صنعاء | غادر وفد من «أنصار الله»، وآخر من «المؤتمر الشعبي العام» إلى مسقط مساء أمس، في سياق استئناف اللقاءات والمشاورات مع الأمم المتحدة والأطراف الدولية لوقف العدوان. وتأتي هذه الزيارة في الوقت الذي تشهد فيه الساحة المحلية والدولية والإقليمية تغيرات؛ أبرزها فشل تحالف العدوان في إحراز أي تقدم على المستوى الميداني، وأيضاً رئاسة روسيا لدورة مجلس الأمن حالياً وهو ما يفسر عودة السفير الروسي إلى صنعاء خلال اليومين الماضيين والذي بحسب مصادر مطلعة كانت تهدف إلى إقناع «أنصار الله» و«المؤتمر» للعودة إلى مسقط وفق إشارات روسية في إمكانية الوصول إلى حلول سياسية من شأنها أن تنهي الحرب وتعيد إحياء العملية السياسية من جديد. وكان المبعوث الدولي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ، قد نشر في صفحته على «فايسبوك» أمس أن الأطراف السياسية اليمنية ستحضر إلى مسقط بدعوة رسمية من الأمم المتحدة للتباحث حول إعادة العملية السياسية.
وقال مصدر سياسي رفيع في صنعاء لـ«الأخبار» إن عودة الوفدين اليمنيين إلى مسقط تأتي استجابة لدعوة الأمم المتحدة ولعقد لقاءات خاصة مع المبعوث الاممي وأطراف دولية لا علاقة لها بالمفاوضات نهائياً.

ولفت المصدر إلى أن المفاوضات المعلنة تم تأجيلها إلى ما بعد وقف العدوان، بحيث يتم استئنافها بتمثيل للمكونات السياسية كافة، لا لمكون واحد أو اثنين فقط.
الناطق الرسمي باسم «أنصار الله»، محمد عبد السلام أوضح في حديث إلى «الأخبار» قبيل مغادرته مطار صنعاء أن وفد الحركة «عائد إلى مسقط وفقاً لتوقيت محدد مسبقاً وتنسيق كان قد تم خلال الزيارة السابقة».
وتأتي عودة الوفدين اليمنيين إلى مسقط بعد التطورات الميدانية والتي منيَت فيها قوات التحالف بخسائر على كل الجبهات على أيدي الجيش و«اللجان الشعبية»، وتحديداً في مأرب التي شهدت عدداً من العمليات العسكرية أسفرت عن خسائر مادية وبشرية هائلة في صفوف جيش الغزاة.
المتحدث باسم «أنصار الله»، الذي يرأس وفد الحركة إلى مسقط، رأى في حديثه إلى «الأخبار» أن «الحرب دخلت مرحلة جديدة إن على المستوى السياسي وإن على مستوى الميدان»، مؤكداً أن تحالف العدوان «يجب أن يدرك أن استمراره في الحرب ضد اليمنيين لن يؤدي إلى أي نتيجة سوى المزيد من القتل والتدمير» مشدداً على أن «هذا ليس في صالحه أبداً». وفي حين تثار الأسئلة عن جدوى المشاورات في مسقط باعتبارها محكوماً عليها بالفشل مسبقاً، يعتقد المتحدث باسم «أنصار الله» أنه قبل الحوار أو النقاش حول الآليات أو التفاصيل يجب أن تتوقف الحرب بشكل كامل وفوراً. واستطرد عبد السلام قائلاً: «أي تفاوض في آليات أو في حوار والحرب لا تزال قائمة، فإن العيون ستتجه إلى الميدان ولا شيء سيتجه إلى الحوار السياسي» في إشارة إلى أن التصعيد الميداني سيتزامن مع النقاشات الجارية في مسقط.

