خاص بالموقع - لفت غياب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن القمّة بشأن الأمن النووي في واشنطن، الأنظار إلى الأزمة الدبلوماسية التي تعانيها تل أبيب، وخاصةً أنها تأتي في وقت يتزايد فيه الكلام عن عزلة متزايدة لإسرائيل على الساحة الدولية.ومنذ أن تولى مهامه قبل عام، اضطرّ زعيم اليمين الإسرائيلي إلى إدارة الأزمات الدبلوماسية الواحدة تلو الأخرى، ومواجهة توقف كامل لعملية السلام مع الفلسطينيين.
ولم يقتصر الأمر على تزايد الخلافات مع مصر والأردن، البلدين العربيين الوحيدين اللذين وقّعا اتفاقي سلام مع الدولة العبرية، بل طال العلاقات مع تركيا، التي بقيت فترة طويلة حليفة استراتيجية لإسرائيل، والتي تدهورت بعد الحرب الأخيرة على غزة والإهانة العلنية التي وجّهت إلى السفير التركي في إسرائيل أحمد أرغوز تشليكول.
كذلك ظهرت أخيراً خلافات مع عدد كبير من الدول الأوروبية، وخصوصاً الاسكندينافية. لكن التطور الأكثر إثارة للقلق بالنسبة إلى القادة الإسرائيليين هو الفتور في العلاقات مع واشنطن الذي لا يدل أي شيء على أنه عابر.
وقد بدا هذا الفتور واضحاً، خلال زيارة نتنياهو الأخيرة إلى واشنطن في نهاية الشهر الماضي، حيث عكس الاستقبال الذي خصّصه الرئيس الأميركي باراك أوباما، لنتنياهو حجم الأزمة الأميركية الإسرائيلية التي لا سابق لها منذ عقود، حيث لم يتوصل الرجلان إلى أي اتفاق، وخصوصاً بشأن الاستيطان اليهودي في القدس الشرقية المحتلة، الذي ينوي نتنياهو مواصلته. وتدهور الوضع، إلى درجة أن ديفيد اكسلرود أحد المستشارين الرئيسيين لأوباما، اضطر إلى الإعلان أن أي «إهانة» لم توجّه إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي.
لكن على الرغم من أن العزلة بدأت تظهر خلال عهد نتنياهو، فإن المحللين الإسرائيليين أشاروا إلى أن عزلة إسرائيل مرتبطة إلى حد كبير بتطورات حصلت قبل أشهر من وصول نتنياهو إلى السلطة.
فصورة إسرائيل لدى الرأي العام الدولي، تضررت على نحو خطير بعملية «الرصاص المصهور»، التي أطلقتها إسرائيل في كانون الأول 2008 على قطاع غزة في عهد الحكومة السابقة، برئاسة إيهود أولمرت. ومن وقتها علّق الفلسطينيون المفاوضات مع إسرائيل وتدهورت العلاقات مع تركيا.
وقال المحلل السياسي جيرالد ستاينبرغ من مركز بيغن السادات للدراسات الاستراتيجية، «بالنسبة إلى تركيا، فقد استخدمت الحرب في غزة لمهاجمة إسرائيل، بينما تتقرّب (أنقرة) من سوريا وإيران إثر خيبة أملها من رفض الاتحاد الأوروبي استقبالها كدولة عضو».
وفي ما يتعلق بالعلاقات مع واشنطن، مثّل انتخاب أوباما منعطفاً حقيقياً. فنتنياهو لم يعد ينسجم مع الرئيس الأميركي كما كان رؤساء وزراء إسرائيل ينسجمون مع الرئيس السابق جورج بوش في العمل ضد «محور الشر». ويتقبل الرئيس أوباما مواصلة الاستيطان بدرجة أقل من بوش. ويرى العديد من المسؤولين الأميركيين المدنيين والعسكريين، أن سياسة نتنياهو تعرقل جهود الولايات المتحدة للتقارب مع العالم العربي والإسلامي.
وأكد الباحث بيبي هيلر من جامعة تل أبيب أن نتنياهو لا يتّبع سياسة مختلفة كثيراً عن سياسات رؤساء الحكومات السابقين، لكن المشكلة تكمن في تشكيلته الوزارية، إذ إن الدبلوماسية الإسرائيلية التي يقودها اليوم زعيم الحزب القومي المتشدد، وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان، الذي لا يلقى تقديراً كبيراً في عدد من العواصم الغربية. وأشار هيلر إلى أن «القادة الإسرائيليين الحاليين لا يعرفون كيف يجدون لغة دبلوماسيّة لتحسين الوضع».

(ا ف ب)