تسعى إلى تصعيده». وأوضحت أنّ واشنطن «دعت القيادة المصرية إلى التحرك فوراً والحيلولة دون تصعيد عسكري من جانب فصائل المقاومة، وطالبتها بإجراء اتصالات مع حماس».
وأضافت المصادر إنّ «واشنطن طلبت من القاهرة التدخل لدى إسرائيل وحثّها على عدم دفع الأوضاع نحو مزيد من التصعيد، وأن تتعهد لها مزيداً من ضبط الحدود مع القطاع وبذل كل جهد لدفع الفصائل للهدوء». وأشارت إلى أن الولايات المتحدة «لا تريد تصعيد العمل العسكري ضد غزة حالياً، لأن ذلك سيضع السلطة الفلسطينية في موقف حرج أمام الشعب الفلسطيني، ولا تريد أن تخسر ما وصلت إليه عبر خطوات تقريب وجهات النظر بين السلطة وإسرائيل».
وذكرت المصادر أن «واشنطن علمت بنيّة إسرائيل القيام بمغامرة عسكرية للهروب من عملية السلام، وخصوصاً أن وضع حكومة نتنياهو الداخلي لا يؤهّله للتوصل إلى سلام مُرضٍ». وبيّنت أن القاهرة أبلغت السلطة الطلب الأميركي، وتعهدت الأخيرة «ضبط الأوضاع في الضفة كي لا يكون هناك رد على الاستفزازات الإسرائيلية». ولفتت إلى أن القاهرة «بدأت بالفعل الاتصال مع قادة فلسطينيّين مستثنيةً حماس، وطلبت من فصائل في منظمة التحرير إبلاغ حماس موقفها، على أن تنقله بدورها إلى حليفتها الجهاد الإسلامي».
في هذا الوقت، طالب فلسطينيون، بينهم نواب وقادة في فصائل المقاومة، بخطف جنود إسرائيليين لمبادلتهم بأسرى فلسطينيين في سجون الاحتلال يضربون حالياً عن الزيارات والطعام احتجاجاً على تدهور أوضاعهم.
وأكد النائب الأول لرئيس المجلس التشريعي أحمد بحر، خلال اعتصام أمام مقر اللجنة الدولية للصليب الأحمر في غزة، أن «الأسرى يتعرضون لانتهاكات جسيمة في سجون الاحتلال»، متّهماً المجتمع الدولي «بالوقوف إلى جانب الطرف المخالف لحقوق الإنسان».
كذلك أعلن الأسرى خوض إضراب كلّي عن الزيارة وآخر جزئي عن الطعام لمدة ثلاثة أيام منذ مطلع الشهر الجاري، لتحقيق مطالبهم المتعلقة بوقف سوء معاملة أهالي الأسرى عند الزيارة، والسماح لأهالي أسرى القطاع بالزيارة، والسماح للأسرى باستكمال تعليمهم وإدخال الكتب إليهم. وجدّد وزير الأسرى والمحررين في حكومة «حماس»، محمد الغول، دعوته فصائل المقاومة إلى «أسر مزيد من الجنود الإسرائيليين لمبادلتهم بأسرى فلسطينيين». وفي اعتصام مماثل، دعا القيادي في حركة الجهاد الإسلامي، خالد البطش، إلى «ضرورة توافق الفصائل الفلسطينية لنصرة قضية الأسرى عبر أسر جنود ومستوطنين إسرائيليين لمبادلتهم بالأسرى». في المقابل، أعلنت سرايا القدس، الذراع العسكرية لحركة الجهاد الإسلامي، أن جهاز الأمن الداخلي التابع لحكومة «حماس» أفرج مساء أول من أمس عن أربعة مقاومين، ينتمي أحدهم إلى مجموعات كتائب شهداء الأقصى التابعة لـ «فتح»، بعد احتجازهم لساعات. واتهم المتحدث باسم السرايا «أبو أحمد» جهاز الأمن بإحباط «كمين» أعدّه مقاومون لقوة اسرائيلية خاصة رُصدت أثناء محاولتها التوغل في شمال القطاع. وقال إن «المجاهدين فوجئوا بحضور قوة كبيرة للأمن الداخلي احتجزتهم».وأكد أبو أحمد التزام سرايا القدس «بالتوافق» الذي توصلت إليه فصائل المقاومة في غزة بعد الحرب الإسرائيلية الأخيرة مطلع العام الماضي، ويقضي بوقف إطلاق الصواريخ، مشدّداً في الوقت ذاته على حق المقاومة في التصدي لعمليات التوغل الإسرائيلية داخل حدود القطاع.
داخلياً، وبعد الاتهامات المتبادلة بين «فتح» و«حماس» أول من أمس، على خلفية الظلام في غزة الناتج من نقص الوقود، بحث وزير الداخلية في حكومة «حماس» فتحي حماد وعضو المجلس الثوري لحركة «فتح» سفيان أبو زايدة قضايا وطنية وثنائية تهمّ الحركتين، أبرزها الانقسام القائم في الساحة الفلسطينية. وقال أبو زايدة، الذي يزور غزّة للمرة الأولى منذ خروجه منها إبان سيطرة «حماس» في حزيران عام 2007، إنّه «بحث مع حماد في إمكان تغيير لهجة الخطاب الإعلامي التحريضية المستخدمة في وسائل إعلام الحركتين»، مضيفاً إنّ اللقاء «بحث أوضاع فتح في القطاع، وأوضاع حماس في الضفة الغربية».
ووصف أبو زايدة اللقاء بأنه «لم يكن رسمياً»، وجاء برغبة مشتركة من الطرفين.