عبد السلام: الحرب دخلت مرحلة جديدة سياسياً وميدانياً


وفيما يبدو أن الدور الروسي في هذه المرحلة بات يتصدر الواجهة ويلعب بشكل ضاغط لإعادة الروح إلى إمكانية الحل السياسي بعد انسداد الأفق عقب التصعيد السعودي الذي كان آخره استهداف صنعاء عشية عودة السفير الروسي إلى العاصمة صنعاء، يرى مراقبون أن روسيا قد تلعب دوراً مهماً في هذه المرحلة ضمن محاولات فرض الحل السياسي وإيقاف الحرب بشكل مستدام بحكم تسملها لرئاسة مجلس الأمن، وهو ما قد يحدث خرقاً في مسار المشاورات التي كانت السعودية قد دفعت بالرئيس الفار عبد ربه منصور هادي إلى إفشالها. وفي السياق، كشف عبد السلام أن لقاء الوفدين اليمنيين بالسفير الروسي صباح أمس كان مهماً ومفيداً. ورداً على سؤال «الأخبار» عما حمله السفير في جعبته للأطراف اليمنية، أعلن أن السفير فلاديمير ديدوشتين حمل بعض الرسائل من الرياض وتم الرد عليها، مضيفاً: «أكدنا للسفير أن لا مشكلة حقيقية مع السعودية قبل العدوان، لكن العدوان خلف آثاراً كارثية».
وأعرب عبد السلام عن تفاؤله للوصول إلى حلول مع ترؤس روسيا لمجلس الأمن، وقال «نعتقد أن روسيا التي ترأس مجلس الأمن حالياً ــ إذا كانت الأطراف ترغب في الحل ــ ستشكل فرصة للحل عبر إصدار قرار جديد من مجلس الأمن بخصوص الوضع في اليمن»، مشدداً على أن «القرار 2216 قرار غير قابل للتطبيق ويتضمن مطالب الطرف المعتدي، ولم يتضمن مطالب الشعب اليمني وطموحات اليمنيين في الوصول إلى حل سياسي عادل».
ولفت عبد السلام إلى أن «المسار السياسي سيكون فاعلاً وأنه سيتم التحرك فيه مع المجتمع الدولي»، مؤكداً أنهم تلقوا من السفير دعوة لزيارة روسيا، وقال «سنزور روسيا قريباً».
وعن الشروط المطلوبة لوقف العدوان، ومنها ما أثير عن إمكانية عودة حكومة خالد بحاح المستقيلة إلى صنعاء، أفادت مصادر مطلعة «الأخبار» بأن السفير الروسي تحدث خلال لقاءاته مع الأطراف السياسية عن أن السعودية تنتظر فقط إعطاءها انتصاراً ولو وهمياً من باب حفظ ماء الوجه، وحينها سيتم وقف الحرب. من جهته، أكد المتحدث باسم «أنصار الله» أن الحركة و«المؤتمر العام» أبديا خلال النقاشات واللقاءات السابقة مرونة عالية في سبيل الوصول إلى حلول سياسية وبشهادة الأمم المتحدة. وفي ما يتعلق بمصير النقاط السبع، وقبلها النقاط العشر، أفاد عبد السلام بأنها جاءت ضمن نقاش مع الأمم المتحدة على أساس أن يتم التعامل معها كحزمة واحدة، مضيفاً «نحن الآن نؤكد على وقف الحرب على اليمن أولاً، ثم بعد ذلك يمكن أن ندخل في نقاش حول كل النقاط الممكنة».
وتأتي زيارة الوفد التابع لـ«اللجنة الثورية العليا» إلى مسقط في مستهل زيارات مكوكية إلى عدد من دول الإقليم والعالم. وقال مصدر في وفد «اللجنة»، رفض الإفصاح عن اسمه، إن الوفد الذي يضم كلاً من محمد المقالح ونايف القانص وعلياء الشعبي وابتسام الحمدي، سيقوم بعدد من الزيارات إلى كوريا الشمالية وأميركا اللاتينية ومصر وإيران ولبنان، وربما سوريا لبحث تطورات العدوان على ‏اليمن.
إلى ذلك، علمت «الأخبار» أن وفداً منفصلاً تضمّن عدداً من أعضاء «اللجنة الثورية العليا» توجّه إلى مسقط في طائرة عمانية أخرى أقلعت بالتزامن مع طائرة الوفد السياسي، وتحمل عدداً من جرحى العدوان الذين سيعالجون في عمان وبعض الدول الإقليمية.