حملة نسويّة برعاية أحزاب دينيّةبغداد ــ زيد الزبيدي
عندما زاره وفد نسائي أخيراً، أعرب وزير العدل العراقي السابق هاشم الشبلي عن استغرابه لسماع بعض المطالب، وفي مقدمها التساهل في موضوع تعدّد الزوجات. وقال لـ«الأخبار» «لم أكن أتوقع أن تطالب المرأة بوجوب أن تكون لها ضرّة».
ويسمح التشريع العراقي بذلك، وفق بعض الشروط التي حُدّدت في قانون الأحوال الشخصية، ومن أبرزها موافقة الزوجة الأولى، التي غالباً ما تكون مرغمة على الموافقة. لذلك يقدّر الشبلي أن يكون الوفد النسائي الذي زاره «مجبراً، أو مدفوعاً من أحد الأحزاب أو التيارات الدينية، في مسعى لتطبيق الشريعة الإسلامية في مجمل القوانين العراقية».
وللوزير السابق رأي في هذا الموضوع، يفيد بأنّ تعدّد الزوجات قد يكون مفيداً عندما يزيد عدد النساء بنسبة كبيرة على عدد الرجال في المجتمع، «شرط توافر الإمكانات المادية والعدل بين الزوجات»، لأنّ «الشريعة الإسلامية اشترطت ذلك».
وحسب شبكة «السومرية نيوز»، فإنّ الأرقام المرتفعة التي أعلنتها بعض منظمات المجتمع المدني في محافظة الأنبار عن أعداد الأرامل والمطلّقات والعوانس، دفعت إلى إطلاق دعوات تشجّع على تعدّد الزوجات، توقّع البعض فشلها، بسبب تكاليف الزواج الباهظة، فيما رفضتها النسوة المتزوجات لأن فيها «خراب بيوت». وكشفت عضو مجلس محافظة الأنبار، رئيسة منظمات المجتمع المدني، رابعة محمد النايل، أنّ «عدد الأرامل والمطلّقات والعوانس ممّن تجاوزن سنّ الخامسة والأربعين بلغ 130 ألفاً في الأنبار وحدها». وكانت رئيسة مكتب منظمات المجتمع المدني في العراق فائزة العبيدي، قد اعترفت بأن «آخر إحصائية دولية تشير إلى أن عدد الأرامل في العراق وصل إلى 3 ملايين و16 ألف أرملة».
رقم قابل للزيادة، بسبب الأوضاع الحالية في المحافظة، من بطالة وعنف وهجرة الشباب وتكاليف الزواج الباهظة، وخصوصاً أنّ «هجرة الشباب إلى خارج العراق، ومقتل واعتقال عدد كبير منهم، والأزمة الماليّة التي يعانونها مع ارتفاع معدلات البطالة، زادت من خطورة المشكلة».
غير أنّ الحل الذي اقترحته النايل يبدو حكراً على الأشخاص الميسورين، فهي تدعو «الرجال إلى المساعدة في التخفيف من حدّة الظاهرة، عن طريق الزواج بأكثر من امرأة، للحفاظ على النسيج الاجتماعي من التفكك».
في المقابل، تعارض عضو مجلس محافظة الأنبار، المهندسة إيمان موسى حمادي، دعوات «الزوجة الثانية»، لأنها قد تحل مشكلة واحدة، غير أنها ستخلق مشاكل أسرية عدة في المستقبل».
وفي السياق، شددت النائبة الفائزة عن القائمة «العراقية»ميسون الدملوجي، لـ«الأخبار»، على معارضتها لهذه الفكرة، «لأنها تقدم حلولاً فوقية، فيما تخلق مشاكل أكبر في المستقبل، لأن الرجل يجد حالياً صعوبة في توفير العيش الكريم لعائلة صغيرة، فكيف سيكون الأمر مع تضاعف العدد؟».
من جهتها، تقول الناشطة في مجال حقوق المرأة، الدكتورة ابتسام العاني، إنّ البعض فسّر الدعوة الأخيرة لعدد من الناشطات النسويات إلى تعدّد الزوجات، على أنها «محاولة لجذب الانتباه نحو شريحة واسعة مضطهدة غير مسموعة الصوت في المجتمع، وهي شريحة الأرامل أو المطلقات والعوانس، غير أنها دعوة حقيقيّة لمعالجة مشكلة لا يمكن السياسيين من الرجال الشعور بها أو تلمّسها، لأنّ النسوة فقط هنّ من يشعرن بها».
وعن رفض البعض فكرة الحثّ على تعدّد الزوجات، تجزم العاني بأنّ «معارضة البعض للفكرة لا تهمّنا، لأننا سنمضي قدماً، وقد حققنا خطوات ممتازة، وهناك 14 حالة زواج في أسبوع واحد في الأنبار، لرجال متزوجين، تقدموا للزواج بأرامل ومطلقات، ومعنى هذا تكوين 14 عائلة جديدة».
غير أنّ الإعلاميّة روز البياتي (32 سنة)، التي تصف نفسها بـ«العانس»، ترى أن الأمر مثير للشك والريبة، من ناحية «الزوجة الثانية أو الرابعة»، إلا أنها تؤكد ضرورة رعاية الأرامل والمطلقات، لأنّ مجتمعنا «الذكوري» لا يرحمهنّ، لكن ما يدعو إلى الاستغراب هو تخصيص زواجهنّ برجال متزوّجين، بحجة مساعدتهنّ، بينما هناك جيوش من الشبان العازبين الذين يتوقون إلى إيجاد فرصة زواج. وتتساءل روز، رداً على سؤال لـ«الأخبار»، «لماذا يُعطى المتزوج بثلاث نساء أربعة آلاف دولار ليتزوج بالرابعة، فيما لا يُعطى هذا المبلغ لاثنين من الشبان ليتزوجا بأرملتين أو مطلّقتين، رغم أنّ هذا المبلغ لا يكفي إلا لبعض الأثاث، أو استئجار مسكن متواضع لعدة أشهر؟».
وتوضح روز أنّ هذه الفكرة نسخة محرَّفة عما كان متّبعاً في النظام السابق، وخصوصاً في أثناء الحرب العراقية ـــــ الإيرانية، حين كانت الحكومة تتكفل بنفقات زواج زوجة الشهيد، مع منحة للزوج تعينه على توفير الحياة المناسبة لزوجته، ولأبنائها إن كان لها أبناء، ولا يوجد شرط أن تكون زوجة ثانية لرجل متزوج.
وعن المبرّر «الشرعي» لدعوة تعدد الزوجات، الذي يفيد بأنّ الدين الإسلامي يسمح به، ترى نورا العاني (30 سنة) أنه «كان عليهم قبل كل شيء أن يطبقوا الشريعة الإسلامية في نبذ العنف وتأكيد حسن المعاملة من قبل حمايات المسؤولين مع المواطنين، لا أن تطبق الشريعة فقط في تعدد الزوجات وخراب بيوتنا».
يُذكَر أنّ وكالات دولية تركّز، في جميع تقاريرها، على الأوضاع المعيشية والإنسانية الصعبة التي تعيشها أرامل العراق، بدليل أنّ اللجنة الدولية للصليب الأحمر جزمت بأنّ الاحتلال، وما يرافقه من صراعات دموية في البلاد، خلّف نحو ثلاثة ملايين أسرة تعيلها النساء.


195 ألف زواج سرّيوكشفت إحصائيات قام بها مجلس القضاء الأعلى، عن وجود أكثر من 194919 حالة زواج حصلت في العراق خلال السنوات الأخيرة خارج المحاكم، أي من دون عقد زواج رسمي يحفظ حقوق الطرفين، وخصوصاً الزوجة التي لا تملك دليلاً على حصول القران. إضافة الى ذلك، تنتشر ظاهرة الزواج المؤقت، أو «زواج المتعة»، وهو ما اعتبرته «رابطة المرأة العراقية» مشكلة أخرى، ضحيّتها أحياناً «أولاد بلا هويّة».